الإعلال بالقلب والإعلال بالتسكين والإعلال بالحذف
درس الإعلال هو بحث مهم من بحوث علم الصرف، لذا سوف نتحدث في درسنا هذا عن الإعلال بالقلب والإعلال بالتسكين والإعلال بالحذف.
تعريف الإعلال
هو تغيير يطرأ على أحرف العلة في الكلمة (الألف والواو والياء)، ويكون هذا التغيير إما بقلب الحرف أو بتسكينه ونقله أو بحذفه.
كما يلحق بأحرف العلة في بحث الإعلال حرف الهمزة.
فالإعلال هو وضع حرف علة مكان حرف علة آخر؛ لتسهيل النطق والتخفيف.
وللإعلال صور ثلاث هي: الإعلال بالقلب، والإعلال بالتسكين والنقل، والإعلال بالحذف.
أولاً: الإعلال بالقلب
هو أن تقلب حرف علة مكان حرف علة آخر، ويكون في الأنواع الآتية:
١ –قلب الواو أو الياء ألفاً
إذا تحركت الواو أو الياء وفُتِحَ ما قبلها قُلِبت ألفاً، فعندما نقول: (باع، قال، رمى، عدا، يخشى) نكون قد قلبنا حرف علة آخر فجعلناه ألفاً حتى وجدنا هذه الأفعال على هذه الصورة؛ لأن الأصل (قَوَلَ، وبَيَعَ، ورَمَيَ وعَدَوَ ويَخْشِيُ، والأخير مضارع الفعل خَشِيَ)، فلما كان حرف العلة فيها متحركاً، وما قبله مفتوح قلبت حروف العلة ألفاً.
٢ –قلب الألف واواً
إذا وقعت الألف بعد ضم قُلبت واواً، ففي (شَاهَدَ) عند تحويله إلى صيغة المجهول نقول (شُوهِدَ)، فلما ضممت ما قبل الألف قلبتها أي الألف واواً لمناسبتها للضمة، وهكذا في كل ألف يَعْرِضُ الضم قبلها.
٣ –قلب الياء الساكنة واواً
إذا وقعت الياء ساكنة بعد ضم قلبت واواً، فمن (أيقَنَ) تأتي باسم الفاعل منه فتقول: (مُوْقِنٌ) وكان عليك أن تقول (مُيْقِن) غير أن الياء أبدلت بواو؛ لأنها وقعت بعد حرف مضموم، ولا يناسب الضم إلا الواو، ومثلها (مُوسر) من (أيسرَ) وهكذا…
٤ –قلب الواو ياءً
أ -إذا اجتمعت الواو والياء في كلمة وسُكِّنت أولاهما قلبت الواو ياءً وأدغمت في الثانية، ففي (طوْيٌ) اجتمعت الواو ساكنة بالياء، لهذا نقلب الواو ياء وندغمها في الياء الثانية فنقول (طيٌّ) ولا نقول (طوْيٌ) وهو الأصل، وكذلك الأمر في (سيَّد) فالأصل (سَيْوِد)؛ لأنها من (ساد يسود)، فاجتمعت الياء والواو وسكنت أولاهما وهي الياء، فقلبت الواو ياء، وأدغمتا معاً فقلنا (سيِّد) و(بُنيٌّ) أصلها (بُنَيْوٌ) اجتمعت فيها الياء والواو، وأولاهما ساكنة فقلبت الواو ياء، وأدغمتا معاً، فقلنا (بُنيٌّ).
ب –إذا وقعت الواو ساكنة بعد كسر قلبت ياء وكذلك إذا تطرفت وقبلها كسر، فاسم الآلة من (وَزَنَ) هو (مِوْزان) والمصدر من (أورق) هو (إوراق) ولكنك تقول (ميزان وإيراق)؛ لأنك قلبت الواو الساكنة ياء لوقوعها بعد كسر، وكذلك تفعل إذا تطرفت الواو فمن (دعا يدعو) تبني اسماً فاعلاً فتقول (الداعِوْ) على وزن (فاعل) ولكنك تقلب الواو الساكنة ياء؛ لأنها تطرفت وقبلها كسر، فتقول (الداعي).
ج –إذا وقعت الواو بعد كسرة في مصدرِ فِعْلٍ أُعِلَّتْ عينُهُ قُلبت ياء، فالفعل (صام) مضارعه (يصوم) هو فعل أعلت عينه كما ترى؛ لأن الأصل (صَوَمَ) انقلبت الواو ألفاً لوقوعها بعد فتح، فالمصدر منه (صيام) بقلب الواو الأصلية ياء؛ لأنها وقعت بعد كسر، والياء هي التي تناسب الكسر والأصل (صيوام) لا (صيام)، وكذلك الأمر في فعل (انقاد) مثلاً، فإن مصدره (انقياد) بقلب الواو الأصلية ياء إذ الأصل (قَوَد يقود) فأُعِلَّ وقلبت الواو ألفاً فقلنا (انقاد) فلما صيغ المصدر منه قلبت هذه الواو ياء؛ لأن ما قبلها مكسور فقلنا انقياد.
الإعلال بالتسكين أو بالنقل
ومعناه أن ننقل حركة حرف علة متحرك إلى حرف صحيح ساكن قبله، وهذا النوع لا يحدث إلا في الياء والواو، ويحدث هذا الإعلال لتجنب استثقال الحركة التي على حرف العلة، وله شروط، هي:
١ –أن يكون الساكن المنقول إليه حرفاً صحيحاً، نحو: قاول.
٢ –ألا يكون الفعل المعتل من أفعال التعجب، نحو: ما أجود.
٣ –ألا يكون من فعل مضعف اللام، نحو: ابيضَّ.
٤ –ألا يكون فعلاً معتل اللام، نحو: أهوى.
مواضع الإعلال بالنقل
١ -إذا تحركت عين الفعل الأجوف وسُكِّنَ ما قلها نقلت حركة العين إلى الحرف الساكن قبلها، وما انطبق على الفعل انطبق على ما يصاغ منه على وزن (مَفْعَل ومفعول وإفعال واستفعال) ففعل (جاد) أصله (جَوَد) والمضارع (يجودُ) لهذا فهو أجوف تحركت عينه وهي الواو في المضارع وسُكِّنَ ما قبلها وهو هنا (الجيم) ولهذا نقلنا حركة الواو إلى الحرف الساكن قبلها فنقول (يَجُوْدُ) والأمر كذلك في (أقام) فأصله (أقْوَمَ) وبنقل حركة العين تصير (أقَوْمَ) وبقلب الواو ألفاً؛ لأنها تناسب الفتح فإنها تصير (أقام).
وفي أمالَ: الأصل (أمْيَلَ) من (مَيَلَ يميل فهو أجوف يائي)، وبنقل الحركة تصير (أمَيْلَ)، وبقلب الياء ألفاً؛ لأنها تناسب الفتح قبلها فتصير (أمالَ).
وفي يميل: الأصل (يَمْيِلُ) وبنقل الحركة تصير (يَمِيْل).
وهكذا الأمر فيما صيغ من الأجوف المذكور في وزن (مَفْعل) فنقول (مَقام) والأصل (مَقْوَم) تصير بالنقل (مَقَوْم) فتقلب الواو ألفاً؛ لأنها تناسب الفتح قبلها فتصير (مَقام).
وتقول (مصوغ) والأصل (مصْوُوغ) تصير بالنقل (مصُوْوغ) فيجتمع واوان ساكنان نحذف أحدهما فنقول (مَصُوغ).
وفي (مَبيع) الأصل (مَبْيُوع) تصير بالنقل (مَبُيْوع) فالتقى ساكنان الياء والواو فحذفت الواو فصارت (مَبُيْع) فتكسر الباء بمناسبة الياء فتصير (مَبِيع).
وما صيغ على وزن إفعال:
تقول (إقامة) والأصل (إقْوام) فتصير بالنقل (إقَوْام) فالتقى ساكنان الواو والألف فحذف ثانيهما وهو الألف وعُوِّضَ عنه بتاء التأنيث، كما قلبت الواو ألفاً؛ لأنها تناسب الفتحة قبلها فتصير (إقامة).
وما صيغ على وزن استِفْعال:
تقول (استقامة) والأصل (استِقْوام) فتصير بالنقل (استَقَوْام) فالتقى ساكنان الواو والألف فحذفنا ثانيهما وعوض عنه بتاء التأنيث، كما قلبت الواو ألفاً؛ لأنها تناسب الفتحة قبلها فتصير (استقامة).
٢ –مضارع الفعل الناقص إذا كانت لامه واواً أو ياء فإنها تُسَكَّن:
فمضارعا (غزا ورمى) هما (يغزو ويرمي) والأصل فيهما (يغزُوُ ويرمِيُ) كما تقول (ينصرُ ويضرِبُ) هذا هو القياس ولكن حرف العلة لا يحتمل الحركة فَسَكَّنَّاهُ وقلنا (يغْزُو ويرمي).
الإعلال بالحذف
يكون الإعلال بالحذف في الحالات الآتية:
١ –الفعل الأجوف إذا سُكِّنَتْ لامه حذفت عينه، ففي فعل:
(قال) تقول (قلْ، ولم أقلْ، وقلْت).
وفي (جاد) تقول (جُدْ، ولم أجُدْ، وجُدْتُ) فقد حذفت عين الفعل الاتقاء الساكنين.
٢ –إذا كان الفعل الأجوف الذي سكنت لامه وحذفت عينه من باب (نصر ينصُر) نحو (قال يقول) ضُمَّتْ فاؤه، نحو (قُلْ، لم أقُلْ)، وإذا كان من بابي (ضرب يضرِب) و(فرح يفرَح) نحو (مال يميل وحار يحار) كسرت فاؤه (مْلْتُ وحِرْتُ).
٣ –الفعل المثال الواوي إذا كان ثلاثياً تحذف فاؤه في المضارع والأمر، نحو (وَعَدَ يعد) في المضارع و(عِدْ) في الأمر، وقد حذفت فاؤه التي هي الواو.
٤ –إذا بدء الفعل بهمزة مزيدة حذفت في المضارع واسم الفاعل واسم المفعول، نحو (أكْرَمَ) فالهمزة مزيدة إذ الأصل (كَرُمَ) تقول في مضارعه (يُكْرِمُ) بحذف الهمزة، وفي اسم فاعله (مُكْرِمٌ) وفي اسم مفعوله (مُكْرَمٌ).
شواهد مفسرة
-قال البحتري في وصف بركة المتوكل:
فَحَاجِبُ الشَّمْسِ أحياناً يُضاحِكُها * ورَيِّقُ الغيثِ أحياناً يباكيها
أصل (رَيِّق) هو (رَيْوِق)؛ لأنها من (راق يروق) وهو فعل واوي، فاجتمعت الياء والواو وأولاهما ساكنة فقلبت الواو ياء وأدغمتا معاً فقلنا: (رَيِّق).
-قال المتنبي:
إذا غامرتً في شرفٍ مَرُومِ * فلا تقنع بما دون النجوم
في (مروم) إعلال بالتسكين، والأصل (مَرْوُوم) نقلت حركة الواو وهي الضم إلى الحرف الساكن قبلها فصارت (مَرُوْوم) فالتقى ساكنان فحذف أحدهما لالتقاء الساكنين.
-قال قطري بن الفجاءة:
فصبراً في مَجَال الموت صبراً * فما نيل الخلود بمُسْتَطَاعِ
في كلمة (مجال) إعلال بالتسكين إذ الأصل (مَجْوَل) نقلت حركة الواو إلى الحرف الساكن قبلها فصارت (مَجَوْل) ثم قلبت الواو ألفاً؛ لأنها تناسب الفتحة قبلها فقلنا (مجال).
ملحوظة: تحذف الواو في مضارع (وجد) فتقول (يجد) أما إذا كان الفعل مثالاً يائياً فلا تحذف الياء فنقول (يَسِرَ يَيْسَرُ، ويَنِعَ يَيْنَعُ).
جدول بياني لأحوال الإعلال
-نداء: أصلها قبل الإعلال (نداي)، نوع الإعلال (القلب، البيان: أصله (نداي) لأنه من نادى ينادي، فوقعت الياء متطرفة بعد ألف زائدة، فقلبت همزة.
-شَيِّق: أصلها (شَيْوِق)، إعلال بالقلب، البيان: اجتمعت الواو والياء، وسكنت أولاهما فقلبت الواو ياء وأدغمت في الياء.
-ميراث: (مِوْراث)، إعلال بالقلب، قلبت الواو ياء لوقوعها ساكنة بعد كسر.
-يُهُون: (يَهْوُن)، إعلال بالتسكين، نقلت حركة حرف العلة إلى الحرف الصحيح قبلها.
-زِنْ: أصلها (اُوزِنْ)، إعلال بالحذف، فعل أمر ثلاثي مثال واوي مكسور العين في المضارع تحذف فاؤه.
-اسم: (اسمو)، إعلال بالحذف، حذفت الواو لبناء الأمر.
-مرام: (مَرْوَم)، إعلال بالتسكين، نقلت حركة الواو إلى ما قبلها فصارت (مَرَوْم)، فقلبت الواو ألفاً لتناسب الفتحة قبلها فصارت (مرام).