النحو

المفعول به: تعريفه وأنواعه وحذفه ورتبته وحالات تقديمه وتأخيره

هو الاسم الذي وقع عليه فعل الفاعل إثباتاً أو نفياً، ولم تتغير لأجله صورة الفاعل نحو: (شكرْتُ المعلِّمَ)، و (ما ضربْتُ الطَّالبَ).

وحُكْمُهُ من الإعراب النصب.

أنواع المفعول به

١ –اسم ظاهر: كما في الأمثلة السابقة.

٢ –ضمير متصل: كالهاء وإياك، نحو: (قابلته)، ونحو قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} وهو في النوعين يسمى صريحاً.

٣ –مصدراً مؤولاً: يكون:

  • مؤولاً، أي حاصلاً من: سَبْكِ حرفٍ مصدري مع ما بعده، نحو: (أريد أن تنجحَ) والتقدير بعد سبك المصدر من أن والفعل: (أريد نجاحك) فالمصدر المؤول من أن وما بعدها في محل نصب مفعول به.
  • أو مؤولاً دون حرف مصدري، نحو: (ظننتك تناضل) والتأويل (مناضلاً).

 والفعل المتعدي هو الذي ينصب المفعول به، وقد تتعدى بعض الأفعال لأكثر من مفعول واحد فتنصب مفعولين أو ثلاثة مفاعيل، نحو: (أعطيت التلميذ جائزة)، و (ظننت الفحص سهلاً) و (أخبرت المعلم الطالب مقصراً).

وعامل النصب في المفعول به هو:

  • الفعل المتعدي والوصف المشتق من الفعل المتعدي كـ (اسم الفاعل، وأمثلة المبالغة)، نحو: (إنَّ الطالبَ شاكرٌ أستاذَهُ) فأستاذه مفعول به لاسم الفاعل ” شاكر” المشتق من الفعل المتعدي “شكر”.
  • ومصدره، نحو: (يسرّني شكرُ الطالبِ أستاذَهُ).
  • و(أفعل) التعجب، نحو: (ما أكرمَ الجهادَ) الجهاد: مفعول به منصوب.
  • واسم الفعل المتعدي: أي اسم الفعل المتضمن معنى الفعل المتعدي نحو: (عليكُمْ أنفسَكُمْ)، أي “الزموا أنفسَكم”، فأنفسكم مفعول به لاسم الفعل عليكم.

حذف المفعول به

١ -وقد يحذف المفعول به إذا دلًت عليه قرينته كقوله تعالى: {وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوا: مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا خَيراً} فـ “خيراً” ليست مفعولاً به لقالوا بل هي مفعول به لفعل مفهوم من سياق الكلام، فالآية قبلها “ماذا أنزل ربكم؟ قالوا خيراً” أي “أنزل خيراً”.

٢ -وقد يُحذف أيضاً طلباً للاختصار نحو: (يغفر اللهُ لمن يشاء) أي يغفر الذنوبَ.

رتبة المفعول به

الأصل في رتبة المفعول به أن يؤخَّرَ عن الفاعل إذا لم يكن هناك داعٍ إلى تقديمه، ويجوز تقديم المفعول على الفاعل، أو على الفعل، نحو: (أكلَ خالدٌ تفَّاحةً) و (أكلَ تفَّاحةً خالدٌ) و (تفَّاحةً أكلَ خالدٌ).

ويجوز أن تدخل عليه اللام الجارّة، زائدة لا متعلّق لها، وإنما هي لمجرد التأكيد وتسمى لامَ التقوية، نحو قوله تعالى: {هُدىً وَرَحْمَةً لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ} ونحو: (أنتَ نفَّاعٌ لمن تشاءُ).

حالات تقدم المفعول به على الفاعل وجوباً

يتقدم المفعول به على الفاعل وجوباً في الحالات الآتية:

  • إذا حُصِرَ الفاعلُ، نحو: (ما قهرَ العدوَّ إلَّا الجيشُ). فالعدو: مفعول به مقدم.
  • إذا كان المفعول به ضميراً متصلاً، والفاعل اسماً ظاهراً، نحو: (سرّني صفحُكَ عنِ المذنبِ). فالياء في سرني في ملح نصب مفعول به مقدم.
  • إذا اتصل بالفاعل ضمير المفعول به، نحو: (أخذَ القوسَ باريها). فالقوس: مفعول به مقدم.
اقرأ أيضاً:  الفرق بين المصدر واسم المصدر

حالات تقدم المفعول به على الفعل والفاعل وجوباً

يتقدّم المفعول على الفعل والفاعل معاً وجوباً في موضعين:

١ -إذا كان ضميراً منفصلاً، كقوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} وهو بذلك يفيد الحصر. إياك: في محل نصب مفعول به.

٢ -وكذلك يتقدم وجوباً إذا كان من الأسماء التي لها صدر الكلام، مثل:

  • أسماء الشرط وما أضيف إليها، نحو: (أياً تحترمُ أحترم)، (كتابَ أي عالم تقرأ تستفد).
  • أسماء الاستفهام وما أضيف إليها، نحو: (مَنْ شكرْتَ)، (كتابَ مَنْ قرأت؟).
  • وكذلك إذا كان المفعول به (كم وكأيّن) الخبريتين أو ما أضيف إلى كم الخبرية، نحو: (كم رجلْ عَلَّمْتَ)، (كتابَ كمْ عالمٍ قرأتَ؟)، (كأيٍّ مِنْ أستاذٍ صادفتُ).

حذف عامل المفعول به

١ -قد يحذف عامل المفعول به فعلاً كان أو مصدراً أو غير ذلك، وحذفه:

  • إما سماعاً فلا يقاس عليه كما في قولك: (أهلاً وسهلاً). فكلاهما مفعول به لفعل محذوف تقديره في الأول (أتيت أهلاً) وتقديره في الثاني (وطئت سهلاً).

وفيما ورد سماعاً من الأمثال ونحوها، كقولهم: (الكلبَ على الخنزيرِ) أي (أرسلِ الكلبَ على الخنزير) وقولهم: (كلَّ شيءٍ ولا شتيمةَ حرٍّ) أي (افعلْ كلَّ شيءٍ ولا تأتِ شتيمةَ حرٍّ)، وقولهم: (أمرَ مُبْكِيَاتِكَ ولا أمرَ مُضْحِكَاتِكَ) أي (أطعْ أمرَ مبكياتك ولا تُطِعْ أمر مضحكاتك).

  • قياساً، وذلك إما جوازاً أو وجوباً:
  • جوازاً في جواب الاستفهام جواباً للسّائل (مَنْ أكرمْتَ فتجيبُ: المعلمَ).
  • وجوباً في باب الاشتغال والنداء والاختصار.

٢ -قد يستغنى عن المفعول به لعدم اهتمام المتحدث به فلا يُذْكَرُ ولا يُقَدَّرُ، كقوله تعالى: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ، إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} فالمراد هنا تفضيل العالم مطلقاً على الجاهل مطلقاً.

أحكام

-إذا كان الفعل يَنْصِبُ أكثر من مفعول واحد: فإذا كان المفعولان أصلهما مبتدأ وخبر، مثل: (وجدْتُ الاجتهادَ نافعاً) يُقَدَّمُ ما كان في الأصل مبتدأً على المنصوب الثاني، وأما إذا كان المنصوبان ليس أصلهما مبتدأً وخبراً قُدِّمَ الاسم الذي تضمَّن معنى الفاعلية، مثل: (منحْتُ السَّابقَ جائزةً) فالسابق هو الآخذ، وهو بذلك أحق بالتقديم.

-إذا أُمِنَ اللَّبْسُ: كما قلنا جاز تقديم المفعول الثاني على الأول، فجائز أن نقول: (منحْتُ جائزةً السّابقَ).

وإذا كان من المحتمل أن يقع التباس من التقديم لزم أن يقدم ما حقه التقديم فقط كما يتّضح ذلك فيما يلي:

اقرأ أيضاً:  ما العامل النحوي؟ وما العوامل الأصلية والفرعية؟

أولاً: إذا قلت: (ظنَّ الأستاذُ أخي أبي) فالمظنون هو الأخ حتماً وليس الأب، لأنك لو لم تقدم ما حقه التقديم في هذا المثال لالتبس الأمر واختلط.

ثانياً: أن يكون المفعول الأول ضميراً والثاني اسماً ظاهراً، كقولك: (المَجْدَ وجدتُهُ شهياً).

ثالثاً: أن يشتمل المفعول على ضمير يعود إلى الثاني فيجب في هذه الحالة تقديم الثاني لئلا يعود الضمير على متأخر عنه لفظاً ورتبةً (إذ المفروض في الضمير أن يعود على ما قبله ما عدا ضمير الشأن) نحو: (منحتُ القوسَ باريَها).

رابعاً: أن يُحْصَرَ الفعل في أحدهما فيجب تقديم الآخر أياً كان مثل: (ما منحْتُ الطَّالبَ جائزةً)، (ما منحت جائزةً إلَّا الطالبَ).

فوائد عن المفعول به

١ -علامة الفعل المتعدي إلى مفعولين فأكثر أمران: أولهما صحة اتصاله بضمير الهاء، والثاني أن يصاغ منه اسم مفعول تام نحو (شكرَ) تستطيع أن تقول (شكرته) وتقول (هو مشكور)، والفعل (أتى) تقول: أتيته وهو مأتيٌّ بخلاف (جلس) فلا يقال (جلستُهُ)، كما لا يقال مجلوس، شريطة ألا تعود الهاء على مصدر؛ لأن الهاء العائدة إلى المصدر يجوز دخولها على اللازم والمتعدّي تقول: (هذه جلسةٌ جلسَهَا الأميرُ).

٢ -من المفعول به غير الصريح أن يكون الفعل اللازم متعدياً إلى المفعول بواسطة حرف الجر، فتقول (مررْتُ بالدَّارِ)، وقد يسقط حرف الجر فينصب الاسم المجرور ويقال فيه (أنه منصوب بنزع الخافض) فتقول: (مررْتُ الدَّارَ)، ومنه قول الشاعر:

تمُرُّونَ الدِّيارَ ولمْ تعوجوا * كلامُكُم عليَّ إذنْ حرامُ

٣ -إذا كان المفعول تابعاً لجواب (أمَّا) فيجب تقديمه على عامل الفعل، إذا كان لا فاصل بين (أمَّا) والجواب كقوله تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ}.

٤ -أفعال القلوب التي تنصب مفعولين يجوز فيها حذف المفعولين معاً، أو حذف أحدهما لدليل، كقول عنترة وقد حذف أحد المفعولين:

ولقدْ نزلْتِ فلا تظنِّي غيرَهُ * مِنِّي بمنزلةِ المحبِّ المكرَمِ

أي (فلا تظني غيره حاصل)، وكقوله تعالى حيث حُذِفَ المفعولان: {وَيَومَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَينَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} أي (تزعمونهم شركائي).

٥ -إذا خُشي الالتباس والوقوع في الخطأ لعدم وجود قرينة فيجب تقديم الفاعل، نحو: (شاهدَ موسى عيسى) و(سبق ابني أخي) و(شكر هذا ذاك)، وإذا وجدت القرينة التي تميز الفاعل من المفعول به جاز تقديم المفعول به على الفاعل، كقولك: (أكرمَتْ عيسى سلمى) فوجود تاء التأنيث قرينة على أن الفاعل هو (سلمى) فانعدم الالتباس والخفاء.

اقرأ أيضاً:  ما الفرق بين ما وماذا الاستفهاميتان؟

٦ -الصفة المشبهة ترفع معمولها على أنه فاعل لها، نحو:(خالد حسنٌ لفظُهُ) فـ (لفظُ) فاعل للصفة المشبهة (حسنٌ). غير أنه قد يُنْصَبُ هذا المعمول على أنه (شبه مفعول به) تقول: (خالدٌ حسنٌ خلقُهُ)، يجعل فاعل (حسن) ضميراً مستتراً فيه يعود على خالد، أي (حسنٌ هو) ويكون (خلقهُ) شبه مفعول به، ذلك لأن الصفة المشبهة تشتق من اللازم لا من المتعدي ولهذا تعذر اعتبار هذا المنصوب مفعولاً به، ولم يجز اعتباره تمييزاً؛ لأن التمييز نكرة، وهذا معرفة بإضافته إلى الضمير.

شواهدُ مفسَّرةٌ

-جاء في الأمثال (من يسمعْ يخَلْ) أي من يسمع شيئاً يخل ما سمعه حقاً.

والشاهد فيه: جواز حذف مفعول أو مفعولي الفعل المتعدي إذا أُمِنَ اللبس والابهام وهو كثير في الأمثال.

-قال أبو الأسود الدؤلي:

جزى ربَّه عني عديَّ بن حاتمٍ * جزاءَ الكلابِ العادياتِ وقد فعلْ

الشاهد فيه: أنه أصر على تقديم الفاعل (رب) على الرغم من اتصاله بضمير يعود على المفعول به (عديّ) الذي هو بعده، وهذا لا يجوز في الضمائر؛ لأنها إنما تعود على ما قبلها، وفعل ذلك لضرورة الشعر وهي مستقبحة، وهي في النثر أكثر قبحاً، ومثله قول الشاعر:

ولو أنَّ مجداً أخلدَ الدهرَ واحداً * من النَّاسِ أبقى مجدُهُ الدَّهرَ مطعِما

فالضمير في (مجدُهُ) يعود على (مطعما) فلا يجوز هنا تقديم الفاعل.

وكقول الشاعر:

كسا حلمُهُ ذا الحلمِ أثوابَ سؤددٍ * ورقَّى نداهُ ذا الندى في ذُرا المجدِ

الضمير في (حلمه، ونداه) يعودان على (ذا الحلم، وذا الندى)، ولا يجوز في الموضعين تقديم الفاعل. وقول آخر:

جزى بنوهُ أبا الغيلان عن كبَرٍ * وحُسْنِ فعلٍ كما يُجزي سِنّمارُ

فالهاء في (بنوه) تعود على (أبا الغيلان) وهذا لا يجوز؛ لأن الضمير في (بنوه) عاد على ما بعده.

-أجاز بعض النحاة تقديم الفاعل أو المفعول به، أياً كان المحصور فيه الفعل، إذا كان الحصر بـ (إلا) فمن تقديم المفعول المحصور بإلا قول الشاعر:

ولما أبى إلَّا جماحاً فؤادُهُ * ولم يسلُ عن ليلى بمالٍ ولا أهلِ

وقول الآخر:

تزودت من ليلى بتكليمِ ساعةٍ * فما ذا إلا ضعف ما بي كلامُها

ومن تقديم الفاعل المحصور بإلا قول الشاعر:

ما عابَ إلَّا لئيمٌ فعلَ ذي كرمٍ * ولا جفا قطٌ إلَّا جبَّأٌ بطلا

وقول الآخر:

فلم يدر إلا الله ما هيَّجت لنا * عشيّةَ آناءِ الديار وِشَامها

والوِشام: مفردها وشيمة، وهي العداوة والشرّ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى