
تُعَدُّ الأدوات النحوية من أكثر المباحث اللغوية دقة وتشعباً في العربية؛ إذ تحمل معاني متعددة تختلف باختلاف السياق. ومن بين هذه الأدوات نجد لفظة تستحق التأمل لفهم استخداماتها وأوجهها النحوية المتنوعة.
ما موقع خلا في أدوات الاستثناء؟
تقع خلا في الكلام أداة للاستثناء بالدرجة الأولى، وهذا ما أكده النحويون عبر العصور. لقد أشار سيبويه إلى أنها تكون جارةً في بعض اللغات، فقال: “فحرف الاستثناء وما فيه ذلك المعنى من حروف الإضافة وليس باسمٍ، فحاشا، وخلا في بعض اللغات”.
بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الأداة تتميز بمرونة استخدام تعتمد على السياق؛ إذ يمكن أن تأتي على وجوه مختلفة. فما هي هذه الأوجه يا ترى؟ الإجابة تكمن في فهم ما يسبقها من ألفاظ وتراكيب لغوية.
كيف تعمل خلا عند اقترانها بـ “ما”؟
الأوجه النحوية لخلا:
١- خلا المجردة: تعمل حرف جر في بعض اللغات، فتجر ما بعدها قياساً على “حاشا”.
٢- ما خلا: إن سُبقت بـ “ما” المصدرية، كانت فعلاً للاستثناء ليس غير، وتنصب ما بعدها.
من ناحية أخرى، نُقِل عن الكسائي أنه أجاز الجر بـ “ما خلا” على زيادة “ما”، نحو: “جاءني القومُ ما خلا زيدٍ”. لكن هذا الرأي وُصِف بالقبح؛ إذ إن “ما” المصدرية لا تزاد قبل الجار والمجرور في الفصيح.
لماذا قلّت الشواهد على استخدام خلا؟
الملاحظ من أقوال النحويين أن سيبويه أشار إليها إشارة عابرة دون أن يذكر مثالاً أو شاهداً يوضح استخدامها. هذا وقد اقتفى النحويون اللاحقون أثره، فذكروا الجر بها قياساً على “حاشا”.
بينما نجد لأدوات الاستثناء الأخرى شواهد وفيرة، لا نكاد نعثر على شاهد شعري أو نثري يؤيد ما ذهب إليه النحويون في أحكام خلا. فهل كان استخدامها نادراً في اللغة الحية؟ الجدير بالذكر أن قلة الشواهد لا تعني بالضرورة عدم الاستخدام، بل قد تشير إلى تفضيل أساليب أخرى.
الخاتمة
وعليه فإن خلا تمثل نموذجاً للأدوات النحوية متعددة الأحكام، وبالتالي فإن إتقان استخدامها يعكس فهماً عميقاً للاستثناء في العربية.
هل ستطبق هذه الأحكام في كتابتك لتحقيق الدقة اللغوية المطلوبة؟