من هو أول من تكلم باللغة العربية وما هي أول اللغات؟
يدورُ حديثٌ دائمٌ بينَ النَّاسِ عنْ أوَّلِ لغةٍ في هذا العالمِ وأقدمِهَا، وعنْ أوَّلِ مَنْ نطقَ باللُّغةِ العربيَّةِ. الإجابةُ بكلِّ بساطةٍ: لا يمكنُ الجزمُ بهذا الأمرِ، ولا يوجدُ دليلٌ قاطعٌ، ولا يعرفُ أحدٌ على وجهِ الدِّقَّةِ ما أوَّلُ لغةٍ هلْ هيَ العربيَّةُ أمْ غيرُهَا، ولا يعرفُ أحدٌ أيضاً مَنْ أوَّلُ مَنْ تكلَّمَ بلغتِنَا العربيَّةِ، لكنْ سنقدِّمُ لَكُمْ أقوالَ جميعِ العلماءِ في هذا الشَّأنِ.
أوَّلُ مَنْ تكلَّمَ باللُّغةِ العربيَّةِ
فيهِ أقوالٌ:
القولُ الأوَّلُ: آدمُ عليهِ السَّلامُ
وفيهِ أدلَّةٌ:
١ -قولُهُ الشَّعرَ في رثاءِ ابنِهِ لمَّا قتلَهُ أخوهُ، ولا يقولُ الشِّعرَ إلَّا عربيٌّ.
٢ -قولُهُ لجبريلَ عليهِ السَّلامُ (عرفْتُ) عندمَا علَّمُهُ المناسكَ، وسُمِّيَتْ عرفةُ بقولِهِ، على أحدِ الأقوالِ في معنى عرفةَ.
٣ –استدلَّ العلماءُ بأنَّ القرآنَ كلامُ اللَّهِ وهوَ عربيٌّ، وهوَ دليلٌ على أنَّ لغةَ العربِ أسبقُ اللُّغاتِ وجوداً، وكلُّ لغةٍ سواهَا حَدَثَتْ بعدَهَا؛ إمَّا توقيفاً أوِ اصطلاحاً.
٤ –قولُهُ تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا}: يعني بالأسماءِ اللُّغاتَ على أحدِ التَّفاسيرِ.
٥ -رُوِيَ عنْ كَعْبِ الأحبارِ: أنَّ أوَّلَ مَنْ وَضَعَ الكتابَ العربيَّ والسُّريانيَّ والكتبَ كلَّهَا وتكلَّمَ بالألسنةِ كلِّهَا آدمُ عليهِ السَّلامُ.
٦ –قولُ سفيانَ الثَّوريِّ: لَمْ يَنْزِلْ وَحْيٌّ إلَّا بالعربيَّةِ ثُمَّ يُتَرْجِمُ كُلُّ نَبِيٍّ لقومِهِ بلسَانِهِمْ.
٧ -أخرجَ ابنُ عساكرَ في التَّاريخِ عنِ ابنِ عبَّاسٍ أنَّ آدمَ عليهِ السَّلامُ كانَتْ لغتُهُ في الجنَّةِ العربيَّةَ فلمَّا عَصَى سلَبَهُ اللهُ العربيَّةَ فتكلَّمَ بالسُّريانيَّةِ فلمَّا تابَ ردَّ اللهُ عليهِ العربيَّةَ.
٨ -قالَ عبدُ الملكِ بنُ حبيبٍ: كانَ اللِّسانُ الأوَّلُ الَّذي نزلَ بِهِ آدمُ مِنَ الجنَّةِ عربيّاً إلى أنْ بَعُدَ العهدُ وطالَ حُرِّفَ وصارَ سُريانيّاً، وكانَ يُشاكِلُ اللِّسانَ العربيَّ، إلَّا أنَّهُ مُحرَّفٌ، وهوَ كانَ لسانَ جميعِ مَنْ في السَّفينةِ إلَّا رجلاً واحداً يُقالُ لَهُ جُرهمٌ، فكانَ لسانُهُ العربيُّ الأوَّلَ فلمَّا خرَجُوا مِنَ السَّفينةِ تزوَّجَ أرمُ بنَ سامٍ بعضَ بناتِهِ، فمنهُمْ صارَ اللِّسانُ العربيُّ في ولدِهِ عَوْصُ أبي عادٍ وعَبيلٍ، وجائرٍ أبي ثمودَ وجديسٍ، وسُمِّيَتْ عادٌ باسمِ جرهمَ؛ لأنَّهُ كانَ جدُّهُمْ مِنَ الأمِّ، وبقيَ اللِّسانُ السُّريانيُّ في ولدِ أرْفَخَشْدَ بنَ سامٍ، إلى أنْ وصلَ إلى يشجبَ بنِ قحطانَ منْ ذرِّيَتِهِ، وكانَ باليمنِ فنزلَ هناكَ بنو إسماعيلَ؛ فتعلَّمَ منهُمْ بنو قحطانَ اللَّسانَ العربيَّ.
القولُ الثَّاني: نوحٌ عليهِ السَّلامُ: الَّذي عَلَّمَهَا لابنهِ سامٍ.
القولُ الثَّالثُ: هودٌ عليهِ السَّلامُ: بدليلِ ما رُوِيَ عنِ ابنِ عبَّاسٍ: قالَ: كانَ هودٌ أوَّلَ مَنْ تكلَّمَ بالعربيَّةِ.
القولُ الرَّابعُ: يَعْرُبُ بنُ قَحْطَانَ بنِ هودٍ: وقدْ سُمِّيَتِ العربُ عرباً بِهِ، وإنَّهُ إنَّمَا سُمِّيَ بذلِكَ لإعرابِهِ عنِ المعاني.
القولُ الخامسُ: عمليقُ بنُ لوذِ بنِ سامِ بنِ نوحٍ: حينَ ظَعَنُوا مِنْ بابلَ.
القولُ السَّادسُ: إسماعيلُ عليهِ السَّلامُ
بدليلِ قولِهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: أوَّلُ مَنْ فُتِقَ لسانُهُ بالعربيَّةِ المُبينةِ إسماعيلُ وهوَ ابنُ أربعَ عشرةَ سنةٍ.
لكنَّ هذا الحديثَ يدلُّ على أنَّهُ تكلَّمَ بالعربيَّةِ الفصحى لغةِ قريشَ الَّتي نزلَ بِهَا القرآنُ، وأنَّهُ كانَتْ توجدُ لغةٌ عربيَّةُ أقلُّ مِنْهَا شأناً وهيَ عربيَّةُ قطحانَ وحِمْيَرَ، وقدْ تعلَّمَهَا إسماعيلُ عليهِ السَّلامُ مِنْ جرهمٍ.
وأخرجُ الحاكمُ في المستدركِ وصحَّحَهُ، والبيهقيُّ في شعبِ الإيمانِ مِنْ طريقِ سفيانَ الثَّوريِّ عنْ جعفرِ بنِ محمَّدِ عنْ أبيهِ عنْ جابرٍ: أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليهِ وسلَّمَ تلا: {قرآنا عَرَبيّاً لقومٍ يعلمون} ثُمَّ قالَ: (أُلْهِمَ إسماعيلُ هذا اللِّسانَ العربيَّ إلهاماً).
إذاً: لا يمكنُ لأحدٍ أنْ يجزمَ في مسألةِ ما أوَّلُ اللُّغاتِ، وهلْ هيَ اللُّغةُ العربيَّةُ أمْ غيرُهَا؛ بسببِ عدمِ توفُّرِ دليلٍ قاطعٍ وبرهانٍ واضحٍ على هذا الأمرِ، ولكنَّ الأقربَ إلى القلبِ بناءً على الأدلَّةِ المذكورةِ أعلاهُ أنَّهَا اللُّغةُ العربيَّةُ، واللهُ أعلى وأعلمُ.
وختاماً، إنْ كانَتْ اللُّغةُ العربيَّةُ هيَ أوَّلُ اللُّغاتِ أمْ آخرُهَا فلنْ يزيدَ ذلِكَ شيئاً في شرفِهَا ورفعتِهَا أو يُنقصَ مِنْ قدرِهَا ولو مقدارَ أُنملةٍ؛ فهيَ كانَتْ وما زالَتْ وستبقى أقدسَ اللُّغاتِ وأشرَفَهَا؛ لأنَّهَا لغةُ القرآنِ الكريمِ أقدسِ الكتبِ وأطهرِهَا، وهيَ لغةُ أهلِ الجنَّةِ، وهيَ لغةُ المبعوثِ رحمةً للعالمينَ نبيِّنَا محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وكفى بذلِكَ شرفاً ورفعةً وقدراً ومكانةً.
موضوع جميل حقيقة لكن لدي ملاحظة اردت مشاركتها وهي انه الى الان لايوجد احد تحدث عن اللغة العربية من منظور علمي ( قد يكون موجدين لكن لا اعرف )وليس الاكتفاء بالنصوص فقط ، واللغات غالبا غير ثابته تتغير مع الزمن وتتطور وتتفرع مثال مفهوم اللغة الكيرولية والبدجن واللغات المختلطة(مصطلحات) لذلك ظهرت علوم حديثة مثل علم اللغويات او الالسنة وهو فرع من فروع علم الانسان لدراسة هذا المواضيع بشكل اكثر موضوعية وعلمية نتمنى ان نرى بالمستقبل مختصين بهذا المجال بشكل ملحوظ.