معنى عرفة والفرق بين عرفة وعرفات

في هذا اليوم العظيم يوم عرفة، خير يوم طلعت عليه الشمس، حيث يقف حجاج بيت الله الحرام على صعيد عرفات الطاهر ويؤدون الركن الأعظم والأهم من أركان الحج؛ فيتضرعون إلى الله بالدعاء والاستغفار ويقفون كما وقف النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، ومن قبلهم أنبياء الله، هذه الوقفة العظيمة المليئة بالخشوع والرهبة والخوف من الله عز وجل.
ونحن بدورنا نرجو من الله أن يتقبل أعمالنا ويغفر ذنوبنا، وفي يوم عرفة اخترنا الحديث عن هذا اليوم العظيم من الناحية اللغوية فكتبنا لكم هذه المقالة.
سنعرف في هذه المقالة ما عرفة، وما هذا الموضع العظيم، كما سنتعرف إلى معنى هذه التسمية ومن أين جاءت، وما أقوال العلماء في سبب التسمية.
أيضاً سنبين الفرق بين عرفة وعرفات، وهل عرفات ممنوعة من الصرف مثل عرفة أم لا، وفي النهاية سنذكر لهم بعض الأحداث التاريخية التي جرت في يوم عرفة.
تابعوا القراءة لتعرفوا الإجابة.
ما عرفةُ؟
عرفة موضعٌ بمنطقة يقال لها مِنىً، واسمٌ لموقفِ الحاجِّ ذلِكَ اليومِ، أي في اليوم التاسع من شهر ذي الحجة الحران، وهيَ، أي عرفة، اثنا عشرَ ميلاً مِنْ مكَّةَ المكرمة.
إن عرفة أَرضٌ واسعةٌ قدْ أُوضحَتْ حُدُودهَا في المناسكِ، وعندما تذهب إلى الحج إن شاء الله ستعرف حدود هذه المنطقة، وعرفة كلها موقف؛ أي يصح لك الوقوف في أي منطقة من عرفات وليس فقط على جبل الرحمة.
وسُمِّيَ عرفاتٍ أيضاً، وهوَ المذكورُ في التَّنزيلِ.
معنى عرفةَ
اختلف العلماء في معنى عرفة، وفي أصل تسمية هذا الموضع وسبب تسميته، فانقسمت آراؤهم وتعددت، لكن كلها قد تكون جائزة، وكلها قد تكون صحيحة، فبأيها اقتديت اهتديت.
إذاً ما أقوال العلماء في معنى عرفة؟
١ -سُمِّيَتْ بذلِكَ لأنَّ جبريلَ عليهِ السَّلامُ لمَّا عَلَّمَ إبراهيمَ عليهِ السَّلامُ مناسكَ الحجِّ قالَ لَهُ: أَعَرَفْتَ؟ فقالَ إبراهيمُ: عَرَفْتُ عَرَفْتُ، فبذلك سميت عرفة بهذا الاسم، وهذا القول نقلَهُ الواحديُّ عنْ عطاءٍ، وقالَ بِهِ الفرَّاءُ، وابنُ فارسٍ، وابنُ سِيده، ونشوانُ الحِميريُّ، والنَّوويُّ، والبعليُّ.
٢ –قيلَ: لأنَّ آدمَ عليهِ السَّلامُ لمَّا هبطَ منَ الجنَّةِ، وكانَ منْ فراقِهِ حوَّاءَ ما كانَ فلقيَهَا في ذلِكَ الموضعِ عَرَفَهَا وعَرَفَتْهُ، فسميت بذلك، نقلَهُ الفرَّاءُ، وابنُ فارسٍ، وابنُ سِيده، والبعليُّ وغيرُهُمْ.
٣ –وقيلَ: لأنَّ عرفة مكانٌ مقدَّسٌ معظَّمٌ، كأنَّها قدْ عُرِّفَتْ أيْ طُيِّبَتْ؛ لأنَّ هذا المكان هو أشرفُ مواقفِ الحج وأطْيَبُهَا، قالَ اللهُ تعالى في ذِكْرِ الجَنَّةِ: {عَرَّفَها لهُمْ}. قالَ بعض العلماء: معنى عرفها لهم، أي طَيَّبَهَا لهم.
نقلَ هذا القول ابنُ فارسٍ، وابنُ منظورٍ، والزُّبيديُّ.
٤ –وقيلَ: لأنَّ النَّاسَ يتعارفونَ فيهَا، نقلَهُ الفرَّاءُ، وابنُ سِيده، والنَّوويُّ، وابنُ منظورٍ، والزُّبيديُّ.
٥ –وقيلَ: لِتعَرُّفِ العبادِ فيها إلى اللَّهِ تعالى بالعباداتِ والأدعيةِ، قالَهُ الرَّاغبُ.
٦ –وقيلَ: لعُلُوِّهَا، وهيَ مأخوذةٌ منَ العُرْفُ، وهوَ المكانُ المرتفعُ. نقلَهُ ابنُ دُرُسْتَوَيْه.
٧ –وقيلَ: منْ معرفتِهَا وشهرتِهَا، نقلَهُ ابنُ دُرُسْتَوَيْه.
الفرقُ بينَ عرفةَ وعرفاتٍ
الآن بعد أن عرفنا معنى لفظة عرفة وسبب تسميتها، ننتقل إلى تبيان الفرق بين عرفة وعرفات، فبعض الناس يظنون أن الموضعين مختلفان، وقد ورد في القرآن الكريم ذكر عرفات فقط، ولم يرد ذكر عرفة قال تعالى: {فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام}، ويمكننا معرفة الفرق بين عرفات وعرفة من خلال ما يلي:
١ –قيلَ: عرفاتٌ جمعُ عرفةَ، كأنَّ كلَّ قطعةٍ منْ تلكَ الأرضِ عرفةُ، فسُمِّيَ مجموعُ تلكَ القطعةِ بعرفاتٍ، قالَهُ النَّيسابوريُّ، وابنُ الحاجبِ، والنَّوويُّ.
٢ –وقيلَ: عرفاتٌ اسمٌ للبُقعةِ المعروفةِ الَّتي يجبُ الوقوفُ بها، ويومُ عرفةَ يومُ الوقوفِ بها.
قالَهُ الصَّغانيُّ، والفيروزآباديُّ ونقلَهُ أبو هلالٍ العسكريُّ، ولكنَّ الفرَّاءُ قالَ: هذا القولُ مبنيٌّ على إنكارِ كونِ عرفةَ اسماً للموقفِ.
إذاً عرفات جمع لكلمة عرفة، وهذا هو القول الأظهر.
صرفُ عرفاتٍ ومنعُهَا
كما ظهر لنا أن جمعَ عَرَفَةَ عَرَفَاتٌ وإنْ كانَتْ موضعاً واحداً؛ لأنَّ كلَّ جُزْءٍ منْهَا يُسمَّى عَرَفَةَ، ولهذَا كانَتْ مصروفةً كقصباتٍ، قالَ النَّحويُّونَ ويجوزُ أيضاً تَرْكُ صرفِهِ كمَا يجوزُ تركُ صرفِ عاناتٍ وَأَذْرعَاتٍ على أنَّهُ اسمٌ مفردٌ لبقعةٍ.
قالَ الزَّجَّاجُ: عرفاتٌ اسمٌ لمكانٍ واحدٍ ولفظُهُ لفظُ الجمعِ، والوجهُ فيهِ الصَّرفُ عندَ جميعِ النَّحويِّينَ.
إذاً عرفات ليست ممنوعة من الصرف بل تنون.
أمَّا كلمةُ عرفةَ فهيَ ممنوعةٌ مِنَ الصَّرفِ للعَلميَّةِ والتَّأنيثِ.
أحداث تاريخية وقعت في يوم عرفة
هذا اليوم المشهود يوم عرفة قد وقعت فيه أحداث كثيرة نذكر منها:
-خطبة حجة الوداع:
في هذا اليوم من العام العاشر للهجرة، خطب النبي صلى الله عليه وسلم خطبته المشهورة في حجة الوداع وبين فيها أساسيات الدين والشريعة والأخلاق.
-ثورة إسماعيل بن يوسف بن إبراهيم الطالبي بمكة:
هذه الثورة حدثت قبل يوم عرفة بأيام كثيرة في العام ٢٥١ هجرية لكن إسماعيل بن يوسف بن إبراهيم الطالبي في هذا اليوم قتل من الحجيج ألفا ومائة، ثم سلبهم أموالهم، فلم يقف بعرفة في ذلك العام سواه ومن معه من المجرمين، ثم مات في السنة التالية.
-فتنة الأعراب في الحج:
في يوم عرفة من العام ٧٤٣ هجرية وقعت فتنة بين العرب وبين الحُجاج واستمرت من قبل الظهر وحتى غروب شمس عرفة، وقتل فيها عدد من الناس.
وسبب هذه الفتنة أن أمير مكة وقتها وكان اسمه رميثة بن أبي نمي شكا من بني حسن إلى أمير الحج، فركب أمير الحج في يوم عرفة وعلى صعيدها من أجل قتال بني حسن فقاتلهم وقتل من الترك ١٦ فارساً، كما قُتل عدد من بني حسن فنفر الناس من عرفاً خوفاً مما حدث.
-زلزلة حدثت بالعراق والجزيرة وكثير من البلاد:
في يوم عرفة من العام ٥١١ هجرية وقعت زلزلة في العراق وشبه الجزيرة العربية، وكثير من البلاد المجاورة، وأدى ذلك إلى خراب دور كثيرة في الجانب الغربي من بغداد.
ختاماً: عرفنا من خلال ما سبق أن عرفة هو اسم لموضع قرب مكة، كما ذكرنا آراء العلماء وأقوالهم في سبب تسمية عرفة بهذا الاسم، وتعلمنا الفرق بين عرفة وعرفات، وأن عرفات ليست كلمة ممنوعة من الصرف، كما عرفنا بعض الأحداث التاريخية التي جرت في يوم عرفة.