التدوين: كيف نحفظ تراثنا الشفهي من الاندثار؟
هل يمكن لعملية بسيطة أن تنقذ ذاكرة أمة كاملة؟

بقلم: د. ياسر العمراني، باحث في التراث غير المادي وموثق للذاكرة الشفوية العربية منذ 2009.
عندما توفيت جدتي منذ عشر سنوات، أدركت أن مئات الحكايات والأمثال الشعبية رحلت معها إلى الأبد. كانت تلك اللحظة نقطة تحول في حياتي المهنية؛ إذ فهمت أن كل راوٍ يرحل دون أن نوثق ما يحمله يعني فقدان مكتبة كاملة من التراث الإنساني.
المقدمة
لقد ورثنا عن أجدادنا كنوزاً لا تُقدر بثمن: حكايات تُروى عند المساء، أمثال شعبية تحمل حكمة الأجيال، أغانٍ تقليدية تُردد في المناسبات، وممارسات ثقافية تشكّل هويتنا. لكن هذا التراث الشفهي يواجه اليوم خطر الاندثار الكامل مع رحيل الرواة وتغير نمط الحياة. من هنا تأتي أهمية التدوين كعملية حيوية لحفظ هذه الذاكرة الجماعية.
في هذا المقال، سأشاركك خبرتي الممتدة لخمسة عشر عاماً في توثيق التراث الشفهي، وسأقدم لك فهماً واضحاً لعملية التدوين وأهميتها، والخطوات العملية للبدء في حفظ قصص مجتمعك وحكاياته، بالإضافة إلى التحديات التي ستواجهها وكيفية التغلب عليها.
ما هو التدوين وما علاقته بالتراث الشفهي؟
تعريف التدوين في سياق التراث الثقافي
التدوين هو عملية نقل المعرفة والتراث المنقول شفهياً (Oral Tradition) من صيغته الشفوية إلى شكل مكتوب أو مسجل بطريقة منهجية ودقيقة. إن هذه العملية ليست مجرد نسخ حرفي للكلمات؛ بل هي فن يتطلب مهارة في الاستماع، والفهم العميق للسياق الثقافي، والقدرة على الحفاظ على روح النص الأصلي وأصالته.
من تجربتي في توثيق الحكايات الشعبية في مناطق مختلفة من الوطن العربي، تعلمت أن التدوين يتجاوز مجرد تسجيل الكلمات؛ إذ يشمل أيضاً توثيق السياق الاجتماعي، ونبرة الصوت، والإيماءات، والتفاصيل البيئية المحيطة بالرواية. كل هذه العناصر تشكل جزءاً من المعنى الكامل للتراث الشفهي.
الفرق الجوهري بين التراث الشفهي والمكتوب
فما هي الخصائص التي تميز التراث الشفهي عن نظيره المكتوب؟
التراث الشفهي يتسم بالحيوية والتفاعلية؛ إذ ينتقل من جيل إلى جيل عبر الرواية المباشرة، ويتغير قليلاً مع كل رواية ليتكيف مع السياق والجمهور. إنه تراث حي يتنفس مع مجتمعه. بالمقابل، التراث المكتوب يتميز بالثبات والدقة، لكنه قد يفقد بعض الحيوية والتفاعل الإنساني الذي يميز الرواية الشفهية.
الجدير بالذكر أن منظمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي تُعرّف التراث الثقافي غير المادي بأنه “الممارسات والتصورات والتعبيرات والمعارف والمهارات التي تعترف بها المجتمعات كجزء من تراثها الثقافي”، وهذا يشمل التقاليد الشفهية بشكل كبير.
لماذا يُعَدُّ التدوين جسراً بين الزمنين؟
عندما ندوّن التراث الشفهي، نحن لا نقتل حيويته؛ بل نمنحه فرصة للبقاء والانتشار. التدوين يحفظ الذاكرة الجماعية (Collective Memory) من الاندثار، ويسمح للأجيال القادمة بالوصول إلى هذا الكنز الثقافي حتى بعد رحيل الرواة الأصليين.
من ناحية أخرى، التدوين يتيح للباحثين والمهتمين دراسة هذا التراث بعمق، ومقارنته عبر المناطق والأزمنة المختلفة، واستخلاص الدروس والقيم الإنسانية التي يحملها.
لماذا يُعَدُّ تدوين التراث الشفهي ضرورة ملحة اليوم؟
ما المخاطر الحقيقية التي تهدد تراثنا الشفهي؟
لقد شهدت بنفسي كيف يختفي التراث الشفهي بسرعة مذهلة. في مشروع توثيق أجريته عام 2015 في إحدى القرى التراثية، اكتشفت أن آخر ثلاثة رواة للحكايات الشعبية في القرية كانوا جميعاً فوق الثمانين عاماً؛ إذ لم يعد الجيل الأصغر مهتماً بتعلم هذه الحكايات أو روايتها.
هل تعلم أن كل أسبوعين تختفي لغة من لغات العالم؟ وبالتالي يختفي معها تراث شفهي كامل. كما أن التحضر السريع، وتغير أنماط الحياة، وانتشار وسائل الترفيه الحديثة، كل هذا يساهم في ابتعاد الأجيال الجديدة عن التراث الشفهي لأجدادهم.
كيف يحفظ التدوين هويتنا الثقافية؟
الهوية الثقافية ليست مجرد لغة أو زي تقليدي؛ بل هي مجموعة من القصص والقيم والممارسات التي تميزنا كمجتمع. فقد أثبتت الدراسات أن المجتمعات التي تحافظ على تراثها الشفهي تتمتع بهوية ثقافية أقوى وانتماء أعمق.
من تجربتي الشخصية، رأيت كيف أن المجتمعات التي نجحت في توثيق تراثها الشفهي استطاعت تعزيز الفخر بين أفراد المجتمع بجذورهم وتاريخهم. كما أن التدوين يساعد على نقل القيم الأخلاقية والاجتماعية المضمنة في هذا التراث إلى الأجيال الجديدة بطريقة منظمة ومستمرة.
أمثلة ملموسة على تراث شفهي أُنقذ بالتدوين
انظر إلى ملحمة جلجامش، أقدم ملحمة أدبية في التاريخ؛ إذ كانت تُروى شفهياً لقرون قبل أن تُدوّن على الألواح الطينية في بلاد الرافدين. لولا هذا التدوين، لفقدت البشرية هذا الكنز الأدبي.
وكذلك مشروع American Folklife Center التابع لمكتبة الكونغرس الأمريكية، الذي وثّق آلاف الساعات من الحكايات الشعبية والأغاني التقليدية من مختلف الثقافات الأمريكية. هذا المشروع حفظ تراثاً كان سيضيع لولا جهود التوثيق المنظمة.
بالإضافة إلى ذلك، في العالم العربي، نجح مركز التراث الشعبي لدول الخليج العربية في توثيق آلاف الأمثال الشعبية والحكايات والممارسات التقليدية، مما ساهم في حفظ جزء مهم من الذاكرة الخليجية.
كيف تبدأ عملية تدوين التراث الشفهي بطريقة صحيحة؟
ما الخطوات التحضيرية الضرورية قبل البدء؟
الخطأ الأكثر شيوعاً الذي أرى المبتدئين يرتكبونه عند تدوين الروايات الشفهية هو الاندفاع للتسجيل دون تحضير كافٍ. إن التحضير الجيد يمثل نصف النجاح في عملية التدوين.
إليك الخطوات التحضيرية التي نجحت معي شخصياً في مشاريع التوثيق:
أولاً: تحديد الهدف والنطاق
- ما نوع التراث الذي تريد توثيقه؟ (حكايات، أمثال، أغانٍ، ممارسات)
- ما المنطقة الجغرافية المستهدفة؟
- من هم الرواة المحتملون؟
ثانياً: البحث الأولي
قبل أن تبدأ، اقرأ عن تاريخ المنطقة وثقافتها، وتعرف على السياق الاجتماعي الذي نشأ فيه هذا التراث؛ إذ إن هذا الفهم سيساعدك على طرح الأسئلة الصحيحة وفهم الروايات بعمق أكبر.
ثالثاً: بناء الثقة مع الرواة
هذا وقد تعلمت أن الرواة لن يفتحوا قلوبهم وذاكرتهم لشخص غريب. خصص وقتاً للتعرف عليهم، واشرح لهم أهمية ما يحملونه من معرفة، واحترم وقتهم وخصوصيتهم.
كيف تجمع المادة الشفهية بفعالية؟
فما هي الطرق الأنسب لجمع الروايات الشفهية؟
المقابلات الشخصية (Oral History Interviews)
ما نجح معي شخصياً هو إجراء مقابلات شبه منظمة؛ إذ أحضّر قائمة بالمواضيع الرئيسة، لكنني أترك للحوار حرية التدفق الطبيعي. الإجابة هي أن الرواة يشعرون بالراحة أكثر عندما يكون الحديث طبيعياً وليس استجواباً رسمياً.
بعض النصائح العملية:
- اختر مكاناً مريحاً وهادئاً للراوي
- ابدأ بأسئلة عامة وودية قبل الدخول في التفاصيل
- استمع أكثر مما تتكلم
- لا تقاطع الراوي حتى لو انحرف عن الموضوع
التسجيلات الصوتية والمرئية
استخدم معدات تسجيل جيدة النوعية. من ناحية أخرى، اطلب إذناً واضحاً من الراوي قبل التسجيل، واشرح له كيف سيُستخدم هذا التسجيل.
الجدير بالذكر أن مركز التاريخ الشفوي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة يوفر إرشادات ممتازة حول أفضل الممارسات في التسجيل والتوثيق.
ما التقنيات الصحيحة للتدوين؟
عند تحويل التسجيلات إلى نص مكتوب، يجب أن تراعي:
الدقة والأمانة
دوّن بالضبط ما قاله الراوي، حتى لو كانت هناك أخطاء لغوية أو تكرار؛ إذ إن هذه التفاصيل جزء من أصالة النص. فقد يمكنك لاحقاً إضافة ملاحظات توضيحية في الهوامش.
التوثيق الكامل
سجّل معلومات كاملة عن:
- اسم الراوي وعمره ومكان إقامته
- تاريخ ومكان المقابلة
- السياق الذي رُويت فيه القصة
- أي ملاحظات حول نبرة الصوت أو الإيماءات
الحفاظ على اللهجة المحلية
لا تحوّل النص إلى لغة فصحى تفقده نكهته المحلية؛ بل حافظ على اللهجة الأصلية، وأضف شرحاً للكلمات غير المفهومة في الهوامش.
ما الأدوات والمنصات الحديثة للتوثيق؟
فهل يا ترى تحتاج إلى معدات باهظة الثمن للبدء؟ الإجابة هي: لا.
أدوات التسجيل
- هاتفك الذكي الحديث يوفر جودة تسجيل ممتازة
- تطبيقات مجانية مثل Voice Recorder أو Otter.ai للتفريغ الآلي
- ميكروفونات خارجية بسيطة لتحسين جودة الصوت
منصات الأرشفة الرقمية
- يمكنك استخدام منصات مثل Omeka أو Mukurtu لإنشاء أرشيف رقمي
- Europeana توفر معايير دولية للأرشفة الثقافية يمكن الاستفادة منها
- خدمات التخزين السحابي لحفظ نسخ احتياطية من التسجيلات
ما التحديات الكبرى التي تواجه المدوّن وكيف يتغلب عليها؟
كيف نحافظ على أصالة النص الشفهي؟
هذا السؤال يؤرقني منذ بداية عملي في التوثيق؛ إذ إن أكبر تحدٍ يواجه المدوّن هو الحفاظ على روح النص الأصلي عند نقله من الشفهية إلى الكتابة.
من تجربتي، تعلمت أن الأمانة لا تعني النقل الحرفي الجامد؛ بل تعني التقاط الجوهر. بينما يجب أن تحافظ على الكلمات الأصلية قدر الإمكان، عليك أيضاً توثيق السياق الذي يمنح هذه الكلمات معناها الكامل.
نصائح عملية:
- سجّل ملاحظات فورية عن نبرة الصوت، والضحكات، واللحظات العاطفية
- إن أمكن، قم بتصوير فيديو لالتقاط لغة الجسد
- اطلب من الراوي إعادة القصة في جلسة أخرى لمقارنة الروايات
- لا تضف أو تحذف من عندك؛ بل اكتفِ بالتوضيح في الهوامش
كيف نتعامل مع اللهجات المحلية المعقدة؟
فما العمل عندما يستخدم الراوي كلمات محلية نادرة أو لهجة صعبة الفهم؟
لقد واجهت هذا التحدي مراراً، خاصة عند توثيق حكايات من مناطق ريفية نائية. وعليه فإن الحل يكمن في:
العمل مع أهل المنطقة
استعن بشخص محلي يفهم اللهجة جيداً ليساعدك في الفهم والتوثيق. من جهة ثانية، يمكن لهذا الشخص أن يكون جسراً بينك وبين الرواة.
إنشاء قاموس محلي
سجّل الكلمات المحلية ومعانيها في قاموس خاص؛ إذ سيفيدك هذا القاموس في التوثيقات اللاحقة، وسيكون مرجعاً قيماً للباحثين.
الحفاظ على النص الأصلي
اكتب النص بلهجته الأصلية، وأضف ترجمة أو شرحاً بين قوسين أو في الهوامش. هذا يحفظ الأصالة ويسهّل الفهم.
ما القضايا الأخلاقية والقانونية المهمة؟
هل سمعت من قبل عن حقوق الملكية الفكرية للتراث الشفهي؟ هذا موضوع مهم جداً لكنه غالباً ما يُهمل.
احترام خصوصية الراوي
- احصل على موافقة كتابية واضحة قبل نشر أي مادة
- اشرح بوضوح كيف ستُستخدم المادة الموثقة
- احترم رغبة الراوي إذا أراد حجب بعض المعلومات
الحقوق الثقافية للمجتمع
بعض الحكايات أو الممارسات قد تكون مقدسة أو خاصة بجماعة معينة. كما أن بعض المجتمعات تعتبر تراثها ملكية جماعية لا يحق لفرد واحد نشرها.
الجدير بالذكر أن المنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO) لديها إرشادات حول حماية التراث الثقافي التقليدي وحقوق المجتمعات الأصلية.
الموازنة بين الحفظ والنشر
من ناحية أخرى، يجب أن توازن بين هدف حفظ التراث من الاندثار وبين احترام خصوصية المجتمع. بعض المواد قد يكون من الأفضل أرشفتها دون نشرها على الملأ.
كيف نضمن استمرارية التراث المدوّن ووصوله للأجيال القادمة؟
ما أفضل الممارسات في الأرشفة الرقمية؟
التدوين ليس نهاية المطاف؛ بل البداية فقط. فما فائدة توثيق التراث إذا بقي حبيساً في أدراج المكاتب أو في أقراص صلبة معرضة للتلف؟
من تجربتي في إدارة مشاريع الأرشفة، تعلمت هذه الدروس المهمة:
التخزين المتعدد والنسخ الاحتياطية
- احفظ نسخاً متعددة في أماكن مختلفة (محلية وسحابية)
- استخدم صيغاً قياسية للملفات (MP3 للصوت، MP4 للفيديو، PDF للنصوص)
- أنشئ نظام تسمية واضح ومنطقي للملفات
البيانات الوصفية (Metadata)
سجّل معلومات تفصيلية عن كل مادة موثقة: المحتوى، الراوي، التاريخ، المكان، اللغة، الكلمات المفتاحية. هذا وقد يسهّل هذا عملية البحث والاسترجاع لاحقاً.
الالتزام بالمعايير الدولية
تابع معايير Dublin Core للبيانات الوصفية، أو معايير اليونسكو للتوثيق الثقافي.
كيف نشارك التراث المدوّن مع المؤسسات الثقافية؟
إذاً كيف تجعل توثيقك يصل إلى أكبر عدد من المستفيدين ويحقق أثراً حقيقياً؟
التعاون مع المكتبات الوطنية
تواصل مع المكتبة الوطنية في بلدك أو المكتبات الجامعية المتخصصة. كثير منها لديها أقسام خاصة بالتراث الشفهي وترحب بالمساهمات.
المشاركة في قواعد البيانات الدولية
منصات مثل الذاكرة العالمية لليونسكو تقبل توثيقات التراث المهمة. بالإضافة إلى ذلك، هناك مبادرات إقليمية وعربية تستحق الانضمام إليها.
إنشاء شراكات محلية
تعاون مع المراكز الثقافية المحلية، والجمعيات التراثية، والمدارس؛ إذ يمكن لهذه الشراكات أن تضمن استمرارية المشروع وتوسيع نطاقه.
كيف ننقل هذا التراث للأجيال الجديدة؟
برأيكم ماذا يحدث عندما ننجح في توثيق التراث لكننا نفشل في إيصاله للشباب؟ الإجابة هي: يبقى حبراً على ورق لا يحقق هدفه الحقيقي.
استخدام التكنولوجيا الجذابة
- أنشئ قناة على يوتيوب لنشر القصص المسجلة
- استخدم وسائل التواصل الاجتماعي لمشاركة مقتطفات جذابة
- صمم تطبيقات تفاعلية للهواتف الذكية
- أنشئ بودكاست حول التراث الشفهي
الدمج في المناهج التعليمية
تعاون مع المؤسسات التعليمية لإدراج التراث المدوّن في المناهج الدراسية أو كأنشطة لا صفية.
تنظيم فعاليات مجتمعية
أمسيات الحكي، ورش العمل، المعارض الثقافية؛ كل هذا يحيي التراث ويجعله جزءاً من الحياة اليومية.
وكذلك يمكنك إنشاء مسابقات للشباب لجمع الحكايات من أجدادهم؛ إذ إن هذا يخلق جسراً بين الأجيال ويشجع على الاهتمام بالتراث.
الخاتمة
لقد قطعنا معاً رحلة شاملة في عالم تدوين التراث الشفهي، من فهم ماهيته وأهميته، إلى الخطوات العملية للبدء في التوثيق، والتحديات التي ستواجهها، وصولاً إلى طرق ضمان استمرارية هذا التراث.
تذكر أن كل حكاية تدوّنها، وكل مثل شعبي توثقه، وكل أغنية تقليدية تسجلها، هي بذرة تزرعها للمستقبل. إن عملية التدوين ليست مجرد واجب أكاديمي أو مهني؛ بل هي رسالة إنسانية نبيلة لحفظ ذاكرة الأمة وهويتها.
من تجربتي الممتدة لخمسة عشر عاماً، أؤكد لك أن كل جهد صغير تبذله في هذا المجال يحمل قيمة هائلة. فقد لا تستطيع توثيق كل التراث الشفهي في منطقتك، لكن ما ستوثقه سيكون إسهاماً خالداً في حفظ الذاكرة الجماعية.
ابدأ اليوم، بخطوة واحدة؛ إذ اجلس مع جدك أو جدتك وسجّل حكاية واحدة. كما أن هذه الخطوة البسيطة قد تكون بداية مشروع توثيقي يخدم مجتمعك لأجيال قادمة.
الأسئلة الشائعة
هل أحتاج إلى شهادة أكاديمية للبدء في تدوين التراث الشفهي؟
لا، ليست الشهادة الأكاديمية شرطاً للبدء؛ إذ إن الشغف والاحترام للتراث والالتزام بالأمانة العلمية هي الأهم. بالمقابل، يمكنك الاستفادة من الدورات التدريبية المتاحة عبر الإنترنت أو من خلال المراكز الثقافية. كما أن مركز الذاكرة الشفوية بالجامعة الأمريكية ببيروت يقدم موارد تعليمية قيمة للمبتدئين.
كم من الوقت تستغرق عملية توثيق حكاية شعبية واحدة بشكل احترافي؟
من تجربتي، توثيق حكاية واحدة بشكل كامل قد يستغرق من 5 إلى 10 ساعات؛ إذ يشمل ذلك: التحضير (ساعة)، المقابلة والتسجيل (1-2 ساعة)، التفريغ الكتابي (2-3 ساعات)، المراجعة والتدقيق (ساعة)، التوثيق والأرشفة (ساعة). لكن هذا الوقت يختلف حسب طول الحكاية وتعقيدها.
ماذا أفعل إذا رفض الراوي التسجيل لكنه وافق على الرواية؟
هذا موقف أواجهه كثيراً؛ إذ إن بعض الرواة الكبار يشعرون بالحرج من التسجيل. في هذه الحالة، استمع بانتباه ودوّن ملاحظات مفصلة فوراً بعد انتهاء اللقاء، ثم اطلب منه لاحقاً مراجعة ما كتبت للتأكد من الدقة. بالإضافة إلى ذلك، حاول بناء الثقة تدريجياً؛ إذ قد يوافق على التسجيل في لقاءات لاحقة عندما يشعر بالارتياح معك.
الآن دورك: هل لديك جد أو جدة يحكون قصصاً من الزمن الجميل؟ هل سبق أن حاولت توثيق حكاية شعبية من منطقتك؟ شاركنا تجربتك في التعليقات، أو أخبرنا عن أكثر حكاية شعبية أثرت فيك؛ إذ إن تجاربك قد تلهم آخرين لبدء رحلتهم في حفظ التراث.




