النحو

عطف البيان: تعريفه وفائدته وأحكامه والفرق بينه وبين البدل

درسُنَا اليوم عن عطف البيان، سنتحدث فيه عن تعريف وفائدة عطف البيان وأحكام عطف البيان، والفرق بين عطف البيان والبدل.

تعريف عطف البيان؟

هو تابع جارٍ مجرى النعت في ظهور المتبوع وفي التوضيح والتخصيص جامد أو بمنزلة الجامد، ويطلق عليه أيضاً مصطلح (الترجمة) وذلك حين الكشف عن الكنية لقيامه بالشهرة دونها؛ فهو تفسير للأول باسم أكثر شهرة من الأول.

أو هو تابع جامد (غير مشتق) يشبه النعت في كونه يكشف عن المراد، كما يكشف النعت، وينزل من المتبوع منزلة الكلمة الموضحة لكلمة غريبة قبلها، كقول الشاعر:

أَقْسَمَ باللَّهِ أبو حفصٍ عمرُ

فعمرُ: عطف بيان على (أبو حفص) ذُكِرَ لتوضيحه والكشف عن المراد به، وهو تفسير له وبيان، وأراد به سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

فائدة عطف البيان

١ -إيضاح متبوعه إن كان المتبوع معرفة كالمثال السابق.

٢ –تخصيص متبوعه إن كان المتبوع نكرة، نحو: اشتريتُ أثاثاً سريراً، ومنه قوله تعالى: {أو كفارةٌ طعامُ مساكينَ}.

٣ –توكيد متبوعه.

٤ –المدح والثناء، ومن ذلك قولنا: (قال علي زين العابدين) فجيء بعطف البيان (زين العابدين) للثناء والمدح لا البيان والإيضاح.

أحكام عطف البيان

١ -كل عطف بيان يصح أن يحل محل المعطوف عليه ويمكن الاستغناء عنه، وكل ما جاز أن يكون عطف بيان أمكنَ إعرابه بدلاً أيضاً، أي بدل كل من كل.

ففي قولنا: رحم اللهُ أبا حفصٍ عمرَ.

يجوز أن تعرب (عمرَ) عطف بيان أو بدلاً؛ إذ يجوز أن يحل محل المتبوع فتقول: (رحم الله عمرَ)، ويجوز الاستغناء عنه فتقول: رحم الله أبا حفص.

٢ –من عطف البيان الجمل الواقعة بعد (أيْ وأنْ) التفسيريتين: أما (أيْ) فتُفَسَّر بها المفردات والجمل، وأما (أنْ) فلا يفسر بها إلا الجمل المتضمنة معنى القول دون حروفه، مثل: أمرتُ وناديتُ وأشرتُ وكلمتُ ونحوها وما يشتق منها،

نحو: (رأيت ثعلباً أيْ أبا الحصين)، فـ (أبا) عطف بيان على (ثعلباً).

ونحو: (أشرتُ إليه أنِ اذهبْ) فجملة (اذهب) عطف بيان على جملة (أشرت).

وكذلك (إذا) التي بمعنى (أي) التفسيرية، تقول: (شهدتَ الهلالَ إذ رأيتَهُ بعينيك) فجملة (رأيته) عطف بيان على جملة (شهدت).

وحيث يصح أن يحل التابع محل المتبوع ولا تختل الجملة بشيء لا من جهة اللفظ ولا من جهة المعنى جاز حينئذ إعراب التابع عطف بيان أو بدلاً.

٣ –أحكام عطف البيان مع متبوعه مثل أحكام النعت الحقيقي مع منعوته؛ فيجب أن يطابق عطف البيان متبوعه في الإعراب وفي الإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث والتعريف والتنكير.

الفرق بين عطف البيان والبدل

لا يجب أن يغيب عن بالنا أن عطف البيان يفترق عن البدل بأمور منها:

١ –البدل يكون ضميراً، وعطف البيان ليس كذلك.

٢ –البدل يكون في الجمل، وعطف البيان لا يكون جملة.

٣ –البدل يكون فعلاً، وعطف البيان لا يكون فعلاً.

٤ –يجوز في البدل مخالفة متبوعه تعريفاً وتنكيراً ويمتنع ذلك في عطف البيان.

٥ –البدل هو المقصود بالحكم، وعطف البيان هو المقصود لا متبوعه.

٦ –البدل يُقَدَّر من جملة أخرى، ولا يقدر عطف البيان من جملة أخرى.

٧ –البدل على نية تكرار العامل فيصح تسليط عامل واحد على البدل والمبدل منه؛ لأن البدل في نية إحلاله محل الأول، وعطف البيان ليس على نية إحلاله محل متبوعه، ومثاله قولنا: (يا زيدُ الحارثُ) حيث يمتنع إعراب الحارث بدلاً؛ لأن البدل على نية إحلاله محل الأول، وفي صنعة الإعراب لا يجوز مجيء المنادى معرفاً بـ ال، فلا يقال: يا الحارث، ولذا تعين جعله عطف بيان.

٨ –لا يجوز عطف النكرة على المعرفة عطف بيان؛ لوجوب التطابق بين التابع ومتبوعه في عطف البيان، والبدل ليس كذلك، ففي قوله تعالى: {فيه آياتٌ بيناتٌ مقامُ إبراهيمَ}، جعل الزمخشري (مقام) عطف بيان من بينات، والصواب أنها بدل؛ لعدم التطابق في التعيين بين التابع ومتبوعه.

٩ –يمتنع الاستغناء على المتبوع في عطف البيان ويصح ذلك في البدل؛ لأنه هو المقصود بالحكم لا متبوعه. ومن أدلة ذلك قول المرَّار الفقعسي:

أنا ابنُ التَّاركِ البكريِّ بِشْرٍ * عليه الطيرُ ترقبه وقوعا

فهنا تعين جعل (بشر) عطف بيان لا بدلاً؛ لعدم صحة الاستغناء عن المبدل منه؛ لأن التركيب ينحلُّ إلى (أنا ابن التارك بشرٍ) بإضافة المحلى بـ ال إلى المجرد منها (بشر) وهاذ ممتنع، ولو كانت إضافته من باب الإضافة في اللفظ.

قرينة التقسيم

١ –لا يعطف على الضمير عطف بيان، ففي قوله تعالى: {وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره} يمتنع جعل المصدر المؤول (أن أذكره) عطف بيان على الضمير في (أنسانيه)؛ لأن عطف البيان لا يكون في الضمائر.

٢ –لا يكون عطف البيان في الأفعال، ففي قوله تعالى: {ومن يفعل ذلك يلق أثاماً * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً}، ليس الفعل (يضاعف) إلا بدلاً من (يلق) لأن عطف البيان لا يكون في الأفعال.

إعراب عطف البيان

١ –يوافق عطف البيان كغيره من التوابع متبوعه في قرينة العلامة الإعرابية رفعاً ونصباً وجراً.

ففي قولنا: (يا زيدُ الحارثُ).

نقول في الإعراب:

الحارث: عطف بيان مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.

٢ –لا يجوز في عطف البيان القطع فينصب بإضمار فعل، أو يرفع بإضمار مبتدأ، وهو جائز في البدل والنعت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى