علوم القرآن الكريم

نزول القرآن الكريم: من اللوح المحفوظ إلى قلب النبي

دراسة شاملة في كيفية التنزيل والحكمة من التنجيم

يمثل موضوع نزول القرآن الكريم أحد أهم الموضوعات التي شغلت العلماء والباحثين عبر العصور، فهو يكشف عن الكيفية التي وصل بها كلام الله تعالى إلى خاتم الأنبياء والمرسلين. إن فهم هذه الكيفية وإدراك مراحلها وحكمها يفتح أمام الدارس آفاقاً واسعة لفهم طبيعة القرآن الكريم ومكانته العظيمة.

المقدمة

إن نزول القرآن على النبي محمد صلى الله عليه وسلم يعد حدثاً فارقاً في تاريخ البشرية، فهو نقطة التحول الكبرى التي انتقل بها العالم من الظلمات إلى النور، ومن الجهل إلى العلم. وقد تميز القرآن الكريم من بين سائر الكتب السماوية بخصائص فريدة في طريقة نزوله وتنزيله، مما يستدعي منا وقفة تأملية لفهم هذه الخصائص وإدراك الحكم الربانية الكامنة فيها. وفي هذه المقالة، نسعى لتقديم دراسة شاملة ومتعمقة حول كيفية نزول القرآن، مستندين إلى النصوص القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة وأقوال العلماء المحققين، بما يجعل هذا الموضوع واضحاً جلياً لكل من يرغب في الفهم والمعرفة.

كيفية نزول القرآن الكريم

استعمل القرآن الكريم هذه المادة (أنزل» و «نزل» و «تنزيل) ونحو ذلك بشأن تبليغ القرآن الكريم إلى النبي صلى الله عليه وسلم بواسطة الوحي، كقوله تعالى: (وبالحق أنزلناه وبالحق نزل) وقوله «إنا أنزلناه في ليلة مباركة» وقوله: «تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين». وهذا الاستعمال المتكرر لمادة النزول في القرآن الكريم يدل على أهمية هذا المفهوم وضرورة فهمه فهماً صحيحاً.

ومن المعلوم اليقيني أن القرآن كلام الله منزل على النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن حقيقة النزول تقتضي جسماً يحل ومكاناً يحل به، والقرآن ليس جسماً، فكيف تفسر معنى النزول؟ قال الزركشي: «قيل: معناه إظهار القرآن، وقيل: إن الله أفهم كلامه جبريل وهو في السماء وهو خال عن المكان، وعلمه قراءته، ثم جبريل أداه في الأرض، وهو يهبط في المكان).

معنى النزول وحقيقته

والقول الثاني أليق بالتعبير عن المراد، وهو إعلام جبريل عليه السلام بما سيهبط به على النبي الكريم، ثم أداء جبريل ذلك بأن يوحيه للنبي صلى الله عليه وسلم وحياً، أي إعلاماً خفياً سريعاً. فإنزال القرآن هو إيصاله والإعلام به، فإن من أنزل شيئاً إلى مكان فقد أوصله إليه وأعلم به كل من يراه. وهذا التفسير يزيل الإشكال الذي قد يتبادر إلى الذهن عند التأمل في حقيقة نزول القرآن الكريم.

فإذا كان النزول استعمل مجازاً بمعنى الإعلام، فلابد لنا ونحن نقدم الدراسات أدبية أن نتبين سر هذا المجاز ألا وهو التناسب مع عظمة المقام الأقدس مقام رب العالمين الذي أنزل جبريل أمينه على الوحي بهذا القرآن، ولا يخفى ما في ذلك من الإشعار بتعظيم القرآن في قلوب العباد بما توحي به كلمة النزول من وصوله إلينا من ذي العظمة والجلال. فاستخدام لفظ النزول في وصف تبليغ القرآن إنما هو للدلالة على المكانة العلوية العظيمة التي جاء منها هذا الكلام الإلهي.

الآيات القرآنية المتعلقة بنزول القرآن

فإذا ما أردنا البحث عن كيفية إنزال القرآن فلن نجد في أي بحث عن القرآن مصدراً خيراً وأقوى من القرآن الكريم نفسه، وقد كفى القرآن الباحثين فأجاب عن استفساراتهم، كما تصدى للمعاندين فرد على تقولاتهم. وقد حدثنا القرآن عن نزوله في مناسبات كثيرة يدور قطب بحثنا هنا على هذه الجمل منها: «شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان». «إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين». «إنا أنزلناه في ليلة القدر. وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر». «بل هو قرآن مجيد. في لوح محفوظ».

وظاهر الآية الأولى يستدعي البحث، لما هو معلوم عند الجميع أن القرآن لم ينزل جملة واحدة، إنما نزل مفرقاً، وقد تساءل عن ذلك الدارسون منذ العصر الأول كما روي: عن ابن عباس أنه سأله عطية بن الأسود فقال: وقع في قلبي الشك من قوله تعالى: «شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن» وقوله «إنا أنزلناه في ليلة القدر»، وقد أنزل في شوال، وفي ذي القعدة وفي ذي الحجة وفي المحرم وشهر ربيع، فقال ابن عباس: إنه أنزل في رمضان في ليلة القدر، وفي ليلة مباركة جملة واحدة، ثم أنزل على مواقع النجوم ترتيلاً في الشهور والأيام» رواه ابن أبي حاتم وابن مردويه.

مراحل نزول القرآن الكريم

وتضافرت الأسانيد الصحيحة إلى ابن عباس تثبت قوله بنزول القرآن جملة واحدة إلى بيت العزة في السماء الدنيا ليلة القدر في رمضان، وبهذا قال أكثر العلماء. وبذلك يكون للقرآن ثلاث تنزلات:

اقرأ أيضاً:  المكي والمدني: تعريفها وضوابطها، وموضوعات القرآن وأساليبه

التنزل الأول: نزوله إلى اللوح المحفوظ، كما نصت الآية: «بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ» واللوح المحفوظ عالم علوي عظيم جعله الله تعالى من أعظم المظاهر الدالة على عظمة علمه تعالى وحكمته وقدرته النافذة في الأكوان، ويختص اللوح المحفوظ بكونه مشتملاً على تسجيل ما قضى الله تعالى وقدر وما كان وما سيكون.

التنزيل الثاني: النزول إلى بيت العزة في السماء الدنيا جملة واحدة، كما سبق في كلام ابن عباس.

التنزيل الثالث: النزول على قلب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم منجماً في ثلاث وعشرين سنة.

التفسير البديل لآيات نزول القرآن

ويرى كثير من العلماء تفسير آيات نزول القرآن في ليلة القدر وشهر رمضان على غير ما ذكرناه، وأن المراد ابتدأنا إنزاله في شهر رمضان، وفي ليلة القدر، كما هو مستعمل كثيراً في اللغة إطلاق «فعل» على ابتداء الفعل، وكأن هذا الفريق يرى حديث ابن عباس تفسيراً من اجتهاده ورأيه، لأنه لم يأت مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم في شيء من طرقه، ولا ورد عن أحد من الصحابة غير ابن عباس، وإن كان هذا التأويل غير ظاهر.

وقد يتساءل القارئ عن الحكمة من إنزال القرآن جملة واحدة ثم إنزاله منجماً بعد ذلك. والحق أنه لم يرد لنا نص صريح يجلو لنا سر ذلك، لكن الباحث يتلمس باجتهاده حكمة لذلك وسراً، ومن ذلك ما يلي في الفقرة القادمة.

الحكمة من إنزال القرآن جملة واحدة ثم منجماً

١ – من الحكمة في ذلك أن فيه من الاحتفال والعناية بشأنه ما ليس في إنزاله مرة واحدة، على وجه واحد، ولا شك أن المزيد من العناية به يدل على إعزازه وتكريمه، ومن لوازم ذلك تكريم المنزل عليه وتفخيم شأنه.

٢ – المبالغة في زيادة اليقين والإيمان بالقرآن، لأن الكلام إذا سجل في سجلات متعددة وصحت له وجودات كثيرة ووثق في عدة جهات كان ذلك أنفى للريب عنه، وأدعى إلى تسليم ثبوته ووفرة الإيمان به.

٣ – سر يرجع لإعجاز القرآن، في ترتيب القرآن في النزول، ثم ترتيبه في المصحف، حيث ينظره جبريل في سماء الدنيا وهو على ترتيب المصحف، ثم يتنزل بآياته تباعاً على حسب الحوادث فتوضع كل آية في مكانها في المصحف وفق الترتيب في اللوح المحفوظ.

تنجيم نزول القرآن الكريم

تميز القرآن الكريم واختص من بين الكتب السماوية في نزوله من عند الله تعالى بأنه نزل منجماً، أي مفرقاً على دفعات كثيرة، بحسب المناسبات واقتضاء الحال، فكثيراً ما كانت تنزل خمس آيات، أو عشر آيات، أو أقل أو أكثر، وقد صح نزول عشر آيات قصار في أول سورة المؤمنون. ونزلت عشر آيات طوال في قصة الإفك من سورة النور. وقد ينزل بعض آية كقوله تعالى: «وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء…» إلى آخر الآية، نزل بعد نزول أول الآية: (يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا) (٢٨)، وكان تأخير نزول القسم الأخير منها أن يصادف تخوف المسلمين من إخراج المشركين من مكة على مصالحهم، فيزيل هذا التخوف، فيكون أعظم أثراً في شفاء النفوس من القلق.

وقد استمر نزول القرآن ثلاثاً وعشرين سنة منذ بدء الوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في سن الأربعين، إلى أن لحق بالرفيق الأعلى وهو في الثالثة والستين من عمره الشريف كما ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة. إن هذه المدة الطويلة التي استغرقها نزول القرآن تبين لنا عظمة هذا الكتاب ومدى عناية الله تعالى بتربية الأمة المحمدية تربية تدريجية متأنية.

أول وآخر ما نزل من القرآن الكريم

وكان أول ما نزل من القرآن على الإطلاق هو مطلع سورة العلق «اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم». كما ثبت في الحديث الصحيح. وكان هذا افتتاحاً جليلاً يؤذن بنقلة العالم إلى العلم والحضارة. حتى إن الخطباء والأدباء، والكتاب والمفكرين لا يفترون من القول فيه وفي دلالات الافتتاح الحكيم للوحي به.

وأما آخر ما نزل من القرآن مطلقاً فالراجح الثابت أنه قوله تعالى: «واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله، ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون». ولا يخفى عظم موقع هذه الآية في اختتام الوحي بها، فإن تأثير الدنيا والمال على الإنسان عظيم، حتى قيل: «المال شقيق الروح»، فكان اختتام الوحي بهذه الآية في غاية المناسبة لوعظ الناس، بتذكيرهم زوال الدنيا والرجوع إلى الله تعالى في الآخرة، وجاءت عبارتها في غاية القوة والتأثير حيث عبر بقوله «ثم توفى كل نفس ما كسبت»، هكذا بالإفراد تلقى ربها ويحاسبها. وعبر بقوله «وهم لا يظلمون» بالجمع، لأن العقوبة شملتهم. وصرح بنفي الظلم لأن المعاقبين وإن كانت عقوباتهم عظيمة مؤبدة فإنهم غير مظلومين لأنه من قبل أنفسهم، وبما كسبت أيديهم.

الأولية والآخرية المقيدة في نزول القرآن

هذا ويجب التنبيه إلى أن ثمة أوليّة وآخريّة من نوع آخر عني بهما العلماء، هي الأولية المقيدة أي النسبية، بالنسبة لموضوع معين، أو ناحية معينة. والآخريّة المقيدة أي النسبية بالنسبة لموضوع معين أو ناحية معينة كذلك. إن دراسة هذه الجوانب تساعد على فهم تدرج التشريع الإسلامي وحكمة الله تعالى في تنزيل الأحكام بما يتناسب مع أحوال الناس وقدرتهم على التطبيق.

ومن أمثلة أول ما نزل من القرآن مقيداً:

١ – أول سورة نزلت بتمامها سورة الفاتحة.

٢ – أول ما نزل في تحريم الخمر: «يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما».

ومن أمثلة آخر ما نزل من القرآن مقيداً:

١ – آخر ما نزل في المواريث آية الكلالة في آخر سورة النساء «يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة…».

٢ – آخر سورة نزلت بتمامها من القرآن: «إذا جاء نصر الله والفتح».

الخاتمة

وفي ختام هذه الدراسة الشاملة حول نزول القرآن الكريم، نجد أن هذا الموضوع يكشف لنا عن جوانب عظيمة من حكمة الله تعالى في تنزيل كتابه على خاتم أنبيائه ورسله. فقد تبين لنا أن نزول القرآن قد مر بمراحل ثلاث، بدءاً من اللوح المحفوظ، ثم إلى بيت العزة في السماء الدنيا، وأخيراً إلى قلب النبي محمد صلى الله عليه وسلم منجماً على مدى ثلاث وعشرين سنة. وقد كان لهذا التنجيم حكم بالغة تتعلق بتثبيت فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم، وتربية الأمة المحمدية تربية تدريجية، وتيسير حفظ القرآن وفهمه، ومعالجة الأحداث والوقائع بما يناسبها من الآيات والأحكام. إن فهم كيفية نزول القرآن وإدراك مراحله وحكمه يزيدنا يقيناً بعظمة هذا الكتاب الخالد، ويعمق صلتنا به، ويدفعنا إلى مزيد من التدبر في آياته والعمل بأحكامه، فهو كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد.

سؤال وجواب

١. ما المقصود بنزول القرآن الكريم؟

المقصود بنزول القرآن الكريم هو إيصاله والإعلام به من الله تعالى إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم عن طريق الوحي بواسطة جبريل عليه السلام. وقد استخدم القرآن ألفاظ النزول والتنزيل للدلالة على هذا المعنى، وهو استعمال مجازي يدل على الإعلام والإيصال، ويوحي بعظمة هذا الكلام الإلهي الذي جاء من ذي العظمة والجلال، مما يزيد من تعظيم القرآن في قلوب العباد ويشعرهم بقدسيته ومكانته العالية.

٢. كم عدد مراحل نزول القرآن الكريم؟

نزل القرآن الكريم على ثلاث مراحل أساسية، المرحلة الأولى هي نزوله إلى اللوح المحفوظ الذي يشتمل على تسجيل ما قضى الله وقدر. والمرحلة الثانية هي نزوله جملة واحدة إلى بيت العزة في السماء الدنيا في ليلة القدر من شهر رمضان، كما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما. أما المرحلة الثالثة فهي نزوله منجماً مفرقاً على قلب النبي محمد صلى الله عليه وسلم على مدى ثلاث وعشرين سنة بحسب المناسبات والأحداث.

٣. لماذا نزل القرآن منجماً وليس جملة واحدة؟

نزل القرآن منجماً لحكم عظيمة منها تثبيت فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم ومعالجة الأحداث والوقائع بما يناسبها، وتيسير حفظ القرآن وفهمه على المسلمين. كما أن التنجيم يدل على العناية الإلهية الخاصة بهذا الكتاب وبالنبي المنزل عليه، ويساعد على التدرج في التشريع بما يتناسب مع قدرة الناس على التطبيق. وقد كان ينزل أحياناً خمس آيات أو عشر أو أقل أو أكثر بحسب الحاجة والمناسبة، مما يجعل التطبيق أسهل والفهم أعمق.

اقرأ أيضاً:  الوحي: معناه وصفاته ومظاهره في الكتاب والسنة

٤. ما هي الحكمة من نزول القرآن إلى بيت العزة أولاً ثم تنجيمه؟

الحكمة من ذلك تتمثل في عدة جوانب، أولها أن فيه من الاحتفال والعناية بشأن القرآن ما ليس في إنزاله مرة واحدة فقط، مما يدل على إعزازه وتكريمه وتكريم المنزل عليه. ثانياً المبالغة في زيادة اليقين والإيمان بالقرآن، لأن الكلام إذا سجل في سجلات متعددة وصحت له وجودات كثيرة كان ذلك أنفى للريب عنه. ثالثاً يرجع لإعجاز القرآن في ترتيبه، حيث ينظره جبريل في السماء الدنيا على ترتيب المصحف ثم يتنزل بآياته حسب الحوادث فتوضع كل آية في مكانها وفق الترتيب المحفوظ.

٥. ما أول ما نزل من القرآن الكريم؟

أول ما نزل من القرآن الكريم على الإطلاق هو الآيات الخمس الأولى من سورة العلق وهي قوله تعالى: اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم، كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح. وكان هذا افتتاحاً جليلاً للوحي يؤذن بنقلة العالم إلى العلم والحضارة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم في سن الأربعين عندما نزلت عليه هذه الآيات في غار حراء.

٦. ما آخر ما نزل من القرآن الكريم؟

آخر ما نزل من القرآن الكريم على الإطلاق هو قوله تعالى في سورة البقرة: واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله، ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون، وهذا هو الراجح الثابت من أقوال أهل العلم. وقد كان اختتام الوحي بهذه الآية في غاية المناسبة لوعظ الناس بتذكيرهم زوال الدنيا والرجوع إلى الله في الآخرة، وجاءت عبارتها في غاية القوة والتأثير بما تضمنته من التذكير بالموت والحساب والجزاء العادل.

٧. كم استغرقت مدة نزول القرآن الكريم؟

استغرق نزول القرآن الكريم ثلاثاً وعشرين سنة كاملة، منذ بدء الوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في سن الأربعين من عمره الشريف، إلى أن لحق بالرفيق الأعلى وهو في الثالثة والستين من عمره، كما ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة. وقد كانت هذه المدة الطويلة كافية لتربية الأمة المحمدية تربية تدريجية متأنية، ولمعالجة الأحداث والوقائع التي مرت بها الدعوة الإسلامية في مكة والمدينة بما يناسبها من الآيات والأحكام.

٨. ما المقصود باللوح المحفوظ في سياق نزول القرآن؟

اللوح المحفوظ هو عالم علوي عظيم جعله الله تعالى من أعظم المظاهر الدالة على عظمة علمه تعالى وحكمته وقدرته النافذة في الأكوان. ويختص اللوح المحفوظ بكونه مشتملاً على تسجيل ما قضى الله تعالى وقدر وما كان وما سيكون. وقد نزل القرآن الكريم في مرحلته الأولى إلى هذا اللوح المحفوظ، كما أشارت إلى ذلك الآية الكريمة: بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ، مما يدل على أن القرآن محفوظ في علم الله الأزلي قبل نزوله إلى السماء الدنيا ثم إلى الأرض.

٩. ما الفرق بين الأولية والآخرية المطلقة والمقيدة في نزول القرآن؟

الأولية والآخرية المطلقة تعني أول وآخر ما نزل من القرآن بشكل عام دون تقييد، فأول ما نزل مطلقاً هو مطلع سورة العلق، وآخر ما نزل مطلقاً هو آية واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله. أما الأولية والآخرية المقيدة فهي النسبية بالنسبة لموضوع معين أو ناحية معينة، كأول ما نزل في تحريم الخمر، أو أول سورة نزلت بتمامها وهي الفاتحة، أو آخر ما نزل في المواريث وهو آية الكلالة، أو آخر سورة نزلت بتمامها وهي سورة النصر.

١٠. لماذا اختار الله ليلة القدر في رمضان لإنزال القرآن؟

اختار الله تعالى ليلة القدر في شهر رمضان لإنزال القرآن تشريفاً لهذه الليلة وهذا الشهر، ولبيان عظمة القرآن الكريم بأن جعل نزوله في أعظم الليالي وأفضل الشهور. فليلة القدر خير من ألف شهر كما وصفها القرآن، وشهر رمضان هو شهر الصيام والقيام والعبادة. وقد نزل القرآن جملة واحدة إلى بيت العزة في السماء الدنيا في ليلة القدر من رمضان، ثم ابتدئ تنزيله منجماً على النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان أيضاً، مما يجعل لهذا الشهر وهذه الليلة مكانة عظيمة في قلوب المؤمنين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى