النحو

تعريف البدل وأقسامه

في هذه المقالة سنتعلم درساً جديداً من بحث التوابع، وهو البدل، ينمر على تعريف البدل، ثم أقسام البدل لنتحدث عنها بالتفصيل، وفي النهاية سنعرج على بعض الفوائد الخاصة ببحث البدل.

تعريف البدل

هو التابع المقصود بالنسبة دون واسطة، مثل: (قدم معلِّمُك سالمٌ)، فـ (سالم) بدل من (المعلم)، وهو الذي نُسِبَ إليه المجيء، فهو إذاً يخالف النعت والتوكيد وعطف البيان؛ لأنها ليست مقصودة بذاتها، ويخالف العطف بالحرف؛ لأنه (أي العطف) تابع بواسطة حرف العطف، فكلمة (المعلم) ليست هي المقصودة بالذات؛ إنما هي توطئة وتمهيد لـ (سالم)، وهو يتبع المبدل منه في إعرابه فقط.

أقسام البدل

البدل أربعة أقسام: بدل كل من كل، بدل بعض من كل، بدل اشتمال، بدل مباين.

١ –بدل كل من كل (البدل المطابق): هو أن يكون البدل نفس المبدل منه أو طبق معناه، مثل (سرني أخوكَ خالدٌ)، فخالد هو أخوك عينه، وكقوله تعالى: {اهدنا الصراطَ المستقيمَ * صراطَ الذين أنعمت عليهم}، فالصراط المستقيم وصراط المنعم عليهم متطابقان معنى؛ لأنهما يدلان على معنى واحد.

٢ –بدل بعض من كل: وهو أن يكون البدل جزءاً من المبدل منه، مثل (أكلت الرغيفَ ثُلُثَهُ)، و(أعربْتُ البيتَ نصفَهُ).

وثمة نوع آخر من البدل يدعوه بعضهم بدل التفصيل، ويلحقه آخرون ببدل البعض من الكل: وهو أن تذكر شيئاً ما مثنىً أو مجموعاً ثم تفصل ما هو ذلك المثنى أو المجموع مثل قول الشاعر:

أثلاثة تشرق الدنيا ببهجتها * شمسُ الضحى وأبو إسحاق والقمرُ

فـ (شمس) بدل من كلمة (ثلاثة) التي هي مبتدأ، ويلحق بذلك ما كان المبدل منه اسماً مبهماً يشتمل على أنواع متعددة، كقول أبي العلاء المعري:

ألا في سبيل المجد ما أنا فاعل * عفاف وإقدام وحزم ونائل

اقرأ أيضاً:  الفرق بين النكرة المحضة وغير المحضة، والنكرة المقصودة وغير المقصودة

فـ (عفاف) بدل من الاسم المبهم (ما).

٣ –بدل الاشتمال: هو البدل الدال على معنى من المعاني التي يشتمل عليها متبوعه شريطة أن لا يكون جزءاً منه، نحو: (نفعني الأستاذُ علمُهُ) فـ (علم) من الأمور أو المعاني التي يشتمل عليها الأستاذ، ولا بد لبدل البعض من الكل وبدل الاشتمال من ضمير يربطهما بالمبدل منه، نحو: (سرني الخطيبُ كلامُهُ)، وقد يكون الضمير مقدراً كما في قوله تعالى: {قُتِلَ أصحابُ الأخدودِ * النارِ ذاتِ الوقودِ}، والتقدير: النارِ ذاتِ الوقودِ فيه، أي في الأخدودِ، فالنار بدل من الأخدود، وهو بدل اشتمال؛ لأن الأخدود يشتمل على النار.

٤ –البدل المباين: هو بدل الشيء مما يباينه، فلا هو نفسه بالذات، ولا هو جزء منه، ولا مما يشتمل عليه، إنما هو شيء مغاير له، نحو: (اشترى خالد قلماً كتاباً)، فـ (كتاباً) بدل مباين من (قلماً) والمقصود هو البدل فقط، وإنما غلط المتكلم فذكر القلم.

وهو ثلاثة أنواع: بدل الغلط، وبدل النسيان، وبدل الإضراب.

أ –بدل الغلط: هو إذا لم يكن المبدل منه هو المقصود كالمثال السابق، وهو يتعلق بغلط اللسان.

ب –بدل النسيان: هو كبدل الغلط تماماً، لكن منشأه العقل، فإذا قلتَ مثلاً: (عمري ثلاثون عاماً) ثم بدا لك بعد تفكير أنك سهوت فتقول (أربعون عاماً)، وهو يتعلق بالعقل.

ج –بدل الإضراب: هو كالنوعين السابقين، ولكنك لم تغلط ولم تسهو كما سبق بل أردت شيئاً ثم عدل رأيك عنه إلى غيره، فإذا قلت للطالب (احضر الساعةَ الرابعةَ) ثم أضربت عن الأمر لحضوره في الرابعة إلى الخامسة فأردفت بكلمة الخامسة.

والبدل المباين بأقسامه الثلاثة لا يقع في كلام البلغاء، وإنما تستعمل (بل) العاطفة ولا يكون هناك بدل ولا مبدل منه فتقول (اشتريت قلماً بل دفتراً).

اقرأ أيضاً:  الفرق بين المصدر واسم المصدر

فوائد عن البدل

١ –قد يأتي بدل البعض وليس معه ضمير مذكور، ولا مقدر، مثل: (ما جاءني أحدٌ إلا عليٌّ) فـ علي بدل بعض من أحد.

٢ –إذا أبدل اسمٌ من اسمِ استفهامٍ أو اسم شرط وجب ذكر همزة الاستفهام أو إن الشرطية مع البدل، مثال الأول: (كم كتبُك؟ أثلاثون أم أربعون؟)، (من جاءك؟ أعلي أم سالم؟)، (ما صنعت؟ أخيراً أم شراً).

ومثال الثاني: (من يجتهدْ إنْ علي وإنْ خالد فأَكْرِمْهُ)، (ما تصنعْ إنْ خيراً وإنْ شراً تُجْزَ به).

٣ –لا يشترط تطابق البدل والمبدل في التعريف والتنكير، فلك أن تبدل أيهما شئت من الآخر، فتبدل المعرفة من المعرفة، مثل (جاء خالد أخوك)، أم المعرفة من النكرة، مثل (الفعل قسمان: الجامد والمشتق)، أو النكرة من المعرفة، بشرط أن تكون النكرة موصوفة، مثل (مررت بخالد رجلٍ عالمٍ).

٤ –يبدل الظاهر من الظاهر كما رأيت، ولا يبدل المضمر من المضمر، ويرى بعضهم جواز ذلك إذا كانا في محل نصب مثل (رأيته إياه)، ويراه آخرون توكيداً، وهو الأصح، ولا يبدل المضمر من الظاهر، فلا يقال: (رأيت أخاك إياه)، ويرى ابن هشام أن هذا من وضع النحويين والواقع أنه توكيد للاسم قبله.

٥ –يمكن أن يبدل الظاهر من المضمر خاصة إذا تضمن معنى الإحاطة والشمول، مثل (خذوا هذا لكم ثلاثتِكُم)، و(قد غمرتنا بفضلك كبيرنا وصغيرنا)، (كبير) بدل من الضمير (نا) في (غمرتنا)، ومنه قول حسان بن ثابت:

بلغنا السماء مجدُنا وجدودُنا * وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا

فأبدل (مجدنا) من (نا) في (بلغنا) وهو بدل اشتمال.

وبعضهم يبدل الظاهر من ضمير الغائب فقط، كقوله تعالى: {وأسروا النجوى الذين ظلموا} فأبدل الذين من الواو التي هي ضمير الفاعل.

اقرأ أيضاً:  الضمير المستتر وجوباً وجوازاً

٦ –يبدل كل من الاسم والفعل والجملة من مثله، فقد مر إبدال الاسم، وإبدال الفعل من الفعل، مثل:

متى تأتِنا تلممْ بنا في ديارِنا * تجدْ حَطَباً جَزْلاً وناراً تأَجَّجا

إنَّ عَلَيَّ اللهَّ أن تُبايعا * تُؤْخَذَ كَرْهاً أو تجيءَ طائعا

فجملة (تلمم بنا) بدل من جملة (تأتنا) كما أن جملة (تؤخذ كرهاً) بدل من جملة (تبايعا).

وتبدل الجملة من الجملة إذا اتحدتا في الاسمية والفعلية، مثل قوله تعالى: {أمدكم بما تعلمون * أمدكم بأموال وبنين}، فأبدل الثانية (أمدكم) من الأولى (أمدكم)، وقوله عز وجل {فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم} جملة (قال) بدل من جملة (وسوس).

٧ –جاء في بعض الأمثلة إبدال الكل من البعض، نحو قوله تعالى: {يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئاً * جنات عدن}، فـ (جنات) بدل من (جنة) فهو بدل كل من بعض.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى