ما العاملة عمل ليس: تعريفها وشروط عملها
في عالم النحو العربي، تتصدر الأدوات النحوية والقواعد مكانة مرموقة في تشكيل البنية اللغوية وتحديد معاني الجمل. من بين هذه الأدوات تبرز “ما العاملة عمل ليس”، والتي يُشار إليها أحياناً بـ”ما الحجازية” نسبة إلى أهل الحجاز الذين استخدموها بشكل مختلف عن بقية العرب. تعد هذه الأداة واحدة من الأمور المثيرة للاهتمام بين النحويين، نظراً لطبيعة عملها المخالفة للقياس النحوي التقليدي. تتناول هذه المقالة بعمق شروط عمل “ما العاملة عمل ليس” وأثرها في الجمل النحوية، مستعرضةً أمثلة وشواهد من القرآن الكريم والشعر العربي لتوضيح كيف يمكن لهذه الأداة أن تكون فعالة في تحسين وضوح المعنى ودقته في اللغة العربية. انضم إلينا في رحلة استكشاف هذا الجزء الفريد من النحو العربي، واكتشف كيف يمكن لتفاصيل دقيقة كهذه أن تشكل لبنات أساسية في فن النحو العربي.
ما هي ما العاملة عمل ليس أو ما الحجازية
ما العاملة عمل ليس وهي مشهورة بين النحويين بأنها ما الحجازية؛ لأن عملها مخالف للقياس لديهم، فهي حرف غير مختص؛ تدخل ما العاملة عمل ليس على الجملة الاسمية والفعلية، ولذلك يجب أن تكون مهملة غير عاملة بحسب القواعد التي وضعوها، إلا أنهم وجدوا أن لهجة الحجازيين تخالف هذا القياس في آيتين من القرآن الكريم، وبعض الشواهد من الشعر، فوضعوا لإعمالها شروطاً.
شروط عمل ما العاملة عمل ليس
١ -ألا يتقدم خبرها على اسمها: فإن تقدم بطل عملها، قال تعالى: {وقلْن حاش لله ما هذا بشراً} وقال تعالى: {ما هُنّ أمهاتِهم}. عملت (ما) في هاتين الآيتين، ولما كان القرآن الكريم قد نزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم وهو من قريش، سمّوها ما الحجازية.
وتقول: ما مسافرٌ أخوك، وما سهلٌ أمرُك. وقالوا: (ما مسيءٌ مَن أعتب). لمّا تقدم خبرها على اسمها بطل عملها، فارتفع الخبر المتقدم والمبتدأ المتأخر.
ويجوز أن يتقدم معمول الخبر إن كان المعمول شبه جملة. تقول: ما في واجبك أنت مقصراً. أمّا إذا كان معمول الخبر ليس شبه جملة وكان متقدماً فإن عملها يبطل.
قال مزاحم العُقيلي:
وقالوا تعرفْها المنازل من مِنى * وما كلَّ مَنْ وافى مِنى أنا عارفُ
فقد تقدم معمول الخبر (كلّ) على المبتدأ، فبطل عمل (ما)، وارتفع ما بعدها مبتدأً وخبراً.
٢ -ألا ينتقض نفيها بـ (إلّا) قال تعالى: {ما محمد إلا رسول قد خلتْ منْ قبلِهِ الرُسُل}.
وقال تعالى: {ما أنتم إلا بشرٌ مِثْلُنا}.
وسبب ذلك أن (ما) عملت؛ لأنها تشبه (ليس) في معنى النفي، فلمّا انتقض النفي بطل عملها؛ لأن سبب الإعمال، وهو معنى النفي، قد زال من الجملة.
٣ -ألا تقعَ بعدها (إن) الزائدة: قال الشاعر:
بَني غُدانَةَ مَا إنْ أنتُمُ ذَهَبٌ * ولا صريفٌ ولكنْ أنتمُ الخَزَفُ
فقد أُهملت عندما زِيْدَتْ بعدها (إنْ).
ويتضح مما مرَّ أن عملها ضعيف، ولذلك يحسن إهمالها إذا لم يكن عملها ظاهراً، ومن ذلك جرّ خبرها بالباء الزائدة، أو حذفه لأنه كون عام. قال الفرزدق:
لَعَمْرِكَ مَا مَعْنٌ بِتَاركِ حَقِّه * ولا مُنْسِئٌ مَعْنٌ ولا مُتَيَسِّرُ
والدليل على أنها مهملة أن الشاعر لما عطف على الخبر (بتارك) عطف عليه الاسم مرفوعاً (ولا منسئٌ).
خاتمة
في ختام هذه الرحلة عبر أروقة النحو العربي، نكون قد ألقينا نظرة عميقة على “ما العاملة عمل ليس”، وكيف استخدمها العرب في تراثهم اللغوي الغني. إن فهم هذه الأداة النحوية وأحكامها، وشروط عملها، لا يعزز فقط تقديرنا لجمال اللغة العربية وتاريخها، بل يفتح لنا أيضاً أبواباً واسعة للتعبير الدقيق والفعال. فمع كل قاعدة نحوية ندركها، نضيف لبنة جديدة إلى بنية معرفتنا اللغوية، مما يمكننا من التعبير بأكثر الطرق بلاغة وإبداعاً. إن استكشاف تفاصيل دقيقة كهذه يبرز روعة اللغة العربية وتعقيداتها، مما يجعل منها لغة ذات ثراء لا ينضب، ونبض تاريخي يتجدد مع كل حرف يُكتب وكل جملة تُنطق. فلتكن هذه المعرفة أساساً لطموحاتنا في الاستزادة من علوم النحو واللغة، وإلهامًا لنا لنغوص أكثر في بحر الأدب العربي الواسع.
الأسئلة الشائعة
أ. ما هو تعريف ما العاملة عمل ليس؟
“ما العاملة عمل ليس” هي أداة نحوية تستخدم في اللغة العربية وتعمل على نحو مشابه للأداة “ليس” في نفي الجملة الاسمية. تُعرف أيضاً بـ”ما الحجازية” نسبة إلى أهل الحجاز الذين استخدموها بشكل مميز.
ب. ما هي شروط عمل ما العاملة عمل ليس؟
١. ألا يتقدم خبرها على اسمها.
٢. ألا ينتقض نفيها بـ”إلا”.
٣. ألا تقع بعدها “إن” الزائدة.
ج. ماذا يحدث إذا تقدم خبر “ما العاملة عمل ليس” على اسمها؟
إذا تقدم خبرها على اسمها، يبطل عملها، مما يعني أن الخبر يبقى مرفوعاً وكأنه مبتدأ، ولا يعمل حرف “ما” في الجملة.
د. هل يمكن استخدام “ما العاملة عمل ليس” في الجمل الفعلية؟
نعم، “ما العاملة عمل ليس” يمكن أن تدخل على الجمل الفعلية والاسمية، ولكن شروط عملها تجعلها تُستخدم بشكل محدد في الجمل الاسمية.
هـ. لماذا يُعد عمل “ما العاملة عمل ليس” ضعيفاً؟
عمل “ما العاملة عمل ليس” يُعد ضعيفاً؛ لأنها تتطلب شروطاً محددة لإعمالها، وعند انتفاء هذه الشروط تبطل وتعود إلى حالتها غير العاملة.