العلامات التي تميز الحروف وبيان أقسام الأفعال: شرح ألفية ابن مالك
قالَ ابنُ مالكٍ:
سِوَاهُمَا الحَرْفُ كَهَلْ وفي ولَمْ … فِعْلٌ مُضَارِعٌ يَلِي لَمْ كَيَشَمْ
ومَاضِيَ الأفعالِ بالتَّا مِزْ وَسِمْ … بالنُّونِ فِعْلَ الأمرِ إنْ أمْرٌ فُهِمْ
وَالأَمْرُ إِنْ لَمْ يَكُ لِلنُّونِ مَحَلْ … فِيهِ هوَ اسمٌ نَحْوُ صَهْ وَحَيَّهَلْ
شرحُ مفرداتِ الأبياتِ
–سِوَاهُمَا الحَرْفُ كَهَلْ وفي ولَمْ … فِعْلٌ مُضَارِعٌ يَلِي لَمْ كَيَشَمْ
-سِوَاهُمَا الحرفُ: أيْ سوى قابلي العلاماتِ التِّسعِ المذكورةِ في الأبياتِ السَّابقةِ هوَ الحرفُ، فالحرفُ لا يقبلُ شيئاً منْ علاماتِ الاسمِ أوِ الفعلِ.
-كَهَلْ وفي ولَمْ: أنواعُ الحرفِ ثلاثةٌ، هيَ:
(هلْ): وهوَ يدخلُ على الأسماءِ والأفعالِ، نحوَ: هلْ زيدٌ قائمٌ، هلْ قامَ زيدٌ.
(في): وهوَ مختصٌّ بالدُّخولِ على الأسماءِ فقطْ، نحوَ: زيدٌ في الدَّارِ.
(لمْ): وهوَ مختصٌّ بالأفعالِ، نحوَ: لمْ يقمْ زيدٌ.
-فِعْلٌ مُضَارِعٌ يَلِي لَمْ كَيَشَمْ:
-يلي لمْ: أي يأتي بعدَ حرفِ الجزمِ (لمْ).
-كَيَشَمْ: أيْ مثلَ الفعلِ (يَشَمْ).
هنا بدأَ ببيانِ أنَّ الفعلَ ينقسمُ إلى ثلاثةِ أقسامٍ:
مضارعٌ: وعلامتُهُ صحَّةُ دخولِ (لمْ) عليهِ، نحوَ: لمْ يَشَمْ. وهوَ مجزومُ الفعلِ شَمِمْتُ الرَّائحةَ، ومضارعُ شَمِمْتُ: أَشَمُ.
-ومَاضِيَ الأفعالِ بالتَّا مِزْ وَسِمْ … بالنُّونِ فِعْلَ الأمرِ إنْ أمْرٌ فُهِمْ
-ومَاضِيَ الأفعالِ بالتَّا مِزْ:
والقسمُ الثَّاني منَ الأفعالِ (الماضي) وعلامتُهُ قبولُهُ التَّاءَ، أيْ: تاءَ الفاعلِ وتاءَ التَّأنيثِ السَّاكنةَ، وكلٌّ منهُمَا لا يدخلُ إلَّا على الماضي، نحوَ: تباركْتَ يا ذا الجلالِ، ونعمَتِ المرأةُ هندُ.
و(مِزْ) هوَ فعلُ الأمرِ منْ مازَهُ يَمِيْزُهُ. يُقالُ: مِزْتُهُ فامتازَ، وميَّزتُهُ فتميَّزَ.
-وَسِمْ بالنُّونِ فِعْلَ الأمرِ إنْ أمْرٌ فُهِمْ:
-سِمْ: أي عَلِّمْ. (سِمْ) فعلُ أمرٍ منْ (وَسَمَه يَسمُه سِمَةً وَوَسْماً): إذا جعلَ عليهِ علامةً تعرفُهُ منْ غيرِهِ، أيْ: اجعلِ النُّونَ سِمَةً على فعلِ الأمرِ تميِّزُهُ عنْ غيِرهِ.
-بالنُّونِ: هيِ نونُ التَّوكيدِ، نحوَ: اضربنْ واخرجنْ.
-إن أمر فهم: أيْ: عَلِّمْ بالنُّونِ المذكورةِ فعلَ الأمرِ، لكنْ بشرطِ أنْ يُفْهَمَ منَ اللَّفظِ معنى الأمرِ تحرُّزاً منَ الماضي والمضارعِ.
فعلامةُ الأمرِ إذاً مجموعُ شيئينِ: قبولِ النُّونِ، وإفهامِ معنى الأمرِ.
-وَالأَمْرُ إِنْ لَمْ يَكُ لِلنُّونِ مَحَلْ … فِيهِ هوَ اسمٌ نَحْوُ صَهْ وَحَيَّهَلْ
-وَالأَمْرُ: يعني فعلَ الأمرِ، وهوَ اللَّفظُ الدَّالُ على الطَّلبِ.
-وَالأَمْرُ إِنْ لَمْ يَكُ لِلنُّونِ مَحَلْ فِيهِ: أيْ: إنْ لمْ يقبلْ نونَ التَّوكيدِ؛ لأنَّ فعلَ الأمرِ يُعرفُ بصحَّةِ اتِّصالِهِ بنونِ التَّوكيدِ، معَ فهمِ الأمرِ منْهُ، كقولِكَ في (اذهبْ): اذهبنْ.
-هوَ اسمٌ: أيْ: اسمُ فعلٍ، نحوُ: صَهْ وَحَيَّهَلْ.
-صهْ: اسمُ فعلِ أمرٍ بمعنى اسكتْ.
-وَحَيَّهَلْ: بمعنى: أقبلْ أوْ أسرعْ أوْ عجِّلْ.
فهذانِ اسمانِ؛ لأنَّهما يدلَّانِ على الأمرِ، ولا تدخلُهُما نونُ التَّأكيدِ، فلا تقول: صهِنْ، ولا حيَّهلِنْ.
معاني الأبياتِ
إنَّ الحرفَ غيرُ الاسمِ والفعلِ، نحوَ: هلِ وفي ولمْ، وينقسمُ الفعلُ إلى ثلاثةِ أقسامٍ:
-المضارعُ وعلامتُهُ أنْ يأتي قبلَهُ حرفُ الجزمِ (لمْ)، نحوَ: لمْ يَشَمْ.
–الماضي: وتعرفُهُ بقبولِهِ دخولَ تاءِ الفاعلِ وتاءِ التَّأنيثِ السَّاكنةَ.
-وعَلِّمْ فعلَ الأمرِ بدخولِ نونِ التَّوكيدِ عليهِ، بشرطِ أنْ يُفْهَمَ منَ اللَّفظِ معنى الأمرِ.
أمَّا إنْ لمْ يقبلْ فعلُ الأمرِ نونَ التَّوكيدِ فهوَ اسمُ فعلِ أمرٍ، نحوَ: صهْ وَحَيَّهَلْ.
القاعدةُ المستنبطةُ
علاماتُ الحرفِ في اللُّغةِ العربيَّةِ أنَّهُ لا يقبلُ شيئاً مِنْ علاماتِ الاسمِ والفعلِ.
أنواعُ الحرفِ ثلاثةٌ، هيَ:
(هلْ): وهوَ يدخلُ على الأسماءِ والأفعالِ، نحوَ: هلْ زيدٌ قائمٌ، هلْ قامَ زيدٌ.
(في): وهوَ مختصٌّ بالدُّخولِ على الأسماءِ فقطْ، نحوَ: زيدٌ في الدَّارِ.
(لمْ): وهوَ مختصٌّ بالأفعالِ، نحوَ: لمْ يقمْ زيدٌ.
أقسامُ الفعلِ:
ينقسمُ الفعلُ إلى ثلاثةِ أقسامٍ:
أ -مضارعٌ: وعلامتُهُ صحَّةُ دخولِ (لمْ) عليهِ، نحوَ: لمْ يَشَمْ. وهوَ مجزومُ الفعلِ شَمِمْتُ الرَّائحةَ، ومضارعُ شَمِمْتُ: أَشَمُ.
ب –ماضٍ: وعلامتُهُ قبولُهُ تاءَ الفاعلِ وتاءَ التَّأنيثِ السَّاكنةَ، نحوَ: تباركْتَ يا ذا الجلالِ، ونعمَتِ المرأةُ هندُ.
ج –أمرٌ: وعلامتُهُ دخولُ نونِ التَّوكيدِ عليهِ، بشرطِ أنْ يُفْهَمَ منَ اللَّفظِ معنى الأمرِ، نحوَ: اضربنْ واخرجنْ.
أمَّا إنْ لمْ يقبلْ فعلُ الأمرِ نونَ التَّوكيدِ فهوَ اسمُ فعلِ أمرٍ، نحوَ: صهْ وَحَيَّهَلْ.