الصفة المشبهة باسم الفاعل وصيغها والفرق بينها وبين اسم الفاعل
أغلب الدارسين قد يجدون أنفسهم واقعين في خطأ التفريق بين اسم الفاعل والصفة المشبهة، ولذا سنمضي قدماً في مقالتنا لكي نتعرف بداية على الصفة المشبهة باسم الفاعل، تعريفها، وصيغ هذه الصفة، ولماذا أشبهت اسم الفاعل، ثم سنتكلم عن شروط الاسم الذي تشتق منه الصفة المشبهة، ثم نتحدث عن صيغ الصفة المشبهة باسم الفاعل، لننهي درسنا بالحديث عن كيفية التفريق بين الصفة المشبهة وبين اسم الفاعل.
تعريفُ الصِّفةِ المشبَّهةِ باسمِ الفاعلِ
هيَ وصفٌ ثابتٌ في صاحبِهَا، تُؤخَذُ مِنَ الفعلِ اللَّازمِ؛ للدَّلالةِ على معنىً ثابتٍ للموصوفِ بِهَا على وجهِ الثُّبوتِ لا على وجهِ الحُدوثِ، نحوُ: حَسَنٌ، كريمٌ، أسودُ، أزرقُ.
ولأنَّهَا تدلُّ على صفاتٍ ثابتةٍ؛ فدلالتُهَا مجرَّدةُ مِنَ الزَّمانِ.
لمَ أشبهَتْ اسمَ الفاعلِ؟
شُبِّهَتْ باسمِ الفاعلِ مِنْ جهتينِ: اللَّفظِ والمعنى.
-فمِنْ جهةِ اللَّفظِ: إذا كانَتْ معَ المفردِ المذكَّرِ تلحقُهَا العلاماتُ الموافقةُ لَهُ كمَا تلحقُ اسمَ الفاعلِ، نحوُ: فَرِحةٌ، وفَرْحَانُ، وفَرِحونَ، على نحوِ: ضاربةٍ وضاربانِ وضاربونَ.
-ومِنْ جهةِ المعنى: تشاركُهُ في دلالتِهَا على ذاتٍ وحدثٍ قائمٍ بِهِ، معَ فارقِ ثبوتِ دلالتِهَا وتجدُّدِ دلالةِ اسمِ الفاعلِ.
إذاً: أشبهَتْ اسمَ الفاعلِ؛ لأنَّهَا تُثَنَّى وتُذَكَّرُ وتُؤَنَّثُ مثلُهُ، ولأنَّهَا يجوزُ أنْ تنصِبَ المعرفةَ بعدَهَا تشبيهاً بالمفعولِ بِهِ، ولأنَّهَا تدلُّ على الحدثِ وصاحبِهِ.
شروطُ الاسمِ الَّذي تُشْتَقُّ مِنْهُ الصِّفةُ المشبَّهةُ
يُشترطُ فيهِ أنْ يكونَ:
١ –فعلاً ثلاثيّاً ومجرَّداً.
٢ –لازماً، ويغلبُ عليهِ أنْ يكونَ مِنْ بابي (فَعِلَ يَفْعَلُ) و(فَعُلَ يَفْعُلُ) اللَّازمينِ.
أمَّا في البابِ الأوَّلِ (فَعِلَ) فأكثرُ ما تشتقُّ مِنْهُ لدلالتِهِ على:
داءٍ باطنيٍّ، أو عيبٍ ظاهرٍ.
أو جمالٍ محسوسٍ، نحوُ: كَحِلَ يكحَلُ فهوَ أكحلُ.
وفي البابِ الثَّاني (فَعُلَ) فإنَّهُ يدلُّ على صفاتٍ ذاتيَّةٍ تكونُ خِلْقَةً في صاحبِهَا، نحوُ: حَسُنَ، وجَبُنَ، وقَبُحَ، وشَرُفَ يَشْرُفُ فهوَ شريفٌ.
يَقِلُّ بناؤُهَا مِنْ غيرِ هذينِ البابينِ، مثلُ: سَيِّدٌ مِنْ سادَ يسودُ، وضَيِّقٌ مِنْ ضاقَ يضيقُ، وحريصٌ مِنْ حَرِصَ يحرُصُ.
صِيَغُ الصِّفةِ المشبَّهةِ
للصِّفةِ المشبَّهةِ خمسَ عشرةَ صيغةً، هيَ:
١ –أَفْعَلُ ومؤنَّثُهُ فعلاءُ: للدَّلالةِ على:
أ –لونٍ، نحوُ: أحمرُ وحمراءُ، وأصفرُ وصفراءُ.
ب –عيبٍ، نحوُ: أعمى وعمياءُ، وأطرشُ وطرشاءُ، وأعرجُ وعرجاءُ، وأحمقُ وحمقاءُ، وأرعنُ ورعناءُ.
د –حليةٍ، نحوُ: أحورُ وحوراءُ، وأدعجُ ودعجاءُ.
٢ –فَعْلانَ ومؤنَّثُهُ فَعْلى:
أ -للدَّلالةِ على حرارةٍ وجدانيَّةٍ ليسَتْ بداءٍ، نحوُ: ولهانُ وولهى.
ب –أو حيرانُ وحَيرى.
ج –للدَّلالةِ على خلوٍّ أوِ امتلاءٍ، نحوُ: عطشانُ وعطشى، وملآنُ وملأى، أو ريَّانُ وريَّى.
٣ –فَعِلٌ: نحوُ: فَرِحٌ، ضَجِرٌ، وَجِلٌ، نَجِسٌ، خَشِنٌ، ومَرِنٌ.
٤ –فَعَلٌ، نحوُ: بَطَلٌ، وحَسَنٌ.
٥ –فُعُلٌ، نحوُ: جُنُبٌ، وهوَ قليلٌ.
٦ –فَعْلٌ: نحوُ: عَذْبٌ، وصَعْبُ، وضَخْمٌ، وشَهْمٌ.
٧ –فِعْلٌ، نحوُ: صِفْرٌ مِنْ صَفِرَ، ومِلْحٌ مِنْ مَلُحَ.
٨ –فُعْلٌ، نحوُ: حُرٌّ، وصُلْبٌ، وسُخْنٌ، وحُلْوٌ.
٩ –فُعَالٌ: نحوُ: شُجاعٌ، وفُراتٌ، وصُراحٌ وهوَ (الخالصُ).
١٠ –فَعَالٌ، نحوُ: رَزَانٌ، وهيَ المرأةُ الوقورُ، وحَصَانٌ، وهيَ العفيفةُ.
١١ –فَيْعِلٌ، نحوُ: سَيِّدٌ، وطَيِّبٌ، وقَيِّمٌ، وضَيِّقٌ.
١٢ -فَيْعَلٌ، نحوُ: فَيْصَلٌ، وصَيْرَفٌ.
١٣ –فَعولٌ، نحوُ: وَقورٌ، ورَؤوفٌ.
١٤ –فَعيلٌ: للدَّلالةِ على أمرٍ خُلُقيٍّ في صاحبِهِ، نحوُ: كريمٌ، ونبيلٌ، أو للدَّلالةِ على أمرٍ خَلْقِيٍّ، نحوُ: طويلٌ، كبيرٌ، صغيرٌ، عفيفٌ، خسيسٌ، ذكيٌّ، جليٌّ.
١٥ –فَاعلٌ، نحوُ: صاحبٌ، وفاحمٌ، وطاهرٌ.
وربَّمَا اشتركَ (فاعلٌ وفعيلٌ) في بناءٍ واحدٍ، نحوُ: ماجدٌ ومجيدٌ ونابِهٌ ونبيهٌ، وقدْ جاءَتْ على غيرِ ذلِكَ، نحوُ: شَكُسٌ، لسيِّئِ الخُلُقِ.
وقدْ تأتي الصِّفةُ المشبَّهةُ على وزنِ (فاعلٌ) إذا أردْتَ بِهَا معنى الحدوثِ والتَّجدُّدِ، فعندَهَا تأتي إلى صيغةِ اسمِ المفعولِ، نحوُ: فَرِحٌ، تصبحُ فارحٌ، وطَرِبٌ تصبحُ طاربٌ.
وما جاءَ على زِنَتِي اسمي الفاعلِ والمفعولِ ممَّا قُصِدَ بِهِ معنى الثُّبوتِ والدَّوامِ فهوَ صفةٌ مشبَّهةٌ كطاهرِ القلبِ وناعمِ العيشِ ومعتدلِ الرَّأيِ ومستقيمِ الطَّريقةِ ومَرضِيِّ الخُلُقِ ومُهذَّبِ الطَّبعِ وممدوحِ السِّيرةِ.
تنبيهٌ: إذا كانَ فعيلٌ بمعنى فاعلٍ (رحيمٌ، راحمٌ) أو مُفاعلٍ، نحوُ: (جليسٌ، مجالسٌ)، أو صفةٍ مشبَّهةٍ، نحوُ: (نديمٌ) لَحِقَتْهُ تاءُ التَّأنيثِ في المؤنَّثِ، نحوُ: رحيمةٌ وجليسةٌ ونديمةٌ.
وإنْ كانَ بمعنى مفعولٍ استوى فيهِ المذكَّرُ والمؤنَّثُ إنْ ذُكِرَ الموصوفُ، نحوُ: رجلٌ جريحٌ وامرأةٌ جريحٌ.
وربَّمَا لَحِقَتْهُ الهاءُ معَ ذِكرِ موصوفِهِ، مثلُ: صفةٌ ذميمةٌ، وسيرةٌ حميدةٌ.
كيفَ نفرِّقُ بينَ الصِّفةِ المشبَّهةِ واسمِ الفاعلِ؟
السُّؤالُ هنَا: بعضُ صيغِ الصِّفةِ المشبَّهةِ تأتي كصِيَغِ اسمِ الفاعلِ، فكيفَ نفرِّقُ بينَهُمَا؟
الجوابُ: يكونُ ذلِكَ مِنْ خلالِ السِّياقِ؛ فإذا كانَتِ الصِّفةُ ثابتةً فالبناءُ مِنْ أبنيةِ الصِّفةِ المشبَّهةِ، نحوُ: باسقٌ، وإلَّا فهيَ مِنْ بابِ اسمِ الفاعلِ.
الفرقُ بينَ اسمِ الفاعلِ والصِّفةِ المشبَّهةِ
١ –اسمُ الفاعلِ يدلُّ على صفةٍ متجدِّدةٍ لَهَا علاقةٌ بالزَّمنِ، والصِّفةُ المشبَّهةُ تدلُّ على صفةٍ ثابتةٍ، نحوُ: نقيُّ القلبِ، هيَ صفةٌ مشبَّهةٌ؛ لأنَّهَا تدلُّ على صفةٍ ثابتةٍ.
هوَ كاسرٌ البابَ، تدلُّ على حدوثِ عملٍ؛ فهيَ اسمُ فاعلٍ.
٢ –اسمُ الفاعلِ يحدثُ في أحدِ الأزمنةِ (الماضي أوِ المضارعِ أوِ الأمرِ)، والصِّفةُ المشبَّهةُ للمعنى الدَّائمِ الحاضرِ، إلَّا إذا دلَّتْ قرينةٌ على غيرِ ذلِكَ؛ كأنْ تقولَ: كانَ فلانٌ حسناً ثُمَّ قَبُحَ.
٣ –يصاغُ اسمُ الفاعلِ قياساً مِنَ اللَّازمِ والمتعدِّي مطلقاً، أمَّا الصِّفةُ المشبَّهةُ فتُصاغُ مِنَ اللَّازمِ قياساً ولا تُصاغُ مِنَ المتعدِّي إلَّا سماعاً، نحوُ: رحيمٌ وعليمٌ.
وقدْ تصاغُ الصِّفةُ المشبَّهةُ مِنَ الفعلِ المتعدِّي إذا تُنُوسِيَ المفعولُ بِهِ وصارَ فعلُهَا كاللَّازمِ، نحوُ: فلانٌ سابقُ الفرسِ، ومُسمعُ الصَّوتِ.
كمَا تُصاغُ مِنَ الفعلِ المبنيِّ للمجهولِ إذا أُريدَ بِهَا معنى الثُّبوتِ والدَّوامِ، نحوُ: محمودُ الخُلُقِ، وجميلُ المنظرِ، وحَسَنُ المَعْشَرِ.
٤ –لا تَلزمُ الصِّفةُ المشبَّهةُ الجريَ على وزنِ المضارعِ في حركاتِهِ وسكناتِهِ إلَّا إذا صِيغَتْ مِنْ غيرِ الثُّلاثيِّ المجرَّدِ. أمَّا اسمُ الفاعلِ فيجبُ فيهِ ذلِكَ مطلقاً.
٥ –تجوزُ إضافةُ الصِّفةِ المشبَّهةِ إلى فاعلِهَا بلْ يُستحسنُ فيهَا ذلِكَ، نحوُ: طاهرُ الذَّيلِ، وحَسَنُ الخُلُقِ، ومعتدلُ الرَّأيِ. والأصلُ: طاهرٌ ذيلُهُ، وحَسَنٌ خُلُقُهُ، ومعتدلٌ رأيُهُ.
أمَّا اسمُ الفاعلِ فلا يجوزُ فيهِ ذلِكَ، فلا يُقالُ: خليلٌ مصيبُ السَّهمِ الهدفَ، أي مصيبٌ سهمُهُ الهدفَ.
٦ –عدمُ تقديمِ معمولِ الصِّفةِ المشبَّهةِ عليهَا، وجوازُ ذلِكَ في اسمِ الفاعلِ.
٧ –لا تعملُ الصِّفةُ المشبَّهةُ إلَّا في سَبَبِيٍّ، نحوُ: زيدٌ حَسَنٌ وَجْهُهُ، أو حسنٌ الوجهُ أي (مِنْهُ). واسمُ الفاعلِ يعملُ في السَّببيِّ والأجنبيِّ، نحوُ: زيدٌ ضاربٌ عَمراً، أو ضاربٌ غُلامَهُ.
٨ –لا تُفْصَلُ عنْ معمولِهَا منصوباً أو مرفوعاً، وينفصلُ اسمُ الفاعلِ، نحوُ: زيدٌ قاصدٌ غداً المدينةَ.