الخبر في اللغة العربية: أنواعه وتقديمه وتأخيره وحذفه
هو الجزء الثاني من الجملة الاسمية، والمتمم لمعناها وفائدتها.
أنواع الخبر
١ –الخبر الاسم: يأتي الخبر اسماً، نحو: قائدُنا عظيمٌ، وينبغي أن يكون هذا الاسم صفةً مشتقةً (اسم الفاعل، واسم المفعول، والصفة المشبهة، واسم التفضيل)، وأما اسم الآلة، والزمان، والمكان فليست صفات مشتقة.
ويجوز أن يكون اسماً جامداً مؤول بمشتق، نحو: عليٌّ أسدٌ، أي شجاع، وخالد دمشقي، أي منتسب إلى دمشق، وسالم ذو مال، أي صاحب مال، كما يكون الخبر جامداً صرفاً، نحو: هذا حجر.
وقد يتعدد الخبر فتقول: خالد مجدٌ مخلصٌ ماهرٌ. وجاء في القرآن الكريم: {وَهُوَ الغَفُورُ الْوَدُودُ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ، فَعَّالٌ لِمَا يُرِيْدُ}.
٢ –الخبر الجملة: ويكون الخبر جملة فعلية، نحو: المخلص يصبر. أو جملة اسمية، نحو: خالدٌ ضميره نظيفٌ.
ويشترط في الجملة أن تضم رابطاً يربطها بالمبتدأ، كالضمير مثلاً كما مُثِّل، أو ضميراً معنوياً، نحو: السمن أقَّتان بدينار؛ أي أقتان منه بدينار. ومنه قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} أي مأواه.
أو كان في الجملة إشارة إلى مبتدأ، نحو قوله تعالى: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيرٌ}، أو إعادة لفظ المبتدأ، كقوله تعالى: {الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ}، أو كان في الجملة كلمة أعم من المبتدأ يدخل فيها، مثل: خالد نِعْمَ الرجلُ.
٣ –الخبر شبه جملة: يكون الخبر شبه جملة: ظرفاً أو جاراً ومجروراً، فالظرف، نحو: الجنة تحت ظلال السيوف، والجار والمجرور، نحو: النضال في الأعمال لا في الأقوال.
والخبر هو متعلق الجار والجرور، أو الظرف ولك أن تقدره فعلاً، أو اسم فاعل.
ويخبر بظروف المكان عن المبتدأ سواء أكان اسم ذات أو اسم معنى، مثل: النجاح أمامَك، أو الكتاب فوق الكرسي.
أما ظرف الزمان فيخبر بها عن المبتدأ إذا كان للاسم معنى، مثل: (النجاح غداً) إلا إذا كان في الإخبار بها عن أسماء الذات فائدة فيجوز، نحو: اليوم خمرٌ، وغداً أمرٌ. فلقد أُخبر بظرف الزمان عن اسم الذات (خمر) ويقصد بذلك: اليوم سُكْرٌ.
حذف الخبر
يجوز حذف الخبر إن دلّ عيه دليل، نحو: خرجت فإذا المعلم أي فإذا المعلم واقفٌ، وتقول: من وفيٌّ؟ فيقال لك: خالد، والتقدير: خالد وفيٌّ، ومنه قوله تعالى: {أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا} أي وظلها دائم.
تقديم المبتدأ والخبر
الأصل في المبتدأ أن يتقدم على الخبر، نحو: الطائرُ محلِّقٌ، ولكن يجوز تقديم الخبر على المبتدأ فتقول: محلِّقٌ الطائرُ، في المدرسة أخوك، حلبيٌ أنا.
إلا أنه ثمة أربعة مواضع يصبح فيها تقديم المبتدأ واجباً، وهي:
١ -إذا كان الخبر فعلاً بحيث إذا تقدم أصبح المبتدأ فاعلاً له، مثل: خالدٌ قام، فلا يجوز أن تقول: (قام خالدٌ) وتعتبر (خالد) مبتدأً بل تعتبره فاعلاً لـ (قامَ).
٢ -إذا كان الخبر منحصراً، كقوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ}، و{إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ}.
٣ -إذا كانت لام الابتداء داخلة على المبتدأ، نحو (لأنت مخلصٌ).
٤ -إذا كان للمبتدأ حق الصدارة كاسم الاستفهام، والشرط، والتعجب، وكم الخبرية، نحو: مَن في دارك؟، مَن يقم فأحسن إليه، ما أجمل السماء!، كم كتاباً عندي.
مواضع تقديم الخبر وجوباً
يجب تقديم الخبر في أربعة مواضع:
١ -إذا كان المبتدأ نكرة لا يجوز الابتداء بها وكان الخبر ظرفاً أو جاراً ومجروراً، نحو: في الدار رجلٌ، وفوق الغصن عصفورٌ.
٢ -إذا لحق المبتدأ ضمير يعود على الخبر نحوك في المدرسة طلابها، فلا يجوز (طلابها في المدرسة).
٣ -إذا كان الخبر من الألفاظ التي لها الصدارة كاسم الاستفهام نحو: أين دارك؟
٤ -إذا كان الخبر مقصوراً على المبتدأ، ومحصوراً بإلّا أو إنّما، نحو: ما الشجاع إلا عليّ، إنّما الشجاع عليّ.
مواضع حذف المبتدأ وجوباً
يحذف المبتدأ وجوباً في أربعة مواضع:
١ -إذا كان الخبر مُشْعِراً بالقسم، نحو: في ذمّتي لأنصرنَّ المظلوم، والتقدير عهد في ذمتي.
٢ -إذا كان الخبر مصدراً نائباً عن فعله، نحو: صبرٌ جميلٌ، والتقدير صبري صبر جميل.
٣ -إذا كان الخبر مخصوص (نِعْمَ) أو (بِئْسَ)، نحو: نِعم القائد صلاح الدين، أي الممدوح صلاح الدين.
٤ -إذا كان الخبر نعتاً مقطوعاً عن منعوته في معرض المدح أو الذم أو الترحم، نحو: تصدَّقْ على الفقيرِ المسكينُ، اقتدِ بعُمَرَ العادلُ، ابتعدْ عن اللئيمِ الخسيسُ، والتقدير: هو المسكين، هو العادل، هو الخسيس.
مواضع حذف الخبر وجوباً
يحذف الخبر وجوباً في أربعة مواضع:
١ -إذا كان المبتدأ قسماً صريحاً، نحو: لعمرُك لأناضلنَّ، وايمنُ الله لأسعفنّ الضعيف، أي لعمرك قسمي، وايمن الله يميني.
٢ -إذا كان المبتدأ بعد لولا الشرطية، كقوله تعالى: {وَلَولَا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} أي لولا دفع الله الناس موجودٌ لفسدت …وذلك إذا كان الخبر يدل على (كون مطلق) أي يكفي في تقديره أن يقال (موجود) وإلا فيجب ذكره كما جاء في الحديث: «لولا قومك حديثو عهد بكفر لبنيت الكعبة على قواعد إبراهيم» ففي هذا المثال لا يمكن الاستغناء عن كلمة (حديثو).
٣ -إذا كان المبتدأ متلوّاً بواو عطف تدل على المصاحبة نحو: كلٌّ وشأنُهُ.
والخبر محذوف وجوباً تقديره متلازمان، كلُّ صانع وما صنع، وتقدير الخبر (مقرونان).
٤ -إذا كان المبتدأ مصدراً مضافاً إلى معموله، أو اسم تفضيل مضافاً إلى المصدر وأغنت عن الخبر حال لا تصلح أن تكون خبراً، نحو: حمدي الطالبَ (مُجِدّاً)، حال من الطالب، أغنت عن الخبر، إذ لا معنى أن تكون خبراً لحمد، ونحو: أعظمُ تقديري المواطنَ مخلصاً.
ويضاف اسم التفضيل إلى المصدر صريحاً أو مؤولاً، فالمؤول، نحو: أعظمُ ما أقدِّرُ المواطنَ مخلصاً.
ويجيز بعض العلماء وقوع الحال التي أغنت عن الخبر جملة، كقول الشاعر:
عهدي بها في الحي قد سربلت * بيضاءَ مثلَ المهرةِ الضَّامرِ
وبعضهم لا يرى مانعاً من أن تكون اسمية فقط كقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أقرب ما يكون العبد إلى ربّه وهو ساجد».
وقول الشاعر:
خير اقترابي من المولى حليفَ رضا * وشرُّ بُعدي عنه وهو غضبانُ
وقد حكى سيبويه عن العرب أنهم يقولون: سمعُ أذني أخاكَ يقول ذلك، وجملة (يقول ذلك) في محل نصب حال أغنت عن الخبر، وقول رؤبة بن العجاج:
ورأيُ عينيَّ الفتى أباكَا * يعطي الجزيل فعليك ذاكا
فجملة (يعطي الجزيل) ومثلها جملة (قد سربلت) في البيت الأسبق في محل نصب حال أغنت عن الخبر.
تطابق المبتدأ والخبر
يتطابق المبتدأ والخبر في التذكير والتأنيث والإفراد والتثنية والجمع فتقول: المجاهدُ محترمٌ والمجاهدة محترمةٌ، والمجاهدان محترمان، والمجاهدون محترمون، والمجاهدات محترماتٌ.
وإذا كان المبتدأ وصفاً (اسم فاعل، أو اسم مفعول، أو صفة مشبهة) معتمد على نفي أو استفهام ولم يطابق موصوفه تثنية وجمعاً فلا يحتاج حينئذٍ إلى خبر، بل يكتفي بالفاعل أو نائبه مرفوعاً، ساداً مسد الخبر، مثل: (ما مخلصٌ الطالبان، أمشكورٌ العاملون)، فالطالبان فاعل لاسم الفاعل مخلص سد مسد الخبر، والعاملون نائب فاعل لاسم المفعول (مشكور) سد مسد الخبر، (ولم يشترط الكوفيون ومنهم الأخفش وجوب تقديم النفي والاستفهام).
فإذا لم يقع الوصف بعد نفي أو استفهام، فلا يجوز فيه هذا الاستعمال، فلا يقال: مجتهدٌ الطالبان. فإذا تطابقا في التثنية والجمع أعرب الوصف خبراً مقدماً وما بعده مبتدأ مؤخراً، مثل: أمجتهدان الطالبان.
وإذا تطابقا في الإفراد جاز فيهما الوجهان: الأول جعل الوصف مبتدأ وأعرب ما بعده فاعلاً أو نائب فاعل سد مسد الخبر، والوجه الثاني هو أن تعرب الوصفَ خبراً مقدماً، وتعرب ما بعده مبتدأً مؤخراً، نحو: أمجتهدٌ أخوك: فإن شئت قلت: مجتهد مبتدأ وأخو فاعل لاسم الفاعل (مجتهد) سد مسد الخبر، وإن شئت قلت: مجتهدٌ خبر مقدم وأخو مبتدأ مؤخر. ومنه قوله تعالى: {أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ}. ومنه قول الشاعر:
أقاطنٌ قوم سلمى أم نوَوْا ظعناً * إن يظعنوا فعجيب عيشُ من قطنا
ومنه قول آخر:
أمنجزٌ أنتم وعداً وثِقْتُ به * أم اقتفيتُمْ جميعاً نهجَ عرقوب
ولا فرق بين أن يكون الاستفهام أو النفي بالحرف أو بغيره كالهمزة، وهل، وكيف، ومَنْ وما (الاستفهامية) وما، وإن، وغير، وليس (في النفي)، نحو: ليس حاضر الطالبان، وغيرُ كسول أبناؤك، وكيف سائرٌ الطالبان. فمع ليس يكون الوصف مرفوعاً ساداً مسد الخبر، كقول الشاعر:
غيرَ لاهٍ عداك فاطرح اللهوَ * ولا تغترر بعارض سلمِ
غير: مبتدأ. لاه: مضاف إليه. عدا: فاعل لاسم الفاعل لاه سد مسد الخبر، والكاف في محل جر بالإضافة.
فوائد
١ -قد يجر المبتدأ بحرف جر زائد (الباء ومِن) أو شبيه بالزائد (ربَّ) فيكون المبتدأ مجروراً لفظاً مرفوعاً محلاً، نحو: بحسبك دينارٌ، وهل من خالق غير الله. (الباء ومِن) يكونان حرفا جر زائدين. فالباء تزاد في حسب، وفاعل كفى ومتصرفاته، وفي صيغة التعجب (أفعِل)، نحو: بحسبك خالدٌ، وكفى بالله شهيداً، أجمِل بالسماء.
ويقول ابن يعيش: وجملة الأمران الباء قد زيدت في مواضع مخصوصة، وذلك مع المبتدأ والخبر، والفاعل والمفعول، وفي خبر ليس وما الحجازية (أي التي تعمل عمل ليس)، فمع المبتدأ في حسبك، نحو: بحسبك أن تفعل الخير. معناه حسبك فعلُ الخير، كقول الشاعر:
بحسبك في القوم أن يعلموا * بأنك فيهم غني مُضِر
وقول شاعر الحماسة:
بحسبك أن قد سُدْتَ أخزم كلها * لكل أناس سادة ودعائم
ونحو: وبينا أنا أمشي إذا بعليٍ مقبلٌ. فعليّ: مبتدأ مجرور بحركة حرف الجر الزائد مرفوع محلاً.
وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الشباب: من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم». روَوْا أن (عليه) جار ومجرور متعلقان بالخبر المقدم، وبالصوم الباء حرف جر زائد. والصوم مبتدأ مجرور لفظاً بحركة حرف الجر الزائد مرفوع محلاً.
ومنهم من قال أن (عليه) اسم فعل أمر، والفاعل ضمير مستتر فيه، وبالصوم مفعول به زادت معه الباء. أما من فتزاد مع المبتدأ بشرطين: الأول أن يتقدمها نفي أو استفهام بهل، وثانيهما أن يكون مَدْخولها نكرة، فأما النفي فكقول النابغة الذبياني:
وقفتُ فيها أصيلاً كي أسائلها * عيَّتْ جواباً وما بالربع من أحد
وقول شاعر الحماسة:
وماليَ من ذنب إليهم علمُهُ * سوى أنني قد قلت يا سرحةُ اسلمي
وقوله تعالى: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ}، {فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ}.
وذهب الكوفيون والأخفش إلى أنه تجوز زيادة (مِنْ) دون شرط.
أما ربَّ فتدخل على المبتدأ إذا كان نكرة موصوفة، وهذا الوصف قد يكون مفرداً وقد يكون جملة إسمية أو فعلية، وقد يكون مذكوراً، وقد يكون مقدراً منوياً.
فمن دخولها على المبتدأ الموصوف بمفرد قول امرئ القيس:
ألا رب يوم صالحٍ لك منهما * ولا سيما يوم بدارة جلجل
ومن دخولها على المبتدأ الموصوف بجملة فعلية قول سويد بن كاهل اليشكري:
ربَّ من أنضجتُ غيظاً قلبَه * قد تمنى لي موتاً لم يُطَعْ
ومِن دخولها على المبتدأ الموصوف بجملة اسمية قول لبيد:
ياربَّ هيجا هي خير من دعة
ومن شواهد دخول ربَّ على النكرة التي حذف وصفها قول هند زوج أبي سفيان بن حرب:
لله عَينَا من رأى * هلكاً كهُلكِ رجاليه
يا ربَّ قائلةٍ غداً * يا لهف أمِّ معاوية
يا ربَّ باكية غداً * في الباكيات وباكية
قد كنت أحذر ما أرى * فاليوم حُقَّ حِذاريه
٢ -يجب تأخير الخبر المقرون بالفاء، نحو: الذي يأتيني فله مكافأة.
٣ -الاسم المفضل الواقع بعد تركيب لاسيما إذا كان مرفوعاً فهو خبر لمبتدأ محذوف وجوباً تقديره هو، نحو: أحب الفواكه ولاسيما التفاح، أي ولا مثل الذي هو التفاح.
٤ -(الفاء الفصيحة) إن بعض المبتدآت يتضمن معنى الشرط فيقترن خبره بالفاء، وتكون زائدة، وتسمى (الفصيحة) وذلك إذا كان المبتدأ نكرة عامة، مثل: كل نعمة فمن الله. أو نكرة موصوفة، أو اسماً موصولاً صلته ظرف أو جملة فعلية، أو اسماً موصوفاً بالاسم الموصول أو بالظرف أو بالجملة الفعلية فإنه يجوز زيادة الفاء في خبره، فالموصول بجملة فعلية مثل: {وَمَا أَصَابَكُمْ يَومَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللهِ}، {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ}.
وأما الموصوف بالظرف فقوله سبحانه: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ} وأما الموصوف بالاسم الموصول فقوله سبحانه: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيسَ عَلَيهِنَّ جُنَاحُ}.
وعلى كل حال فكل مبتدأ حَمَلَ في معناه إشارة ولو بعيدة إلى الشرط جاز في خبره اقترانه بالفاء الزائدة. كقول زينب بنت الطثرية ترثي أخاها يزيد:
يسرُّك مظلوماً ويرضيك ظالماً * وكلُّ الذي حمَّلْتَهُ فهو ظالم
ولو قلت: (الذي يأتيني فله مكافأة)، كانت الفاء هنا زائدة، وكقوله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِالَّليلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوفٌ عَلَيهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}.
وقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}، {وَالَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا}، وإذا دخل شيء من نواسخ الابتداء على المبتدأ الذي اقترن خبره بالفاء أزال الفاء إن لم يكن إنَّ أو أنَّ أو لكن، وإلا فيجوز بقاء الفاء كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوفٌ عَلَيهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}، {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}.
ومع (لكن) كقول الشاعر:
فوالله ما فارقتكم قالياً لكم * ولكنَّ ما يُقضى فسوف يكون
٥ -(ضمير الفصل أو العماد)
هو ضمير رفع منفصل يؤتى به بين المبتدأ والخبر المعرفتين لتمييز الخبر من التابع، نحو: أخوك هو العالم. فإن (العالم) لولا هذا الضمير أمكن أن يظنه السامع صفة لـ (أخوك) فينتظر الخبر فلما جيء به تعينت الخبرية.
وهو يتصرف في التذكير والتأنيث حسب ما قبله، وليس لضمير العماد محل من الإعراب.
٦ -يكون المبتدأ في أول الجملة الابتدائية، نحو: العلمُ مفيدٌ، والجملة الحالية، نحو: خرجت وخالدٌ منطلقٌ، والجملة النّعتية، نحو: رأيت رجلاً ثوبه جديد، والجملة الخبرية، نحو: الظلم مرتعه وخيم، وفي صدر صلة الموصول، نحو: زارني الذي أبوه محترم.
٧ -الخبر المفرد نوعان: خالٍ من الضمير ومتضمن له، مثل: (هذا غلام، وأخوك ذاهب)، فليس في (غلام) ضمير يعود على المبتدأ. أما في (ذاهب) ففيه ضمير مستتر تقديره هو، ولا حاجة بالطبع لذكره عند الإعراب.
٨ -إن (لولا) الشرطية تدخل على:
آ -الاسم الظاهر كقولهم: لولا الكرام لهلك الناس.
ب -الضمير المنفصل كالآية: {لَولَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ}.
ج -أنْ والفعل، نحو: (لولا أن تسيء إلى إخوانك ما عاقبتك) فالمصدر المؤول من أن وما بعدها مبتدأ.
د -أنّ واسمها وخبرها، نحو: (لولا أنه مخلص ما احترمته)، فالمصدر المؤول من أنَّ واسمها وخبرها مبتدأ.
٩ -إذا كان المراد تشبيه المبتدأ بالخبر فيجوز في الخبر أن يطابق المبتدأ في الجنس والعدد تقول: خالدٌ ذئبٌ مفترسٌ، وفاطمة ذئبة مفترسةٌ، ويجوز أن يطابقه في العدد دون الجنس فتقول: خالدٌ ذئبٌ مفترسٌ، وفاطمة ذئب مفترس.
١٠ -إذا اجتمع اسمان موصوفان مبتدأ وخبراً فأَعْرَفُهما أو أَخَصُّهُمَا يعرب مبتدأً، كقولك: (من خالد، وهذا أنا). فخالد في المثال الأول مبتدأ؛ لأنه معرفة و(من) نكرة، و(هذا أنت) هذا المبتدأ؛ لأن اسم الإشارة أعرف من الضمير.
١١ -إذا قلت: (خالد نفسه شريفة) كانت جملة (نفسه شريفة) من المبتدأ والخبر، خبر لخالد فإذا قلت: خالد ابنه نفسه شريفة، فهنا ثلاثة مبتدآت وشريفة خبر للمبتدأ الثالث والجملة الأخيرة خبر للمبتدأ الثاني وهكذا…وأنت تستطيع أن تقول: ابن خالد نفسه شريفة، أو نفس ابن خالد شريفة وهكذا… وأوردنا لك هذا المثال للاطلاع وتدريب الذهن فقط.
١٢ -إن همزة التسوية مصدرية أيضاً كقوله تعالى: {سَوَاءٌ عَلَيهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ…}
المعنى: (سواء عليهم الإنذار وعدمه)، وقوله سبحانه: {سَوَاءٌ عَلَينَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ}، والتقدير سواء علينا جزعنا وصبرنا.