النحو

تعريف المفعول لأجله وشروط نصبه وحالاته

لنتكلم اليوم عن درس المفعول لأجله، وهو درس من دروس المنصوبات في وقاعد النحو العربي، سنتحدث مع الأمثل عن تعريف المفعول لأجله وشروط نصب المفعول لأجله، وحالات المفعول لأجله، مع ذكر بعض الفوائد وتبيان بعض الشواهد من القرآن الكريم والشعر.

تعريف المفعول أجله أو المفعول له

هو مصدر قلبي يذكر بعد الفعل لإيضاح سببه وعلة وقوعه، ويكون معرفة ونكرة، نحو: (قمت إجلالاً لك)، فـ إجلالاً مفعول لأجله منصوب؛ لأنه يوضح السبب والعلة التي من أجلها وقفت، وعلامته أن يَصْلُحَ جواباً لـ (لِمَ).

شروط نصب المفعول لأجله

١ –أن يكون مصدراً مخالفاً لعامله في اللفظ.

٢ –أن يكون المصدر مذكوراً للتعليل.

٣ –أن يكون المعلَّل به حدثاً مشاركاً له في الزمان كما في المثال (قمت إجلالاً لك)، فزمن القيام وزمن قصد نية الإجلال واحد بخلاف قول امرئ القيس:

فجئت وقد نضت لنوم ثيابها * لدى الستر إلا لبسة المتفضل

فإن النوم وإن كان علة في خلع الثياب، لكن زمن خلع الثوب سابق على زمن النوم، ولهذا لم يجز نصبه على أنه مفعول لأجله.

٤ –أن يكون مشاركاً له في الفاعل، ففي المثال الأول فاعل القيام (أنا) وفاعل الإجلال (أنا) كذلك. بخلاف قول الشاعر:

وإني لتعروني لذكراك هزة * كما انتفض العصفور بلله القطر

ففاعل (ذكرى) هو المتكلم وفاعل (تعروني) هو (هزة)، ولهذا لم يجز نصبه على أنه مفعول لأجله.

فإذا فُقِدَ شرطٌ من هذه الشروط وجب جر الاسم باللام، وجره بـ (الباء، ومن، وفي) جائز، نحو:

-قُتِلَ الجاني بإجرامه.

-ذُبْتُ من شوق.

-سُجن المذنب في تقصير.

أي بسبب إجرامه، وبسبب شوق، وبسبب تقصير.

حالات المفعول لأجله

١ –النصب غالباً إذا كان مجرداً من ال والإضافة، نحو: (زُيِّنَتِ المدينة إكراماً للأبطال)، ويُجَرُّ على قلة، كقول الشاعر:

مَنْ أَمَّكُمْ لرغبة فيكم جُبِر * ومن تكونوا ناصريه ينتصر

فالنصب لـ (رغبة) هنا أَولى، ويَظهر أن الشاعر لم يتمكن من ذلك لضرورة الوزن.

٢ –جواز الأمرين النصب والجر: إذا كان مضافاً، نحو (تصدقت ابتغاءَ مرضاة الله، أو لابتغاء مرضاة الله).

٣ –الجر غالباً: إذا كان معرفاً بـ ال، نحو: (اصفح عنه للشفقة به)، وقد ينصب المفعول لأجله المعرف بـ ال على قلة، كقول الشاعر:

لا أقعدُ الجبنَ عن الهيجاء * ولو توالت زمر الأعداء

فالجبن مفعول لأجله منصوب.

وإذا دخل حرف الجر على المفعول أجله عُدَّ من المجرورات.

فوائد

١ –الأكثر في المفعول لأجله أن يأتي معلِّلاً ومبيِّناً سبب الفعل، إلا أنه قد يأتي معللاً لصفة أو مصدر، مثال، قول الشاعر:

يا عاذل المشتاق جهلاً بالذي * يبقى ملياً لا بلغت نجاحا

فـ (جهلاً) مفعول أجله منصوب يبين سبب وعلة العذل، و(عاذل) اسم فاعل وهو وصف.

مثال آخر: سكوتُكَ عن الحق خوفاً من المبطلين جبنٌ.

فـ (خوفاً) مفعول لأجله منصوب يبين سبب وعلة السكوت، والأخير مصدر.

٢ –يجوز تقديم المفعول لأجله على عامله سواء أنُصِب أم جُرَّ بحرف الجر، نحو: (رغبة في العلم اغتربت، وللسياحة سافرت).

شواهد مفسرة

-قال الشاعر:

وأَغفر عوراء الكريم ادخاره * وأُعرض عن شتم اللئيم تكرما

ادخاره: مفعول لأجله منصوب، وكذلك تكرماً.

الشاهد فيه: قوله (ادخاره) حيث جاء بالمفعول لأجله منصوباً وهو معرف بالإضافة، ثم جاء بالمفعول لأجله وهو مجرد من ال والإضافة في قوله (تكرماً).

-قال الشاعر:

فهي تمشي مشي العروس اختيالاً * وتثنَّى على الزمان دلالا

اختيالاً، ودلالاً: كل منهما مفعول لأجله منصوب.

-قال الفرزدق:

يُغضِي حياء ويُغضَى من مهابته * فلا يكلم إلا يبتسم

حياء: مفعول لأجله صريح، و(من مهابته) في موضع المفعول لأجله غير صريح، وتقدير الكلام: ويغضى الإغضاء من مهابته، فنائب الفاعل والمصدر المقدر (الإغضاء).

-في القرآن الكريم {يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت}.

(حذر) مفعول لأجله منصوب، وقد استوفى الشروط الأربعة:

١ –بأنه مصدر.

٢ -يفيد التعليل.

٣ –مشارك لـ (يجعلون) في الزمان.

٤ –مشارك لـ (يجعلون) في الفاعل.

فوضع الأصابع في الآذان وقصد الحذر هما في زمن واحد، وكذلك هما متحدان في الفاعل؛ لأن فاعل (يجعلون) هم، والحذر صادر عن هؤلاء أنفسهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى