ما معنى التراويح، ولم سميت التراويح بهذا الاسم؟
في ليالي رمضان الساحرة، تتألق المساجد وتنبض القلوب بذكر الله، حيث يتجمع المسلمون لإحياء صلاة التراويح، تلك الشعيرة الروحانية التي تمنح الشهر الفضيل طابعًا خاصًا ومميزًا. ليست التراويح مجرد صلاةٍ تؤدَّى بعد العشاء، بل هي رحلةٌ إيمانيةٌ تعزز الصلة بين العبد وربه، وتضفي على النفس سكينةً وطمأنينةً لا مثيل لهما. تتجلى في هذه الصلاة أسمى معاني الوحدة والتلاحم، حيث يجتمع المصلون على قلبٍ واحدٍ، مستشعرين عظمة هذا الشهر وبركته.
تعود تسمية التراويح إلى الاستراحات التي كان المصلون يأخذونها بين الركعات، مما يعكس رحمة الدين وتيسيره على العباد. ومن خلال هذا المقال، سنستكشف أصل هذه التسمية، ونغوص في دلالاتها اللغوية والشرعية، مستندين إلى أقوال كبار العلماء والمفسرين. سنلقي الضوء على تاريخ التراويح وأهميتها، وكيف أصبحت جزءًا لا يتجزأ من طقوس رمضان التي ينتظرها الملايين بشغفٍ وشوق.
معنى التراويح
-التَّراويحُ: سُمَّيَتْ بِهِ لاستراحةِ القومِ بينَ كلِّ أربعِ رَكَعاتٍ.
قالَهُ الفراهيديُّ واللَّيثُ والأزهريُّ والصاحبُ بنُ عبادٍ وابنُ سِيْدَه وغيرُهُمْ.
-وفي الحديثِ: «صَلَاةُ التَّرَاوِيحِ»؛ لأنَّهُمْ كانُوا يَسْتَرِيحُونَ بَيْنَ كُلِّ تَسْلِيمَتَيْنِ. قالَهُ ابنُ منظورٍ.
-قالَ السَّرخسيُّ عنِ الإمامِ مالكٍ: والصَّحيحُ هوَ الانتظارِ والاستراحةُ بينَ كلِّ ترويحتينِ.
-والتَّراويحُ: جمعُ تَرْوِيْحَةٍ، وهِيَ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ مِنَ الرَّاحَةِ. وهيَ في الأصلِ اسمٌ للجلسةِ مطلقاً.
ثُمَّ سُمِّيَتْ بِهَا الجلسةُ الَّتِي بعدَ أَربعٍ رَكَعَاتٍ فِي ليَالِي رَمَضَانَ لاستراحةِ النَّاسِ بِهَا ثُمَّ سُمِّيَتْ كلُّ أَربعِ رَكَعَاتٍ ترويحةً مجَازاً.
أوردَهُ قاسمٌ القُونَويُّ نقلاً عنْ شرحِ مختصرِ القدوريِّ ومحمَّدٌ التَّهانويُّ نقلاً عنْ كتابِ الدُّررِ.
التَّراويحُ شرعاً: اسمٌ لأربعِ ركعاتٍ مخصوصةٍ في ليالي رمضانَ، وهيَ سُنَّةٌ مؤكَّدةٌ. والتَّراويحُ بالجمعِ: اسمٌ لمجموعِ عشرينَ ركعةٍ فيهَا. قالَهُ محمَّدٌ التَّهانويُّ.
-وأصلُ ذلِكَ: أنَّهُمْ يصلُّونَ بمكَّةَ أربعَ ركعاتٍ، يستريحونَ ويطوفونَ بالبيتِ فيسمُّونَهَا ترويحةً، ثُمَّ يصلُّونَ أربعاً، ويطوفونَ أيضاً كذلِكَ، فيكونَ ترويحةً، قالَهُ بطَّالٌ.
التَّراويحُ هيَ الأشفاعُ
الأشفاعُ: هيَ التَّراويحُ في شهرِ رمضانَ. قالَهُ المُطَرِّزِيُّ وقاسمٌ القُونَويُّ.
والأشفاعُ مفردُهَا الشَّفعُ، وهوَ ما كانَ مِنَ العددِ أزواجاً. تقولُ: كانَ وتراً فشفعْتُهُ بالآخرِ حتَّى صارَ شفعاً. قالَهُ الفراهيديُّ واللَّيثُ والجوهريُّ.
فالوترُ ضِدُّ الشَّفعِ، قالَهُ ابنُ دريدٍ وابنُ فارسٍ.
خاتمة
في ختام رحلتنا مع صلاة التراويح، يتضح لنا مدى عمق هذه العبادة وأثرها النفسي والروحي على المسلم. إنها ليست مجرد ركعاتٍ نصليها، بل هي تجسيدٌ لرحلةٍ روحانيةٍ نقترب بها من الله، ونعزز فيها قيم المحبة والتراحم بين أفراد المجتمع. فهمنا لأصل التسمية ودلالاتها يزيد من تقديرنا لهذه الشعيرة، ويدفعنا للمحافظة عليها وإحيائها بالصورة التي تعكس جوهرها الحقيقي. فليكن رمضان فرصةً للتجديد والإصلاح، ولتكن التراويح بابًا نلج منه إلى رحاب الإيمان والتقوى.
الأسئلة الشائعة
ما هي صلاة التراويح؟
صلاة التراويح هي صلاة نافلة تُقام خلال ليالي شهر رمضان المبارك بعد صلاة العشاء. تُصلَّى مثنى مثنى، ويُسلَّم بعد كل ركعتين. تهدف إلى إحياء ليالي رمضان بالذكر والقيام، وهي سنةٌ مؤكدةٌ واظب عليها النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
لماذا سُمِّيت بالتراويح؟
جاءت التسمية من كلمة “ترويحة”، وهي الاستراحة. كان المسلمون الأوائل يستريحون بين كل أربع ركعات أثناء صلاة الليل في رمضان، فسُمِّيت كل استراحةٍ “ترويحة”. وبمرور الوقت، أُطلِقَ اسم التراويح على مجموع الصلاة، نظرًا لتكرار هذه الاستراحات.
ما هو عدد ركعات صلاة التراويح؟
اختلف العلماء في تحديد عدد ركعات التراويح. الشائع والمعتمد في كثيرٍ من المذاهب هو 20 ركعةً، بينما يرى آخرون أنها 8 ركعات، استنادًا إلى بعض الأحاديث. والأمر فيه سعة، والمهم هو الخشوع والإخلاص، وليس العدد في حد ذاته.
هل يجوز صلاة التراويح جماعةً في المنزل؟
نعم، يجوز أداء صلاة التراويح جماعةً في المنزل، خاصةً إذا كان هناك عذرٌ يمنع من الذهاب إلى المسجد. ويُستحب جمع أفراد الأسرة للصلاة معًا، مما يعزز الروابط الأسرية ويحيي روحانية الشهر الكريم في البيت.
هل تُعَدُّ صلاة التراويح واجبة؟
صلاة التراويح سنةٌ مؤكدةٌ، وليست فرضًا. يُثاب من يحافظ عليها، ولا يأثم من يتركها. ولكن نظراً للأجر العظيم والثواب الجزيل المرتبط بها، يُستحب للمسلم ألا يفوِّتها.
ما الفرق بين التراويح والقيام والتهجد؟
التراويح هي صلاة القيام في ليالي رمضان بعد صلاة العشاء. أما القيام عامةً فهو الصلاة في الليل في أي وقتٍ من العام. والتهجد يُقصَد به الصلاة في جوف الليل بعد النوم، ويُعَدُّ من أفضل أوقات القيام.
ما الحكمة من الاستراحة بين ركعات التراويح؟
تأتي الاستراحة تيسيرًا على المصلين، خاصةً عندما تُصلَّى التراويح بعددٍ كبيرٍ من الركعات. تمنح الاستراحة فرصةً للتدبر واستجماع الطاقة للمتابعة بخشوعٍ ونشاط.
ما المقصود بـ”الأشفاع” في سياق التراويح؟
“الأشفاع” جمع “شفع”، وهو العدد الزوجي. في سياق التراويح، تُطلَق الأشفاع على الركعات الزوجية التي تُصلَّى مثنى مثنى قبل صلاة الوتر، الذي يُصلَّى وترًا (عدد فردي).
هل يُشرَع ختم القرآن في صلاة التراويح؟
يُستحب لكثيرٍ من الأئمة ختم القرآن خلال صلاة التراويح في رمضان، بحيث يُقرَأ جزءٌ في كل ليلة. ولكن ليس ذلك واجبًا، ويجوز قراءة ما تيسَّر من القرآن.
ما فضل صلاة التراويح في رمضان؟
لصلاة التراويح فضلٌ عظيم؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه”. وهي فرصةٌ لتكثير الحسنات ومحو السيئات، وتعزيز الصلة بالله.
ما هو معنى كلمة التراويح؟
كلمة التراويح هي جمع ترويحة، والترويحة في اللغة العربية تعني الاستراحة. مشتقة من الجذر “رَوَحَ” الذي يدل على الراحة والسكينة والترويح عن النفس. في سياق الصلاة، أُطلِقَت التسمية على الاستراحات التي كان المصلون يأخذونها بين كل أربع ركعات أثناء صلاة الليل في شهر رمضان المبارك.
ما سبب تسمية صلاة التراويح بهذا الاسم؟
سُمِّيَت صلاة التراويح بهذا الاسم لأن المصلين كانوا يطيلون القيام فيها، وبعد كل أربع ركعات يأخذون قسطًا من الراحة، فيجلسون للراحة والترويح عن أنفسهم. هذه الاستراحات أُطلِقَ عليها اسم ترويحة، وبجمعها أصبحت تراويح. تعكس التسمية رحمة الشريعة الإسلامية وتيسيرها على العباد، خاصةً في صلاةٍ تمتد لساعاتٍ طويلة في ليالي رمضان.
ماذا تعني التراويح؟
التراويح تشير إلى صلاة النافلة التي تُصلَّى في ليالي شهر رمضان بعد صلاة العشاء. تتميز هذه الصلاة بوجود فترات راحة بين كل أربع ركعات، حيث يستريح المصلون ترويحًا عن أنفسهم. التراويح تجمع بين العبادة والراحة، مما يساعد المصلين على أداء الصلاة بخشوع ونشاط دون مشقةٍ أو تعبٍ كبير.
ما هو الفرق بين صلاة القيام والتراويح؟
- صلاة القيام: هي صلاة النافلة التي تُصلَّى في الليل بعد صلاة العشاء حتى قبيل الفجر، وتُسمَّى أيضًا التهجد إذا كانت بعد النوم. تُشرَع طوال العام وليست مقتصرة على شهرٍ محدد.
- صلاة التراويح: هي نوعٌ خاصٌ من صلاة القيام يُؤدَّى في شهر رمضان فقط، وتتميز بالاستراحات بين كل أربع ركعات. تُصلَّى جماعةً في المساجد بعد صلاة العشاء، وتُعتبَر سنةً مؤكدةً في هذا الشهر الفضيل.
الفرق الأساسي هو أن التراويح مرتبطةٌ برمضان وتتميز بالاستراحات، بينما القيام يُصلَّى في أي وقتٍ من العام دون الحاجة إلى استراحاتٍ محددة.
من أطلق اسم التراويح؟
تسمية التراويح ظهرت في صدر الإسلام مع الصحابة والتابعين في مكة والمدينة. لم يُنسَب الاسم إلى شخصٍ بعينه، بل انتشر بين المسلمين نتيجة للممارسة الجماعية للصلاة والاستراحات التي كانوا يأخذونها بين الركعات. العلماء واللغويون فيما بعد وثَّقوا هذه التسمية في كتبهم ومعاجمهم، مثل الخليل بن أحمد الفراهيدي والجوهري.
ما هو سبب نزول صلاة التراويح؟
صلاة التراويح لم تنزل بوحيٍ خاص، بل هي سنةٌ نبويةٌ فعليةٌ. بدأ النبي محمد صلى الله عليه وسلم بأدائها جماعةً في المسجد خلال ليالي رمضان، صلَّى بهم ليلتين أو ثلاثًا، ثم توقَّف عن ذلك خشية أن تُفرض على أمته فتصبح واجبًا يصعب عليهم. بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، أحيا الصحابي عمر بن الخطاب رضي الله عنه هذه السنة، فجمع الناس على إمامٍ واحدٍ في صلاة التراويح، ومنذ ذلك الحين أصبحت تؤدَّى جماعةً في المساجد خلال شهر رمضان.
ما هي قصة صلاة التراويح؟
بدأت قصة صلاة التراويح عندما خرج النبي محمد صلى الله عليه وسلم في ليالي رمضان ليصلي في المسجد، فتبعه بعض الصحابة وصلَّوا خلفه. في الليلة التالية ازداد عدد المصلين، وفي الثالثة امتلأ المسجد. في الليلة الرابعة، لم يخرج النبي إليهم، ولما سُئِلَ عن ذلك، قال إنه خشي أن تُفرض عليهم فيعجزوا عنها. بعد وفاته، رأى الخليفة عمر بن الخطاب الناس يصلون فرادى وجماعات متفرقة، فجمعهم على إمامٍ واحدٍ، وهو الصحابي أبي بن كعب، لإحياء هذه السنة بطريقةٍ منظمةٍ، محافظًا على روح الجماعة والتآلف بين المسلمين.
نصيحة إضافية:
لجعل صلاة التراويح أكثر تأثيرًا، يُفضَّل أن يُحضِّر المسلم قلبه قبل الصلاة، ويتأمل في معاني الآيات المقروءة. كما يُستحب الدعاء في السجود وبين الركعات، فشهر رمضان هو شهر الدعاء والاستجابة. ولمن يرغب في زيادة الأجر، يمكنه قراءة القرآن والذكر بعد التراويح، مستغلًا نفحات هذا الشهر الفضيل.
