شرح فجئت وقد نضت لنوم ثيابها وحتى وجيد كجيد الرئم ليس بفاحش
فَجْئْتُ وَقَدْ نَضَّتْ لِنَومٍ ثِيَابَهَا … لَدَى السِّتْرِ إِلَّا لِبْسَةَ الْمُتَفَضِّلِ
معاني المفرداتِ
نَضَّتْ: خلعَتْ، ونضَّ سيفَهُ إذا سَلَّهُ مِنْ غِمدِهِ.
لَدَى السِّتْرِ: عندَ مكانِ السِّترِ.
الْـمُتَفَضِّلِ: اللَّابسُ ثوباً واحداً إذا أرادَ الخفَّةَ في العملِ.
معنى البيتِ
أتيتُ إلى المحبوبةِ وقدْ خلعَتْ ثيابَهَا للنَّومِ سوى ثوبٍ واحدٍ تنامُ فيهِ، وقدْ وقفَتْ عندَ السِّتارةِ منتظرةً لي، وإنَّمَا خلعَتْ ثيابَهَا لتُري أهلَهَا أنَّهَا تريدُ النَّومَ.
يشيرُ بهذا إلى أنَّهَا وليدةُ نعمةٍ.
فَقَالَتْ يَمِينَ اللهِ مَالَكَ حِيلَةٌ … وَمَا إِنْ أَرَى عَنْكَ الْغَوايَةَ تَنْجَلِي
معاني المفرداتِ
اليمينُ: الحَلِفُ.
حيلةٌ: عُذْرٌ وحِجَّةٌ، أوِ الحذقُ والمهارةُ في تدبيرِ الأمورِ، وتقليبُ الفكرِ حتَّى يهتدي إلى المقصودِ.
الغوايةُ: الضَّلالةُ.
تنجلي: تنكشفُ.
معنى البيتِ
فقالَتْ لي: أقسم بالله أنَّه ليسَ لَكَ عذرٌ في زيارتِي ليلاً، وما أرى ضلالَ العشقِ منكشفاً عنكَ.
وقيلَ: بلْ معناهُ: ما لَكَ حجَّةٌ في أنْ تفضحَنِي بطروقِكِ إيَّايَ وزيارتِكَ ليلاً.
أو: أقسمْ باللهِ لا أقدرُ أنْ أحتالَ في دفعِكَ عنِّي، وإنِّي أراكَ غيرَ كافٍّ عنْ ضلالِكَ.
خَرَجْتُ بِهَا أَمْشِي تَجُرُّ وَرَاءَنَا … عَلَى أَثَرَينَا ذَيلَ مِرْطٍ مُرَحَّلِ
معاني المفرداتِ
أثرينا: الأَثرُ والإِثرُ واحدٌ، وهوَ ما تترُكُهُ الأقدامُ بعدَ المشيِ.
ذيل: الذَّيلُ: آخرُ الشَّيءِ، وذيلُ الثَّوبِ ما جُرَّ منهُ إذا أُسبلَ.
مرط: المرطُ كساءٌ مِنْ خَزٍّ أو صوفٍ.
مرحل: الـمُنَقَّشُ أوِ الَّذي فيهِ خطوطٌ.
معنى البيتِ
أخرجْتُ محبوبتي مِنْ بيتِهَا، وهيَ تمشي معي وتجرُّ آخرَ كسائِهَا المنقَّشِ وراءَنَا لتمحوَ بِهِ آثارَ أقدامِنَا لئلَّا يُقتفى أثرَنَا فيُعرفُ مكانُنَا.
فَلَمَّا أَجَزْنَا سَاحَةَ الْحَيِّ وَانْتَحَى … بِنَا بَطْنُ خَبْتٍ ذِي حِقَافٍ عَقَنقَلِ
معاني المفرداتِ
أَجَزْنَا: قطعْنَا.
ساحةَ الحيِّ: فناءُ الدَّارِ وباحتُهُ.
الحيِّ: القبيلةُ.
انْتَحَى: اعترضَ.
بَطْنُ: هوَ المكانُ المطمئنُّ حولَهُ أماكنُ مرتفعةٌ.
خَبْتٍ: المنخفضُ المجهولُ مِنْ بطونِ الأرضِ.
حِقَافٍ: ما اعوجَّ وتثنَّى مِنَ الرَّملِ.
ويُروى ذي قِفافٍ، وهيَ جمعُ قفٍّ: وهوَ ما غَلُظَ وارتفعَ مِنَ الأرضِ ولمْ يبلغْ أنْ يكونَ جبلاً.
عَقَنقَلِ: منعقدٌ متداخلٌ.
معنى البيتِ
فلمَّـا قطعْنَا باحةَ القبيلةِ واعترضتْنَا أرضٌ منخفضةٌ مجهولةٌ تحيطُ بِهَا تلالٌ مِنْ رملٍ منعقدٍ داخلٍ بعضُهُ في بعضٍ.
هَصَرْتُ بِفَودَيْ رَأْسِهَا فَتَمَـايَلَتْ … عَلَيَّ هَضِيمَ الْكَشْحِ رَيَّا الْـمُخَلْخَلِ
ويُروى:
إِذَا قُلْتُ هَاتِي نَوِّلِينِي تَـمَايَلَتْ… عَلَيَّ هَضِيمَ الْكَشْحِ رَيَّا الْـمُخَلْخَلِ
معاني المفرداتِ
هَصَرْتُ: جَذَبْتُ.
بِفَودَيْ رَأْسِهَا: جانبَي رأسِهَا.
نَوِّلِينِي: أعطينِي. فمعنى التَّنويلِ التَّقبيلُ، وهوَ مِنَ النَّوالِ أيِ العطيَّةِ.
هَضِيمَ: ضَامِرَ.
الْكَشْحِ: ما بينَ مُنْقَطَعِ الأضلاعِ إلى الوَرِكِ، وهوَ الخَصْرُ.
ويُريدُ بذلِكَ: نحيلَ الخَصرِ.
رَيَّا: تأنيثُ الرَّيَّانِ، أي مَلأى.
الْـمُخَلْخَلِ: موضعُ الخَلخالِ مِنَ السَّاقِ.
والعربُ تستحسنُ مِنَ المرأةِ دِقَّةَ الخَصرِ وعَبالَةَ السَّاقيِن أي ضَخَامَتَهُمَا.
معنى البيتِ
لـمَّـا خرجْنَا مِنْ مَنزلِ القومِ وأَمِنَّا الرُّقباءَ؛ جَذَبْتُ جانبَي رأسِهَا (ذُؤَابَتَيهَا) إليَّ فطاوعتْنِي فيمَـا أردْتُ منهَا، ومالَتْ عليَّ ملبِّيَةً طلبِي بخصرِهَا النَّحيلِ وساقَيهَا الممتلئتينِ باللَّحمِ.
وعلى الرِّوايةِ الثَّانيةِ: إذا طلبْتُ منهَا ما أحببْتُ، وقلْتُ أعطينِي القُبُلاتِ مالَتْ علي بخصرِهَا النَّحيلِ وساقَيهَا الممتلئتينِ باللَّحمِ.
ذُؤَابَةُ الرَّأسِ: هيَ الَّتي أحاطَتْ بالدَّوَّارةِ مِنَ الشَّعْرِ.
مُهَفْهَفَةٌ بَيضَاءُ غَيرُ مُفَاضَةٍ … تَرَائِبُهَا مَصْقُولَةٌ كَالسَّجَنْجَلِ
معاني المفرداتِ
مُهَفْهَفَةٌ: لطيفةُ الخصرِ ضامرةُ البطنِ.
مُفَاضَةٍ: المُفاضةُ هيَ المرأةُ العظيمةُ البطنِ المسترخيةُ اللَّحمِ.
تَرَائِبُهَا: التَّرائبُ جمعُ التَّريبةِ: وهيَ موضعُ القلادةِ مِنَ الصَّدرِ.
مَصْقُولَةٌ: مَجْلُوَّةٌ متلألئةٌ.
كَالسَّجَنْجَلِ: كالمرآةِ، وهيَ لغةٌ روميَّةٌ معرَّبةٌ.
ويُروى مصقولةٌ بالسَّجنجلِ، ومعناهُ: بماءِ الذَّهبِ والفضَّةِ، وقيلَ: هوَ ماءُ الزَّعفرانِ.
معنى البيتِ
إنَّهَا دقيقةُ الخصرِ، ليسَتْ عظيمةَ البطنِ بلْ بطنُهَا ضامرةٌ، وصدرُهَا برَّاقُ اللَّونِ متلألئٌ كالمِرآةِ، أو كأنَّهُ ماءُ الذَّهبِ والفضَّةِ.
كَبِكْرِ الْمُقَانَاةِ الْبَيَاضِ بِصُفْرَةٍ … غَذَاهَا نَمِيرُ الْمَاءِ غَيرَ مُحَلَّلِ
معاني المفرداتِ
كَبِكْرِ: البِكرُ مِنْ كلِّ صنفٍ: أوَّلُ كلِّ شيءٍ.
ذكرَ بعضُ أهلِ اللُّغةِ أنَّ البكرَ هاهنا اللُّؤلؤةُ، وجعلَهَا بكراً؛ لأنَّهَا أوَّلُ شيءٍ يَخرجُ مِنَ الصَّدفِ، وإنَّ اللُّؤلؤةَ الكبيرةَ النَّفيسةَ تكونُ في طرفِ الصَّدفةِ، فأوَّلُ ما تَشُقُّ تَخرجُ، فلذلِكَ سمِّيَتْ بِكراً.
الْمُقَانَاةِ: الخلطُ، يُقالُ: قانيتُ بينَ الشَّيئينِ؛ إذا خلطْتُ أحدَهُمَا بالآخرِ.
والقصدُ الممتزجةُ البياضِ بصفرةٍ، وهوَ أحسنُ ألوانِ النِّساءَ عندَ العربِ.
-وقيلَ: المقاناةُ الموضعُ الظَّليلُ لا تطلعُ الشَّمسُ عليهِ.
-وقيلَ: بكرُ المقاناةِ: أوَّلُ بيضةٍ تبيضُهَا النَّعامةُ، وكلُّ لونِ صفرةٍ في بياضٍ فهوَ مقاناةٌ، فقدْ شبَّهَ لونَ المحبوبةِ بلونِ بيضِ النَّعامِ في أنَّ لكلٍّ منْهَا بياضاً خالطَتْهُ صفرةٌ.
-وقيلَ: المعنى كبكرِ الصَّدفةِ الَّتي خالطَ بياضَهَا صفرةٌ، وأرادَ ببكرِهَا دُرَّتَهَا الَّتي لمْ يُرَ مثلُهَا.
-وقيلَ: أرادَ كبكرِ البَرديِّ، وهوَ نباتٌ كالقصبِ، كانَ القدماءُ المصريُّونَ يستخدمونَ قِشرَهُ للكتابةِ.
نَمِيرُ الْمَاءِ: النَّميرُ هوَ الماءُ النَّامي في الجسدِ، والقصدُ: طَيِّبُ الماءِ.
أرادَ: إنَّهَا عذراءُ بيضاءُ مصفرَّةٌ لا تراهَا الشَّمسُ، يُقدَّمُ لَهَا الماءُ الطَّيِّبُ العذبُ.
وقيلَ: غذاهَا نميرُ الماءِ، النَّميرُ هُنَا: العذبُ المشروبُ، فإنَّهُ لَمْ يُرِدْ أنَّهَا في العذبِ المشروبِ، وإنَّمَا أرادَ أنَّ ماءَ البحرِ الَّذي هيَ فيهِ؛ لأنَّهَا كالصَّدفةِ في البحرِ، هذا الماءُ غذاءٌ لَهَا، كغذاءِ الماءِ العذبِ لَنَا، والنَّميرُ: العذبُ، فماءُ البحرِ نميرُهَا.
غَيرَ مُحَلَّلِ: أي لا يحلُّهُ يعني لا يصيبُهُ أحدٌ مستوطناً مقيماً، أو لمْ يكثرْ حلولُ النَّاسِ عليهِ، فيُكَدِّرُهُ ذلِكَ.
ويُروى: غَيرَ مُحَلِّلِ: بكسرِ اللَّامِ، وفُسِّرَ بقليلٍ ينقطعُ سريعاً.
معنى البيتِ
في معنى البيتِ ثلاثةُ أقوالٍ:
١ -إنَّ لونَ المحبوبةِ كلونِ بيضِ النَّعامِ بياضٌ خالطْتُهُ صفرةٌ يسيرةٌ، وهيَ حسنةُ الغذاءِ؛ إذْ غَذَاهَا ماءٌ طيِّبٌ عذبٌ لمْ يُعَكَّرْ بكثرةِ حلولِ النَّاسِ عليهِ.
٢ -إنَّ المحبوبةَ بيضاءُ تشوبُهَا صفرةٌ كدرَّةِ الصَّدفةِ الَّتي لمْ يُرَ مثلُهَا، وقدْ غَذاهَا ماءٌ صافٍ، وهيَ ليسَتْ في متناولِ مَنْ أرادَهَا؛ لأنَّهَا في قعرِ البحرِ لا تصلِ إليهَا الأيدي.
٣ -إنَّ لونَ المحبوبةِ مثلُ لونِ نباتِ البَرديِّ شابَ بياضَهُ صفرةٌ، وقدْ غذا المحبوبةَ ماءٌ عذبٌ مثلُ هذا النَّباتِ، ولمْ يكثرْ حلولُ النَّاسِ عليهِ، وهوَ شرطٌ ليَسْلَمَ الماءُ عنِ الكدرِ، وإذا كانَ كذلِكَ لمْ يُغَيِّرَ لونَ البَرديِّ.
تَصُدُّ وَتُبْدِي عَنْ أَسِيلٍ وَتَتَّقِي … بِنَاظِرَةٍ مِنْ وَحْشِ وَجْرَةَ مُطْفِلِ
معاني المفرداتِ
تَصُدُّ: تُعْرِضُ.
تُبْدِي: تُظْهِرُ.
أَسِيلٍ: خَدٌّ أسيلٌ: سَهْلٌ لَيِّنٌ أو سَهْلٌ طويلٌ.
والأسالةُ في الْخَدِّ: الاستطالةُ وألَّا يكونَ مرتفعَ الوَجْنَةِ.
وفي صِفَتِهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ «كَانَ أَسِيلَ الْخَدَّينِ أَو أَسِيلَ الْجَبِينِ».
قالَ أبو زيدٍ: مِنَ الخُدُودُ الأسيلُ، وهوَ السَّهْلُ اللَّيِّنُ الدَّقِيقُ الْمُسْتَوي، وَالْمَسْنُونُ اللَّطِيفُ، الدَّقِيقُ الْأَنْفِ.
-ويُروى (تصُدُّ وتُبدي عنْ شنيبٍ)؛ أي ثغرٍ شنيبٍ، والشَّنيبُ والأشنبُ حِدَّةُ الأسنانِ.
-ويُروى (تصُدُّ وتُبدي عنْ شَتيتٍ)؛ أي عنْ ثغرٍ شتيتٍ، والشَّتيتُ: المتفرِّقُ.
تَتَّقِي: الاتِّقاءُ: الحجزُ بينَ الشَّيئينِ، وقالَ بعضُهُمْ: معنى قولِهِ تتَّقي، تتَّقي بعينِهَا مَنْ تخافُهُ مِنْ أوليائِهَا.
بِنَاظِرَةٍ: بعينٍ ناظرةٍ.
وَحْشِ: جمعُ وحشيٍّ، وهوَ ها هنَا البقرُ الوحشيُّ والظِّباءُ.
وَجْرَةَ: اسمُ موضعٍ، وأرادَ بوحشِ وجرةَ؛ ظباءَهَا.
مُطْفِلِ: هيَ الَّتي لَهَا طفلٌ ترضعُهُ، أرادَ الغزالَ. والمُطْفِلُ أحسنُ نظراً مِنْ غيرِهَا؛ لحُسْنِ نظرِهَا إلى طفلِهَا مِنَ الرِّقَّةِ والشَّفقةِ.
قالَ الفرَّاءُ: لمْ يقلُ مُطفلةً؛ لأنَّ هذا لا يكونُ إلا للنِّساءِ؛ فصارَ عندَهُ مثلُ حائضٍ.
معنى البيتِ
إنَّ محبوبتي تُعْرِضُ عنِّي وقدْ أظهرَتْ لي خدّاً سهلاً ناعماً طويلاً، وتستقبلُنِي بعدَ هذا الإعراضِ بعيونٍ مثلِ عيونِ ظباءِ أو مها منطقةِ وجرةَ الَّتي لَهَا أطفالٌ ينظرْنَ إليهِمْ بعطفٍ وشفقةٍ.
وَجِيدٍ كَجِيدِ الرّئْمِ لَيسَ بِفَاحِشٍ … إِذَا هِيَ نَصَّتْهُ وَلَا بِمُعَطَّلِ
معاني المفرداتِ
الجيدُ: هو العنق، وجمعه جيود وأجياد.
ومنه قول الشاعر:
لَهَا الْجِيدُ مِنْ جَيْدَاءَ وَالْعَينُ طَرْفُهَا … كَعَينَاءَ يَهْدِيهَا غَرَاهَا فَتَرْمُقُ
الرِّئمُ: هو حيوان الظبي الأبيض خالص في البياض ليس يشوبه لون آخر، وجمع الرئم آرام، أي إن لون عنقها مثل لون الظبي الأبيض.
قال زهير بن أبي سلمى:
بِهَا الْعِينُ وَالْأَرْآمُ يَمْشِينَ خِلْفَةً … وَأَطْلَاؤُهَا يَنْهَضْنَ مِنْ كُلِّ مَجْثَمِ
فاحشٌ: ليس بفاحش؛ أي لم يجاوز القدر المحمود، والفحشاء أصلها قبح المنظر، والمعنى هنا: ليس بقبيح أو ليس كريه المنظر.
نَصَّتْهُ: رفعته ونصبته، والنص هو الرفع، ومنه اشتقت المنصة التي توضع عليها العروس، واشتق منه النص في السير عندما تجبر البعير على أن تسير سيراً شديداً. ومنه أيضاً: نصصت الكلام أنصه: أي رفعته.
مُعَطَّلٌ: أي ليس خالياً من الحلي، تقول العرب: قوس عطل؛ أي لا وتر عليها.
معنى البيتِ
يتابعُ امرؤُ القيسِ وصفَ محبوبتِهِ بأنَّهَا تُظْهِرُ عُنقاً أبيضَ صافيَ البياضِ لا يشوبُهُ لونٌ آخرُ مثلَ عنقِ الظَّبي الأبيضِ الخالصِ البياضِ، هذا العنقُ الجميلُ ليسَ قبيحاً ولا متجاوزاً قدرَ الجمالِ عندما ترفعُهُ، بلْ هوَ أجملُ مِنْ عنقِ الظَّبيِ؛ لأنَّهُ محلىً بالزِّينةِ مِنْ عِقْدٍ وغيرِهِ مُزْدَانٌ جمالاً بِهَا لا كمثلِ عنقِ الظَّبي ليسَ فيهِ حُليٌّ.
تحليل البيت
ما زلنا نعيش مع امرئ القيس في تلك البيئة الصحراوية الجميلة التي تحوي أجمل الحيوانات كالظبي والفرس وغيره، وها هو يشبه جمال عنق محبوبته ولونها بلون الظبي الأبيض، وهو تشبيه مجمل حذف منه وجه الشبه، وإن استخدام التشبيه المجمل قد أجمل وجَمَّلَ لنا هذا الوصف البديع لمحبوبته.
وقد حرص امرؤ القيس على إتقان النسبة في أجزاء العنق، فتراه يشببها تارة بجمال عنق الظبي ثم يفاضل بينهما في الجمال ويفضل جمال محبوبته بأن عنقها هو أجمل من عنق الظبي كونه محلى بالزينة.
ونرى حرصه إلى إظهار حركة هذا العنق البديع في استخدام الفعل (نصته)، وكونه ملائماً لقوله (تصد وتبدي)، هذه الحركة الذي توقع سهام العشق في قلب المحبوب.
أما قوله (ولا بمعطل) فهنا أعطانا نظرة شاملة كاشفة كنظرته عندما قال (هصرت بفودي رأسها فتمايلت)، ثم تركك لتـتخيل هذا المشهد لعنقها المرفوع والمحلى بالجواهر.