حالات بناء الفعل الماضي
في هذهِ المقالةِ سوفَ نتعلَّمُ سويَّةً حالاتِ بناءِ الفعلِ الماضي. يُبنى الفعلُ الماضي على الفتحِ، ويبنى على السُّكونِ، ويُبنى على الضَّمِّ، سنتعرَّفُ إلى تفاصيلِ هذهِ الحالاتِ معَ الأمثلةِ.
حالاتُ بناءِ الفعلِ الماضي
أوَّلاً: يُبنى الفعلُ الماضي على الفتحِ في الحالاتِ الآتيةِ:
1 –إذا لمْ يتَّصلْ بِهِ شيءٌ، سواءً كانَ هذا الفتحُ ظاهراً أو مقدَّراً.
ظاهراً، كقولِهِ تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً}.
ومقدَّراً، كقولِهِ تعالى: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ}.
ضَرَبَ: فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتحِ الظَّاهرِ على آخرِهِ.
عَصَى: فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتحِ المقدَّرِ على الألفِ للتَّعذُّرِ.
2 –إذا اتَّصلَتْ بِهِ تاءُ التَّأنيثِ السَّاكنةُ، نحوُ قولِهِ تعالى: {فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ}.
ربحَتْ: فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتحِ الظَّاهرِ على آخرِهِ، وتاءُ التَّأنيثِ السَّاكنةُ حرفٌ لا محلَّ لَهُ مِنَ الإعرابِ.
-وإنْ كانَ معتلَّ الآخرِ بالألفِ مثلُ: (رمى، دعا) فإنَّنَا نحذفُ آخرَهُ لاجتماعِ السَّاكنينِ الألفِ والتَّاءِ، نحوُ (رَمَتْ ودَعَتْ) والأصلُ (رَمَاْتْ ودَعَاْتْ). ويكونُ بناؤُهُ على فتحٍ مقدَّرٍ على الألفِ المحذوفةِ لالتقاءِ السَّاكنينِ.
وليسَتْ حركةُ ما قبلَ تاءِ التَّأنيثِ هنا حركةَ بناءِ الماضي على الفتحِ؛ لأنَّ حركةَ البناءِ كحركةِ الإعرابِ لا تكونُ إلَّا على الأحرفِ الأخيرةِ مِنَ الكلمةِ، والحرفُ الأخيرُ هنا محذوفٌ.
مثالٌ: مَشَتْ هندٌ إلى المدرسةِ.
مَشَتْ: فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتحِ المقدَّرِ على الألفِ المحذوفةِ لالتقاءِ السَّاكنينِ؛ لاتِّصالِهِ بتاءِ التَّأنيثِ السَّاكنةِ، وتاءُ التَّأنيثِ حرفٌ لا محلَّ لَهُ مِنَ الإعرابِ.
-وإنْ كانَ معتلَّ الآخرِ بالياءِ، فهوَ كالصَّحيحِ الآخرِ مبنيٌّ على فتحٍ ظاهرٍ، نحوُ: رَضِيَتِ الفتاةُ بالـمَهرِ.
رَضِيَتِ: فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتحِ الظَّاهرِ على آخرِهِ، وتاءُ التَّأنيثِ السَّاكنةُ حرفٌ لا محلَّ لَهُ مِنَ الإعرابِ وحُرِّكَ بالكسرِ منعاً مِنَ التقاءِ السَّاكنينِ.
3 –إذا اتَّصلَتْ بِهِ ألفُ الاثنينِ، كقولِهِ تعالى: {فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَينِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا}.
بلغَا: فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتحِ الظَّاهرِ، والألفُ هذهِ ضميرٌ متَّصلٌ مبنيٌّ على السُّكونِ في محلِّ رفعٍ فاعلٌ.
4 –إذا اتَّصلَ بِهِ حرفٌ مِنْ حروفِ كلمةٍ (ناهيك) وهيَ ضمائرُ النَّصبِ المتَّصلةُ، نحوُ:
شاهدَنَا الرَّجلُ، شاهدَهُ الرَّجلُ، شاهدَكَ الرَّجلُ، شاهدَنِي الرَّجلُ.
ثانياً: يُبنى الفعلُ الماضي على السُّكونِ إذا اتَّصلَ بِهِ ضميرُ رفعٍ متحرِّكٍ، والضَّمائرُ هيَ:
1 -تاءُ الفاعلِ المتحرِّكةُ، كقولِهِ تعالى: {وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ}.
ونحوُ: فزْتُ بالجائزةِ.
فُزْتُ: فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على السُّكونِ؛ لاتِّصالِهِ بتاءِ الفاعلِ المتحرِّكةِ، والتَّاءُ ضميرٌ متَّصلٌ مبنيٌّ على الضَّمِّ في محلِّ رفعٍ فاعلٌ.
2 -نا الدَّالَّةُ على الفاعلينَ، نحوُ قولِهِ تعالى: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ}.
وحتَّى لو كانَ الفعلُ معتلَّ الآخرِ، نحوُ: رأيْنَا الطُّيورَ. دعوْنَا اللَّهَ.
عَهِدْنَا: فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على السُّكونِ؛ لاتِّصالِهِ بنا الدَّالَّةِ على الفاعلينَ، ونا ضميرٌ متَّصلٌ مبنيٌّ على السُّكونِ في محلِّ رفعٍ فاعلٌ.
3 -نونُ النِّسوةِ، كقولِهِ تعالى: {فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ}.
رأينَهُ: فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على السُّكونِ لاتِّصالِهِ بنونِ النِّسوةِ، ونونُ النِّسوةِ ضميرٌ متَّصلٌ مبنيٌّ على الفتحِ في محلِّ رفعٍ فاعلٌ، والهاءُ ضميرٌ متَّصلٌ مبنيٌّ على الضَّمِّ في محلِّ نصبٍ مفعولٌ بِهِ.
ثالثاً: يُبنى الفعلُ الماضي على الضَّمِّ إذا اتَّصلَ بِهِ ضميرٌ جمعٍ، وهوَ واوُ الجماعةِ:
كقولِهِ تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}.
وقدْ بُنِيَ على الضَّمِّ؛ لأنَّ الواوَ حرفُ مدٍّ، وهوَ يقتضي أنْ يكونَ قبلَهُ حركةٌ تجانِسُهُ، فيُبنى على الضَّمِّ لمناسبةِ الواوِ.
آمنوا: فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الضَّمِّ لاتِّصالِهِ بواوِ الجماعةِ، وواوُ الجماعةِ ضميرٌ متَّصلٌ مبنيٌّ على السُّكونِ في محلِّ رفعٍ فاعلٌ.
طبعاً هذا الفعلُ الصَّحيحُ الآخرِ (آمنَ، ضربَ، أكلَ)
-فإنْ كانَ الفعلُ معتلَّ الآخرِ بالألفِ، حُذِفَتْ هذهِ الألفُ لالتقاءِ السَّاكنينِ، وبَقِيَ ما قبلَ الواوِ مفتوحاً، نحوُ: رَمَوْا ودَعَوْا، والأصلُ (رَمَاوْا ودَعَاوْا) ويكونُ حينئذٍ مبنيّاً على ضمٍّ مُقدَّرٍ على الألفِ المحذوفةِ تخفيفاً.
كقولِهِ تعالى: {حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ}.
وليسَتْ حركةُ ما قبلَ الواوِ حركةَ بناءِ الماضي على الفتحِ؛ لأنَّ الماضي معَ واوِ الجماعةِ يُبنى على الضَّمِّ، ولأنَّ حركةَ البناءِ كما قدَّمْنَا، إنَّمَا تكونُ على الحرفِ الأخيرِ، والحرفُ الأخيرُ هنَا محذوفٌ كمَا عَلِمْتَ.
فنقولُ في إعرابِ (أتَوا): فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على ضمٍّ مقدَّرٍ على الألفِ المحذوفةِ تخفيفاً لالتقاءِ السَّاكنينِ؛ لأنَّهُ متَّصلٌ بواوِ الجماعةِ، وواوُ الجماعةِ ضميرٌ متَّصلٌ مبنيٌّ على السُّكونِ في محلِّ رفعٍ فاعلٌ.
وإنْ كانَ معتلَّ الآخرِ بالواوِ، أوِ الياءِ، نحوُ: (رَضِيَ، شَقِيَ، سَرُوَ) حُذِفَ آخرُهُ وضُمَّ ما قبلَهُ بعدَ حذفِهِ، ليُناسِبَ واوَ الجماعةِ: رَضُوا، شَقُوا، سَرُوا.
والأصلُ (رَضِوُوا، شَقِوُوا، سَرُوُوا)، ثُمَّ (رَضِيُوا، شَقِيُوا، سَرُوُوا) ثُمَّ (رَضُوا، شَقُوا، سَرُوا) ويكونُ حينئذٍ مبنيّاً على ضمٍّ مُقدَّرٍ على الياءِ أوِ الواوِ المحذوفةِ تخفيفاً؛ لاتِّصالِهِ بواوِ الجماعةِ.
مثالُهُ قولُهُ تعالى: {رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ}.
رضُوا: فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الضَّمِّ المقدَّرِ على الياءِ المحذوفةِ لالتقاءِ السَّاكنينِ لاتِّصالِهِ بواوِ الجماعةِ، والواوُ ضميرٌ متَّصلٌ مبنيٌّ على السُّكونِ في محلِّ رفعٍ فاعلٌ.