النحو

الفعل المضارع: إعرابه وبناؤه

درسُنَا اليومَ مِنْ أهمِّ دروسُ النَّحوِ العربيِّ، وهوَ واحدٌ مِنْ أبحاثِ الفعلِ في اللُّغةِ العربيَّةِ، سنتكلَّمُ عنْ بحثِ الفعلِ المضارعِ.

المضارعُ قسمانِ: مُعْرَبٌ ومبنيٌّ.

المعربُ يُقسَمُ إلى مرفوعٍ، ومنصوبٍ، ومجزومٍ.

أوَّلاً: المضارعُ المعربُ

ويُقسمُ كما ذكرْنَا إلى ثلاثةِ أقسامٍ:

أ -المضارعُ المرفوعُ

وتكونُ علامةُ رفعِهِ ضمَّةٌ ظاهرةٌ، نحوُ: يذهبُ الطَّالبُ إلى المدرسةِ.

وكقولِهِ تعالى: {أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ}.

-يعلمُ: فعلٌ مضارعٌ مرفوعٌ، وعلامةُ رفعِهِ الضَّمَّةُ الظَّاهرةُ على آخرِهِ.

أو تكونُ علامةُ رفعِهِ ضمَّةٌ مقدَّرةٌ إنْ كانَ معتلَّ الآخرِ، نحوُ: يسعى، يقضي، يدعو.

قالَ تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}.

زيدٌ يدعو إلى الخيرِ.

سأحمِي بلادي مِنَ الأعداءِ.

-فالأفعالُ: يَخْشَى، ويدعو، وسأحمي: أفعالٌ مضارعةٌ مرفوعةٌ، وعلامةُ رفعِهَا الضَّمَّةُ المقدَّرةُ على الألفِ للتَّعذُّرِ، والواوِ والياءِ للثِّقَلِ، على التَّوالي.

أو يكونُ المضارعُ مرفوعاً بثبوتِ النُّونِ إنْ كانَ مِنَ الأفعالِ الخمسةِ، نحوُ: يَعْلَمَانِ، تَعْلَمُونَ، تَعْلَمِينَ.

وهنا نتكلَّمُ عنِ الأفعالِ الخمسةِ:

تعريفُ الأفعالِ الخمسةِ: كلُّ فعلٍ مضارعٍ اتَّصلَتْ بِهِ ألفُ الاثنينِ أو واوُ الجماعةِ أو ياءُ المؤنَّثةِ المخاطبةِ، وهذهِ الأفعالُ على خمسةِ أوزانٍ حسبَ الفعلَ الثُّلاثيِّ:

يفعلانِ، تفعلانِ، يفعلونَ، تفعلونَ، تفعلينَ.

وترفعُ هذهِ الأفعالُ بثبوتِ النُّونِ نيابةً عنِ الضَّمَّةِ، نحوُ قولِهِ تعالى:

{وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ}.

{ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ}.

-تنظرونَ ويعتدونَ، فعلٌ مضارعٌ مرفوعٌ، وعلامةُ رفعِهِ ثبوتُ النُّونِ لأنَّهُ مِنَ الأفعالِ الخمسةِ.

وتُنصبُ هذهِ الأفعالُ بحذفِ النُّونِ نيابةً عنِ الفتحةِ، كقولِهِ تعالى:

{إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا}.

{أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ}.

-تفشلا: فعلٌ مضارعٌ منصوبٌ بأنْ، وعلامةُ نصبِهِ حذفُ النُّونِ لأنَّهُ مِنَ الأفعالِ الخمسةِ، وألفُ الاثنينِ في محلِّ رفعٍ فاعلٌ.

اقرأ أيضاً:  العوامل من الحروف

-ليسكُنُوا: فعلٌ مضارعٌ منصوبٌ بأنْ المُضمرةِ بعدَ لامِ التَّعليلِ، وعلامةُ نصبِهِ حذفُ النُّونِ لأنَّهُ مِنَ الأفعالِ الخمسةِ، والواوُ فاعلٌ.

وتُجزمُ الأفعالُ الخمسةُ بحذفِ النُّونِ نيابةً عنِ السُّكونِ، نحوُ قولِهِ تعالى:

{إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ}.

-إنْ: حرفُ شرطٍ جازمٌ.

-تطيعُوا: فعلٌ مضارعٌ مجزومٌ لأنَّهُ فعلُ الشَّرطِ، وعلامةُ جزمِهِ حذفُ النُّونِ لأنَّهُ مِنَ الأفعالِ الخمسةِ، والواوُ: فاعلٌ.

-يردوكُمْ: فعلٌ مضارعٌ مجزومٌ لأنَّهُ جوابُ الشَّرطِ، وعلامةُ جزمِهِ حذفُ النُّونِ، والواوُ فاعلٌ، والكافُ مفعولٌ بِهِ.

{وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ}.

-لا: ناهيةٌ جازمةٌ.

-تخافِي: فعلٌ مضارعٌ مجزومٌ بلا، وعلامةُ جزمِهِ حذفُ النُّونِ مِنْ آخرِهِ لأنَّهُ مِنَ الأفعالِ الخمسةِ، والياءُ في محلِّ رفعٍ فاعلٌ.

ولا تحزنِي مثلُهَا.

وقدِ اجتمعَ النَّصبُ والحذفُ في قولِهِ تعالى:

{فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ}.

-لمْ: حرفُ نفيٍ وجزمٍ وقلبٍ.

-تفعلُوا: مضارعٌ مجزومٌ بلمْ، وعلامةُ جزمِهِ حذفُ النُّونِ مِنْ آخرِهِ لأنَّهُ مِنَ الأفعالِ الخمسةِ، وواوُ الجماعةٍ فاعلٌ.

-لنْ: حرفٌ ناصبٌ.

-تفعلُوا: فعلٌ مضارعٌ منصوبٌ بلنْ، وعلامةُ نصبِهِ حذفُ النُّونِ مِنْ آخرِهِ لأنَّهُ مِنَ الأفعالِ الخمسةِ، والواوُ فاعلٌ.

ب -المضارعُ المنصوبُ

يُنْصَبُ الفعلُ المضارعُ إذا سُبِقَ بأحدِ النَّواصبِ الأربعةِ: أنْ، لنْ، كي، إذاً.

وتكونُ علامةُ نصبِهِ إمَّا:

أ –فتحةٌ ظاهرةٌ، نحوُ: لنْ ينتصرَ الباطلُ.

وكقولِهِ تعالى: {لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهاً}. {لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيراً}.

ب –فتحةٌ مقدَّرةٌ على الألفِ، نحوُ: عليكَ أنْ تخشى اللَّهَ.

ج –أو بحذفِ النُّونِ إنْ كانَ مِنَ الأفعالِ الخمسةِ، كقولِهِ تعالى:

{أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا}.

-يتركُوا: مضارعٌ منصوبٌ بأنْ وعلامةُ نصبِهِ حذفُ النُّونِ مِنْ آخرِهِ لأنَّهُ مِنَ الأفعالِ الخمسةِ. والواوُ فاعلٌ.

ج -المضارعُ المجزومُ

يُجْزَمُ الفعلُ المضارعُ إذا سُبقَ بأداةِ جزمٍ، وتكونُ علاماتُ جزمِهِ:

اقرأ أيضاً:  ما العامل النحوي؟ وما العوامل الأصلية والفرعية؟

١ –السُّكونُ: إذا كانَ صحيحَ الآخرِ، كقولهِ تعالى:

{وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ}.

-تمنُنْ: مضارعٌ مجزومٌ بلا النَّاهيةِ، وعلامةُ جزمِهِ السُّكونُ، والفاعلُ: أنتَ.

٢ –حذفُ حرفِ العلَّةِ مِنْ آخرِهِ إنْ كانَ معتلَّ الآخرِ، نحوُ: يسعى، يدنو، يرمي.

فعندَ دخولِ أداةِ الجزمِ عليهَا نحذفُ حرفَ العلَّةِ مِنْ آخرِهَا فيكونُ هذا الحذفُ علامةَ إعرابِهَا، فتصيرُ: لمْ يسعَ، لا تدنُ، لمْ يرمِ.

أمثلةٌ:

{أَلَم تَرَ كَيفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ}.

{مَنْ يَعْمَلْ سُوءً يُجْزَ بِهِ}.

-ترَ: فعلٌ مضارعٌ مجزومٌ بلمْ، وعلامةُ جزمِهِ حذفُ حرفِ العلَّةِ مِنْ آخرِهِ.

-يُجْزَ: مضارعٌ مجزومٌ لأنَّهُ جوابُ الشَّرطِ، وعلامةُ جزمِهِ حذفُ حرفِ العلَّةِ مِنْ آخرِهِ.

٣ –حذفُ النُّونِ مِنْ آخرِهِ إنْ كانَ مِنَ الأفعالِ الخمسةِ، كقولِهِ تعالى:

{أَوَلَمْ يَرَوا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ}.

يرَوا: مضارعٌ مجزومٌ، وعلامةُ جزمِهِ حذفُ النُّونِ.

جزمُ المضارعِ بالطَّلبِ:

يُجزمُ المضارعُ إنْ جاءَ جواباً لطلبٍ تقدَّمَهُ، نحوُ: اعملْ خيراً تُثَبْ عليهِ.

والطَّلبُ أنواعٌ: كالأمرِ والنَّهيِ والاستفهامِ والعرضِ والحَضَّ، وكلُّهَا تصلحُ لجزمِ المضارعِ بعدَهَا، نحوُ:

لا تُقَصِّرْ تندمْ.

ألا تقومُ بواجبِكَ تُحْمَدْ.

والجزمُ في ذلِكَ كلِّهِ بأداةِ شرطٍ مقدَّرةٍ، والتَّقديرُ في مثالِ: اعملْ خيراً تُثَبْ عليهِ. (اعملْ خيراً فإنْ تعملْ خيراً تُثَبْ عليهِ).

ثانياً: المضارعُ المبنيُّ

١ -يُبنى على السُّكونِ إنِ اتَّصلَتْ بِهِ نونُ النِّسوةِ، يكتبْنَ، يرضيْنَ.

قالَ تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ}.

يُرضعْنَ: فعلٌ مضارعٌ مبنيٌّ على السُّكونِ لاتِّصالِهِ بنونِ النِّسوةِ، ونونُ النِّسوةِ فاعلٌ.

٢ –يُبنى على الفتحِ إنِ اتَّصلَتْ بِهِ إحدى نوني التَّوكيدِ مِنْ غيرِ فاصلٍ، نحوُ: لأفعلَنَّ الخيرَ.

قالَ تعالى: {فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا}.

نأتينَّهُمْ: فعلٌ مضارعٌ مبنيٌّ على الفتحِ لاتِّصالِهِ بنونِ التَّوكيدِ الثَّقيلةِ، والنُّونُ حرفٌ لا محلَّ لَهُ مِنَ الإعرابِ، والفاعلُ ضميرٌ مستترٌ وجوباً تقديرُهُ نحنُ، وهُمْ: في محلِّ نصبٍ مفعولٌ بِهِ.

اقرأ أيضاً:  ما الإسناد في اللغة العربية؟

فإنْ فَصَلَتْ بينَهُمَا ألفُ الاثنينِ أو واوُ الجماعةِ أو ياءُ المخاطبةِ بقيَ مرفوعاً وفقدَ صفةَ البناءِ، نحوُ قولِهِ تعالى:

{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}.

ليقولُنَّ: أصلُهُ يقولونَ نَّ، اجتمعَتْ ثلاثُ نوناتٍ فحُذفَتْ واحدةٌ فصارَ الفعلُ: يقولونَّ، فالتقى ساكنانِ: واوُ الجماعةِ والنُّونُ الأولى في (نَّ) فحُذفَتِ الواوُ لالتقاءِ السَّاكنينِ ودلَّتِ الضَّمَّةُ عليهَا فصارَ الفعلُ: يقولُنَّ.

وعليهِ يكونُ إعرابُهُ: فعلٌ مضارعٌ مرفوعٌ وعلامةُ رفعِهِ ثبوتُ النُّونِ لأنَّهُ مِنَ الأفعالِ الخمسةِ، والواوُ المحذوفةُ فاعلٌ، ومثلُهُ: تقولِنَّ للمخاطبةِ، وتقولانِّ للمثنَّى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى