الاستثناء: تعريفه وأنواعه وأدواته
تعريف الاستثناء: الاستثناء إخراج بعض من كل، ويتم بأدوات يخرج ما بعدها من حكم ما قبلها، وأركانه ثلاثة: المستثنى، والمستثنى منه، وأداة الاستثناء.
والمستثنى اسم يذكر بعد أداة الاستثناء مخالفاً ما قبلها في الحكم. تقول: جاء الطلاب إلا علياً. فـ (علياً) مستثنى جاء بعد أداة الاستثناء (إلا) وخالف المستثنى منه (الطلاب) في حكم المجيء. وقال تعالى: {يا أيها المزّمل قم الليل إلا قليلاً * نصفه أو انقص منه قليلاً}.
فإذا لم يكن في الجملة مستثنى منه، فالأسلوب أسلوب حصر، ونسميه استثناءً مفرَّغاً. تقول: ما جاء إلا خالدٌ. أما تسميته بالناقص فلنقصان ركن من أركان الاستثناء وهو المستثنى منه، وأما تسميته بالمفرّغ فلأن العامل قبل الأداة قد تفرّغ للعمل فيما بعدها.
وهذا الأسلوب لا بدّ أن يُسبق بنفي أو نهي، أما ما يشبه النفي؛ كالاستفهام الإنكاري، والنفي المعنوي. تقول: لا يتكلم إلا خالد، فالأسلوب متصدر بـ (لا) الناهية.
وقال تعالى: {فهل يُهلكُ إلا القوم الفاسقون}، فالأسلوب متصدر بـ (هل) الاستفهامية، والاستفهام خرج إلى الإنكار الذي يدل على النفي؛ لأن المعنى: لا يهلك إلا القوم الفاسقون.
وقال تعالى: {ويأبى الله إلا أن يتمّ نوره ولو كره الكافرون} سبقت أداة الحصر (إلا) بالنفي المعنوي؛ لأن معنى (يأبى) هو: لم يرض.
وقال تعالى: {وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين}، والتقدير: لم تكن سهلة إلا على الخاشعين؛ فالنفي معنوي، والأسلوب أسلوب حصر.
وقال تعالى: {وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون}. فأداة الحصر مسبوقة بالنفي، والجملة بعدها في محل نصب حال.
أنواع الاستثناء
ينقسم الاستثناء إلى ثلاثة أقسام هي:
١ -الاستثناء التام المتصل المثبت: نقول: أتاني القوم إلا أباك؛ وحضر المدعوون إلا أخاك، وقضينا على كتيبة العدو إلا رجلين.
فالاستثناء في الجمل السابقة تام الأركان وليس ناقصاً؛ فالمستثنى في الجملة الأولى (أباك) والمستثنى منه (القوم) وأداة الاستثناء (إلا)، والحكم هو الإتيان. ثم هو متصل؛ لأن المستثنى من جنس المستثنى منه؛ فأبوك من جنس القوم، وهو مثبت أو موجب، وليس منفياً، فلم يسبق بنفي أو نهي أو ما يشبه النفي، وحكم المستثنى في هذا القسم أنه واجب النصب.
٢ -الاستثناء التام المتصل المنفي: تقول: (ما أتاني أحد إلا زيدٌ أو زيداً، ولا يقف أحد إلا زيدٌ أو زيداً، ومن ينكر فضل الوحدة إلا الخائنون أو الخائنين، وهل يقبل أحد الاستسلام إلا الجبان)، فالاستثناء في الجملة السابقة تام ومتصل ومنفي؛ فهو تام الأركان؛ لأن الجملة تتضمن المستثنى والمستثنى منه والحكم، وهو متصل؛ لأن ما بعد أداة الاستثناء من جنس ما قبلها؛ لأنه مسبوق بالنفي أو شبهه، ويدعوه بعض النحاة الاستثناء غير الموجب.
وهذا النوع من الاستثناء لا يختلف عن التام المتصل المثبت إلا في حكم إعراب المستثنى، فما بعد (إلا) يجوز فيه أمران:
أ -النصب على أنه مستثنى.
ب -الاتباع على البدلية. والاتباع أكثر.
ومعنى الاستثناء يؤدّيه الأسلوب تقول: ما مررت بأحد إلا زيدٍ أو زيداً. فما بعد (إلا) جاز فيه الجر اتباعاً على البدلية من المستثنى منه (أحد) وجاز نصبه على انه مستثنى منصوب. قال تعالى: {ولا يلتفت منكم أحدٌ إلا امرأتُكَ، إنه مصيبها ما أصابهم…}، قرئت (امرأتُك) مرفوعة ومنصوبة، والرفع على أنها بدل من المستثنى منه (أحد) والنصب على أنها مستثنى منصوب.
ومثل ذلك قوله تعالى: {ولو أنّا كتبنا عليهم أنِ اقتلوا أنفسكم أو اخرُجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليلٌ منهم}، قرئت (قليلٌ) مرفوعة ومنصوبة، والرفع على أنها بدل من فاعل الفعل (فعلوه)، والنصب على أنها مستثنى. قال تعالى: {ومن يقنطُ من رحمة ربه إلا الضالون}، والاستثناء في الآيتين السابقتين تام متصل منفي، والنفي فيهما معنوي دل عليه اسم الاستفهام (من)؛ لأن معنى الآية الأولى: لا يغفر أحد الذنوب إلا الله، ومعنى الآية الثانية : لا يقنط أحد من رحمة ربه إلا الضالون، وما بعد (إلا) في الآيتين بدل من المستثنى به، وهو الفاعل، والفاعل ضمير مستتر يعود إلى اسم الاستفهام (من).
وواضح أن الابدال أكثر من نصب المستثنى.
وقد يُسبق هذا الاستثناء بالنفي المعنوي، وهو نفي يدل عليه المعنى، تقول: فني الجسد إلا العظم، فقد صحّ البدل؛ لأن معنى (فني) هو لم يبق، والاستثناء تام؛ لأن العظم من جنس الجسد. وقال الشاعر:
وبالصَّرِيمَةِ مِنْهُمْ مَنْزِلٌ خَلَقٌ * عَافٍ تَغَيَّر إِلَّا النَّوْيُ والوَتِدُ
فقد عدّ الشاعر الاستثناء تاماً متصلاً منفياً، فأبدل (من) من فاعل الفعل تغيّر، لأن معنى (تغيّر): لم يثبت، ولم يبق على حاله، والفاعل ضمير مستتر يعود إلى المنزل، والنوي والوتد من جنس المنزل.
ويجب نصب المستثنى في هذا القسم إذا تقدم المستثنى على المستثنى منه، قال الكميت بن زيد:
وما ليَ إلا آلَ أحمدَ شيعَةٌ * وما ليَ إلا مَذهبَ الحقِّ مذهَبُ
فالمستثنى (آل) في الشطر الأول، و (مذهبَ) في الشطر الثاني، كلاهما واجب النصب، والمستثنى تام متصل منفي، وسبب وجود النصب أن المستثنى منه في الشطر الأول (شيعةٌ) قد تأخر عن المستثنى، وكذلك المستثنى منه (مذهب) قد تأخر عن المستثنى (مذهبَ الحق)، ومثل ذلك قول الشاعر:
النَّاسُ ألْبٌ علينا فيكَ ليس لنا * إلَّا السُّيوفَ وأطرافَ القنا وَزَرُ
فالمستثنى (السيوف) واجب النصب؛ لأن المستثنى منه (وزر) قد تأخر عن المستثنى.
٣ -الاستثناء المنقطع: المستثنى في الاستثناء المنقطع ليس من جنس ما قبله، والرابط بينهما معنوي، تقول: خرج الطلابُ من القاعة إلا كتبَهم. فالكتب ليست من جنس الطلاب، ولكن بين الطلاب وكتبهم رابط معنوي. قال تعالى: {لا يسمعون فيها لغواً إلا سلاماً}، فالسلام ليس من جنس اللغو، والرابط بين المستثنى والمستثنى منه معنوي.
والغرض من هذا الاستثناء دفع توهم قد ينتج عمّا قبل الاستثناء. تقول: نجا المسافرون إلا أمتعتَهم. فلو اقتصر قولك على ما قبل أداة الاستثناء وهو (نجا المسافرون) لذهب الظن إلى أن أمتعتهم قد نجت أيضاً، فجاء الاستثناء المنقطع ليدفع هذا الظن المحتمل. وقال تعالى: {ما لهم به من علم إلا اتباع الظنِّ} فاتباع الظن ليس من جنس العلم، فالاستثناء منقطع. وهذا الاستثناء قد يسبق بالنفي وقد لا يسبق.
وحكم المستثنى في هذا القسم أنه واجب النصب، ولكن بني تميم يجيزون الإبدال من المستثنى منه إذا أمكن حمل المستثنى على جنس ما قبله أو تنزيله منزلته. قال النابغة الذبياني:
وقفت فيها أصيلاً كي أسائلَها * عبت جواباً وما بالربع من أحد
إلَّا الأواريُّ لأياً ما أبيِّنُها * والنؤي كالحوض بالمظلوم الجلَدِ
رُوِي برفع (الأواري) على أنها بدل من محل (أحد)، وروي بالنصب على أنها مستثنى منصوب، والاستثناء منقطع. ورواية الرفع جاءت على لغة بني تميم التي تجيز الإبدال إذا جُعل المستثنى من جنس المستثنى منه، وقد جعلت (الأواريّ) هنا من جنس المستثنى منه (أحد).
وقال الشاعر:
وبلدةٍ ليس بهـــا أنيسُ * إلَّا اليعـــافيرُ وإلا العيس
فقد جعل الشاعر اليعافير من جنس الأنيس، فجاء بها مرفوعة على أنها بدل من المستثنى منه، و (إلا) الثانية توكيد لفظي.
أما إذا لم يكن الإبدال ممكناً؛ لأنه لا يمكن حمل المستثنى على جنس ما قبله، فالنصب واجب عند بني تميم أيضاً. قال تعالى: {فلولا كانت قرية آمنت فنفعا إيمانها إلا قومَ يونس لما آمنوا} فقد وجب نصب المستثنى (قوم)؛ لأن المستثنى منقطع، ولا يمكن حمله على جنس ما قبله (قرية)، ولا يمكن تنزيله منزلته.
أدوات الاستثناء
هي (إلا)، و(غير، وسوى)، و(خلا، وعدا، وحاشا) و(ليس، ولا يكون)، و(بَيْدَ).
أ -إلاّ: تختص هذه الأداة بالخصائص التالية:
-هي أم الباب، والحرف الأساسي في أسلوب الاستثناء، وغيرها من الأدوات محمول عليها.
-تخرج إلى معنى الاستدراك، وهو قريب من معنى الاستثناء، فتصبح بمعنى (لكنْ) الاستدراكية، فتقع بعدها الجملة، والجملة بعدها مستأنفة، وما بعدها ليس خارجاً من حكم ما قبلها، ولكنه جاء للاستدراك والايضاح ودفع التوهم. قال تعالى: {طه * ما أنزلنا عليك الكتاب لتشقى * إلاّ تذكرةً لمن يخشى} فالتقدير: لكن أنزلناه تذكرة لمن يخشى. فـ (تذكرة) مفعول لأجله، والفعل محذوف تقديره (أنزلناه) والجملة مستأنفة.
وأجاز بعض النحويين أن تكون الجملة بعدها في محل نصب مستثنى، والاستثناء حينئذ منقطع. قال تعالى: {لست عليهم بمسيطر * إلا من تولى وكفر * فيعذبه الله العذاب الأكبر} فجملة (من تولّى وكفر، فيعذبه الله) في محل نصب مستثنى، والاستثناء منقطع، والمستثنى منه هو الضمير (هم) من (عليهم).
-تأتي أداة حصر إذا كان الاستثناء مفرّغاً أو ناقصاً، والأسلوب حينئذ أسلوب حصر أو قصر، وقد مرت أمثلة على هذا الأسلوب.
ونضيف هنا أنه يمكن أن يأتي بعد أداة الحصر (إلا) جملة، فتعرب في محل نصب حال، قال تعالى: {وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون} فجملة لها منذرون في محل نصب حال، وصاحب الحال (قرية)، قال الشاعر:
كذلك جَدِّي ما أصاحب صاحباً * من الناس إلَّا خانني وتغيَّرا
فجملة (خانني) في محل نصب حال بعد أداة الحصر (إلا).
-تأتي بمعنى (غير) فيوصف بها وبما بعدها، نقول: لو كان معنا رجل إلا زيدٌ لغُلبنا. فالمعنى أن زيداً هو سبب نصرنا، ولو كان معنا رجل غيره لما نُصرنا. فـ (إلا) وما بعدها صفة لما قبلها (رجل). ولا يجوز الاستثناء هنا.
وقال تعالى: {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا}، فـ (إلا) وما بعدها صفة لاسم (كان) آلهة، ومعنى الآية: لو كان في السماء والأرض آلهة أخرى غير الله لفسدتا، ولا يجوز أن تكون (إلا) أداة استثناء؛ لأن المعنى يفسد، فمعنى الاستثناء هو: لو كان في السماء والأرض آلهة ليس الله معهم لفسدتا، وهذا يعني أن الفساد يحصل إذا لم يكن الله مع الآلهة، ولا يحصل إذا كان الله مع الآلهة، وهذا المعنى مرفوض. قال الشاعر:
وكلُّ أخٍ مفارقُـــه أخـــــوه * لعمــرُ أبيــكَ إلَّا الفرقـــدان
فالتقدير: وكل أخ غيرُ الفرقدين مفارقه أخوه. فـ (إلا الفرقدان) صفة للمبتدأ (كل) وصفة المرفوع يجب أن تكون مرفوعة، وعلامة الرفع الألف؛ لأنه مثنى. فالعلامة الإعرابية التي تتبع علامة الموصوف تظهر على بعد (إلا). وقال لبيد:
لو كان غيري سليمى اليومَ غيّره * وَقْعُ الحوادثِ إلا الصّارِمُ الذَّكرُ
ب -غير وسوى: هما اسمان، ويوصف بـ (غير) غالباً، تقول: جاءني طالب غيرك. فـ (غير) صفة لـ (طالب)، والمعنى جئتني أنت وغيرك. وقال تعالى: {صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم} فـ (غير) صفة لاسم الموصول (الذين)، والمعنى: صراط هؤلاء الذين وصفوا بأنهم غير مغضوب عليهم. وقال تعالى: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غيرُ أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم}. فـ ( غير) صفة لكلمة (القاعدون) والمعنى القاعدون الموصوفون بأنهم غيرُ أصحاب الضرر.
ويوصف بـ (سوى) أحياناً، تقول: مررت برجلٍ سواك.
وتأتيان بمعنى (إلا) في أسلوب الاستثناء، فتأخذان حكم ما بعد (إلا) فيجب نصبهما إذا كان الاستثناء تاماً متصلاً، أو إذا كان الاستثناء منقطعاً، أو إذا تقدم المستثنى على المستثنى منه، ويجوز إعرابهما بدلاً من المستثنى منه، أو نصبهما على الاستثناء إذا كان الاستثناء تاماً متصلاً منفياً، ولم يتقدم المستثنى على المستثنى منه تقول: جاء الطلاب إلا سعيداً، غيرَ سعيدٍ، سوى سعيدٍ، فـ (غير وسوى) منصوبان، وإعراب كل منهما: مستثنى منصوب؛ لأن الاستثناء تام متصل موجب. وتقول: ما جاء أحدٌ إلا خالدٌ أو خالداً، غيرُ خالدٍ أو غيرَ خالدٍ: سوى خالدٍ، فإعراب غير أو سوى؛ إما بدل مرفوع، وإما مستثنى منصوب؛ لأن الاستثناء تام متصل منفي.
وتقول: نجا المسافرون إلا بضائعَهم: غيرَ بضائِعِهم: سوى بضائِعهم.
وتقول: مالي إلا خالداً صديق: غير خالدٍ صديق ـ سوى خالدٍ صديقٌ. فإعراب (غير أو سوى) مستثنى منصوب؛ لأن المستثنى تقدم على المستثنى منه. قال النابغة الذبياني:
ولا عَيبَ فيهِم غيرَ أنَّ سُيوفَهُم * بِهِنَّ فُلولٌ مِنْ قِراعِ الكَتائبِ
فـ (غير) مستثنى منصوب واجب النصب؛ لأن الاستثناء منقطع.
ج -خلا، وعدا، وحاشا: هذه الأدوات تكون أفعالاً إذا ما سبقت بـ (ما) المصدرية، أو إذا انتصب الاسم بعدها، وتكون حروفاً إذا جُرَّ الاسم بعدها.
فإذا تقدمت (ما) على هذه الأدوات وجب أن تكون أفعالاً؛ لأن (ما) المصدرية لا تدخل إلا في الأفعال، تقول: جاء المدعوون ما خلا أخاك، وحضر الطلاب ما عدا خالداً، وهرب الجنود ما حاشا الأبطالَ، وقال لبيد:
ألا كلُّ شيءٍ ما خلا اللهَ باطلُ * وكلُّ نعيمٍ لا مَحَالةَ زائِلُ
فـ (ما) مصدرية، و (خلا) فعل ماض جامد، فاعله محذوف وجوباً، (الله) مفعول به منصوب. والأسلوب يدل على الاستثناء.
وقال الأخطل:
رأيتُ الناسَ ما حاشا قريشاً * فإنّا نحنُ أفضلُهُم فِعَالا
فـ (ما) مصدرية، و(حاشا) فعل ماض، وفاعله محذوف وجوباً، و (قريشاً) مفعول به منصوب. والأسلوب يدل على الاستثناء.
وفاعل هذه الفعال سواء أسبقت بـ (ما) أم لم تسبق محذوف وجوباً، والاسم المنصوب بعدها مفعول به، والمصدر المؤول من (ما) وما بعدها في محل نصب، حالاً؛ لأن التقدير في قولنا: جاء المدعوون خلا أخاك هو: جاء المدعوون مجاوزين أخاك. والمعنى هو معنى الاستثناء. ويلاحظ أن المصدر جاء على صيغة اسم الفاعل من صيغة فعل آخر؛ لأن هذه الأفعال جامدة لا مصادر لها ولا مشتقات، والمصدر المؤول من صيغة الفعل الآخر (جاوز) هو بمعنى اسم الفاعل، ولذلك قدّرناه بصيغة اسم الفاعل.
وإذا لم تتقدم (ما) جاز أن يُنصب الاسم بعدها وأن يجر، فإذا انتصب فالجملة في محل نصب حال، وإن جُرّ كانت حروف جر شبيهة بالزائدة والاسم بعدها مجرور لفظاً منصوب محلاً على أنه مستثنى، والأكثر نصب الاسم بعد خلا وعدا، وجرّه بعد حاشا.
والأسهل من هذا كله أن نجعل (خلا وعدا وحاشا)، سواء أسبقت بـ (ما) أم لم تسبق، أدوات استثناء، فإن انتصب ما بعدها فهو مستثنى منصوب، وإن جُر فكل منها حرف جر شبيه بالزائد، والاسم بعده مجرور لفظاً منصوب محلاً على أنه مستثنى، وهذا لا يُحِيجُنَا إلى تقدير، ولا يُتْعِبُنا في إعراب المصدر المؤول ولا إعراب الجملة.
د -ليس ولا يكون: فعلان ناقصان يؤديان معنى الاستثناء، ويكون اسمهما حينئذ ضميراً مستتراً وجوباً، ولا يطابقان المستثنى منه في التأنيث؛ لأن تقدير الاسم هو (بعضهم) تقول: جاء الطلاب ليس خالداً، وذهبت الطالبات ليس هنداً، وجاء إخوتي لا يكون محمداً. والاسم المنصوب خبر للفعل الناقص، والجملة في محل نصب حالاً، والمعنى معنى الاستثناء. واستخدام (ليس ولا يكون) في أسلوب الاستثناء قليل جداً.
هـ -بَيْدَ: اسم منصوب يأتي دائماً في أسلوب الاستثناء المنقطع، ويضاف دائماً إلى مصدر مؤول من (أنّ) واسمها وخبرها، تقول: خالد غني بيد أنه بخيل، ومحمود كريمٌ بيد أنه جبان.