المدح عند زهير بن أبي سلمى: خصائصه ودوره في إرساء قيم السلام

يبرز غرض المدح في الشعر الجاهلي كأحد أهم الركائز التي عكست قيم المجتمع وتطلعاته، إلا أن المدح عند زهير بن أبي سلمى يتخذ منحىً فريداً يميزه عن سائر شعراء عصره. فهو لا يقف عند حدود التكسب المادي أو الإطراء العابر، بل يتحول إلى وثيقة أخلاقية ومنصة للإصلاح الاجتماعي. تتناول هذه المقالة بالتحليل العميق خصائص المدح عند زهير بن أبي سلمى، مستكشفةً ارتباطه الوثيق بجهود السلام في حرب داحس والغبراء، ومبرزةً كيف أسس شعره لمفهوم المدح الصادق القائم على أفعال حقيقية، والذي يهدف إلى ترسيخ قيم الحلم والكرم والشجاعة، ليصبح بذلك نموذجاً للشعر المسؤول الذي يخدم قضايا الجماعة.
خصائص المدح عند زهير بن أبي سلمى
يُعد المدح من أبرز الأغراض الشعرية في ديوان زهير بن أبي سلمى، وتتجلى أهمية هذا الغرض في صلته الوثيقة بحرب داحس والغبراء، التي تم تفصيل القول فيها. ويمثل هرم بن سنان المري الشخصية المحورية التي يدور حولها المدح عند زهير بن أبي سلمى. لقد أدت هذه الحرب إلى تمزيق فرعين من فروع غطفان، وهما عبس وذبيان، وأراقت دماءً غزيرة من الفريقين المتحاربين، وكان زهير يرقب اقتتال الإخوة فيتقطع قلبه حسرات، ولم يكن يملك سوى لسانه الذي يحاول به أن يحول بين الصوارم والأسنة، ناصحاً من لا يصغون إلى نصح. فلما نهض هرم بن سنان بما كان يعجز زهير عن النهوض به، وجد الشاعر في هذا الرجل الكبير ضالته، فجسد فيه رؤيته المثالية، وهو ما يعكس طبيعة المدح عند زهير بن أبي سلمى الذي يرضي ضميره أولاً، ويرضي الممدوح بعد ذلك. أما ما يؤول إليه هذا اللون الشعري من نفع يعود على زهير بالمال البائد، وعلى هرم بالمجد الخالد، فقد كان غاية لم يسعَ إليها الشاعر، ولم يطمع فيها الممدوح، بل انبثقت من اجتماع الرجلين، كما تنبثق الفسيلة من التربة بعد أن تشترك الأرض والسماء اشتراكاً فطرياً في احتضانها وتغذيتها، وهذا يوضح نقاء المدح عند زهير بن أبي سلمى.
وقد ورد في كتاب الأغاني: “بلغني أن هرماً كان قد حلف ألا يمدحه زهير إلا أعطاه، ولا يسأله إلا أعطاه، ولا يسلّم عليه إلا أعطاه عبداً أو وليدة أو فرساً، فاستحيا زهير مما كان يقبله منه. فكان إذا رآه في ملأ قال: عموا صباحاً غير هرم وخيركم استثنيت”. وهذا الخبر يعني أن إعجاب هرم بفن زهير لا يقل عن إعجاب زهير بكرم هرم، وأن كلاً منهما كان على أن يعطي أحرص منه على أن يأخذ، وهو ما يبرز القيمة الأخلاقية التي يستند إليها المدح عند زهير بن أبي سلمى.
كما ورد في الأغاني أيضاً: “قال عمر لابن زهير: ما فعلت الحلل التي كساها هرم أباك؟ قال: أبلاها الدهر. قال: لكن الحلل التي كساها أبوك هرماً لم يبلها الدهر”. إن كلمة عمر بن الخطاب هذه تعني أن الأقدمين رأوا أن المدح عند زهير بن أبي سلمى ينتمي إلى نمط رفيع، لا تشوبه شائبة من انتهاز وابتزاز، ولا تخالطه أطماع، ولا يرمي إلى انتفاع شخصي، وهذه شهادة تاريخية على سمو المدح عند زهير بن أبي سلمى.
وإذا كان في هذا المدح شيء من نفع، فإن حظ الممدوح منه يفوق حظ المادح، ويُعد الرابح الحقيقي في سوق الأدب هذه هو الأدب العربي والخلق العربي، إذ استطاع هذا الشعر أن يرسخ القيم والمثل والفضائل، وأن يغذي بمعانيها السامية شخصيتنا العربية. ويُعتبر المدح عند زهير بن أبي سلمى سجلاً لهذه القيم. وتبرز من هذه الفضائل فضيلة الكرم، وأفضل الكرم كما يصوره المدح عند زهير بن أبي سلمى هو ما أحيا النفوس، وأنقذ الجياع في زمن العسرة، وبلغ فيضه المحتاجين الذين يفدون جياعاً على قوم هرم بن سنان والحارث بن عوف، فينالون ما يتمنون بلا منٍّ:
إذا السنةُ الشَّهْبَاءُ بالنَّاسِ أَجْحَفَتْ *** ونال كرامَ المال في الجَحْرَةِ الأكل
رأيت ذوي الحَاجَاتِ حَوْلَ بُيوتِهِمْ *** قطيناً بها حتى إذا نَبَتَ البَقْلُ
هُنَالِكَ إِنْ يُستَخْبَلُوا المالَ يُخبلُوا *** وَإِن يُسأَلُوا يُعطوا، وإِنْ يَبْرُوا يُغلُوا
ومن هذه الفضائل التي احتفى بها المدح عند زهير بن أبي سلمى، الشجاعة وإغاثة الملهوف، والنجدة التي لا تعرف الخوف، والقوة التي لا يعروها الضعف، والفروسية المتوثبة إلى البطولة، والجدارة بالشرف والظفر بالمجد. إن المدح عند زهير بن أبي سلمى وثيقة فنية لهذه البطولات:
إِذا فَزِعُوا طَارُوا إلى مُسْتَغِيثهِمْ *** طوال الرماح لا ضعاف ولا عُزل
بِخَيْل عَلَيْها جَنَّةٌ عَبْقَرِيَةً *** جديرون يَوْماً أَنْ يَنَالُوا فَيَسْتَعْلُوا
لكن شجاعتهم لا رعونة فيها ولا طيش، وكيف يمكن أن يوصف بالرعونة من استطاعوا إطفاء الفتن، وبالطيش من قمعوا بعقولهم الراجحة جنون المحتربين؟ لقد اشترى الممدوح وقومه بأموالهم أرواح الناس، وداووا برشدهم حزازات الحقد، وأخمدوا بحلمهم حمية الجاهلية. وهذا المسلك الإنساني الذي يعكسه المدح عند زهير بن أبي سلمى ليس عرضاً طارئاً، ولا نزوة مفاجئة، وإنما هو جوهر أصيل مغروس في طباعهم، نقلته الوراثة من الآباء إلى الأبناء، وهذه الأصالة في القيم هي ما يميز المدح عند زهير بن أبي سلمى.
وَإِنْ جِئْتَهُمُ أَلْفَيْتَ حَوْلَ بيوتهم *** مجالس قد يُشْفَى بأحلامها الجَهْلُ
وَإِنْ قامَ فيهم حَامِل قال قاعدٌ *** رشدت، فلا غُرم عليك ولا خذل
وما يكُ من خير أتوه، فإنّما *** توارثه آباء آبائهم قبل
وحسب زهير رفعةً أن يتغنى بالحلوم ويشيد بالرشد، وأن يندب نفسه لنصرة العقل على الجهل، وأن يقف شعره على الإصلاح وعمل البر، ويسعى إلى توطيد الأمن، ويهدي الغواة الضالين الذين أعمتهم شهواتهم ونزواتهم عن الحق. وبهذا يكتسب الأدب العربي بفضله ونبله صفة التربية والتوجيه، ويخرج من إسار الأثرة إلى ميدان الإيثار، ومن اجترار الذات إلى الاهتمام بهموم الجماعة. لقد ارتقى المدح عند زهير بن أبي سلمى من اختلاق فضائل تلصق بالممدوح ليدر دره على الشاعر الذي يحتلبه، إلى تصوير أعمال حقيقية نهض بها الممدوح وشهدها الناس. بل إن زهيراً كان يسخر ممن يتظاهرون بفضيلة ليست فيهم، وينتحلون محمدة لم يذكرها لهم الناس. فالمدح عند زهير بن أبي سلمى يُبنى على أنه مكافأة على ما عُمل فنفع، لا ادعاءً لما لم يُعمل، وإشادة بخير يصنعه الأخيار فيصيب منه البشر، كقوله في هرم الذي يجسد فلسفة المدح عند زهير بن أبي سلمى:
وأراكَ تَفْرِي ما خَلَقْتَ وَبَعْ *** ضُ القَوْمِ يَخلُقُ ثم لا يفري
أثني عَلَيْكَ بِما عَلِمْتُ وما *** أَسْلَفْتَ فِي النّجَداتِ من ذكر
والسترُ دونَ الفاحِشَاتِ، ولا *** يلقاك دون الخير من ستر
ولعل أصح ما قيل في تقييم المدح عند زهير بن أبي سلمى هو كلمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حينما سماه «شاعر الشعراء»، فقال له عبد الله بن عباس: “وبم صار كذلك؟” قال: “لأنه لا يتبع حوشي الكلام، ولا يعاظل في المنطق، ولا يقول إلا ما يعرف، ولا يمتدح الرجل إلا بما يكون فيه”. وهذه الشهادة تلخص المنهجية الصادقة التي قام عليها المدح عند زهير بن أبي سلمى.
خاتمة
في الختام، يتضح أن المدح عند زهير بن أبي سلمى لم يكن مجرد غرض شعري تقليدي، بل كان مشروعاً فكرياً وأخلاقياً متكاملاً. لقد استطاع زهير أن يسمو بهذا الفن من مستوى المديح القائم على المبالغة والتكسب إلى آفاق الصدق الفني والمسؤولية الاجتماعية، جاعلاً من قصيدته مرآة تعكس الفضائل الحقيقية لممدوحيه، وعلى رأسهم هرم بن سنان. وهكذا، يتجاوز المدح عند زهير بن أبي سلمى كونه مجرد إشادة، ليصبح سجلاً خالداً للقيم الإنسانية النبيلة، ودعوة صريحة إلى السلام والحكمة والإيثار، مما يجعله علامة فارقة في تاريخ الأدب العربي، ويثبت أن الشعر يمكن أن يكون أداة فاعلة في بناء المجتمعات وإصلاحها.
سؤال وجواب
١. ما الذي يميز المدح عند زهير بن أبي سلمى عن غيره من شعراء العصر الجاهلي؟
يتميز المدح عند زهير بن أبي سلمى بصدقه المطلق وابتعاده عن التكسب المادي والابتزاز، فهو لم يكن يمدح الرجال إلا بما هو فيهم من خصال حميدة وأفعال عظيمة شهدها الجميع. على عكس الكثير من الشعراء الذين كانوا يتخذون من المدح وسيلة للاستجداء والمبالغة، كان زهير يرى في المدح شهادة حق ومكافأة على الفضيلة. كما ارتبط مدحه بقضايا كبرى تهم الجماعة، مثل إطفاء نار الحرب وإرساء السلام، مما منحه بعداً إنسانياً واجتماعياً عميقاً، وهو ما لخصه عمر بن الخطاب بقوله: “لا يمتدح الرجل إلا بما يكون فيه”.
٢. من هي الشخصية المحورية التي دار حولها المدح عند زهير بن أبي سلمى ولماذا؟
الشخصية المحورية في شعر المدح عند زهير بن أبي سلمى هي هرم بن سنان المري، ومعه الحارث بن عوف. والسبب في ذلك هو الدور الجليل الذي قاما به في إنهاء حرب داحس والغبراء التي استمرت لأربعين عاماً بين قبيلتي عبس وذبيان. لقد تحملا ديات القتلى من أموالهما الخاصة حقناً للدماء، وهو عمل إنساني عظيم وجد فيه زهير تجسيداً لأعلى قيم النبل والكرم والإيثار. لذلك، لم يكن مدحه لهما مجرد إعجاب شخصي، بل كان احتفاءً بالسلام وتكريماً لصانعيه، ورأى فيهما النموذج المثالي للقادة المصلحين.
٣. كيف أثرت حرب داحس والغبراء على غرض المدح عند زهير بن أبي سلمى؟
كانت حرب داحس والغبراء هي الخلفية التاريخية والدافع الأساسي الذي شكل طبيعة المدح عند زهير بن أبي سلمى. لقد عانى الشاعر من ويلات هذه الحرب التي مزقت قبيلته غطفان، وشاهد بعينيه الدمار وسفك الدماء. عندما نجح هرم بن سنان والحارث بن عوف في إخماد هذه الفتنة، وجد زهير في فعلهما ضالته المنشودة وموضوعه الأسمى. فتحول مدحه من مجرد إطراء إلى رسالة سلام، حيث جعل من شعره أداة لتوثيق هذا الإنجاز العظيم، وتخليد ذكرى من سعوا في الإصلاح، وتقديمهم كقدوة تحتذى، وبالتالي ارتقى بالمدح ليصبح دعوة للتعقل ونبذ العنف.
٤. ما هي أبرز القيم الأخلاقية التي ركز عليها المدح عند زهير بن أبي سلمى؟
ركز المدح عند زهير بن أبي سلمى على مجموعة من القيم الأخلاقية الرفيعة التي اعتبرها أساس المجتمع السليم. في مقدمتها قيمة “الحلم” وهو العقل الراجح والقدرة على ضبط النفس، وقيمة “الكرم” وخاصة ذلك الذي ينقذ الأرواح في أوقات الشدة والمجاعات، و”الشجاعة” المنضبطة بالحكمة البعيدة عن الطيش والتهور، و”الوفاء بالعهد” و”إغاثة الملهوف”. كما أشاد بقيمة “الأصالة” والوراثة الكريمة للفضائل، مؤكداً أن هذه الأخلاق ليست طارئة بل هي جزء من نسيج الممدوحين المتوارث عن آبائهم وأجدادهم.
٥. هل كان زهير يهدف إلى تحقيق مكاسب مادية من خلال شعره؟
تشير المصادر التاريخية، مثل ما ورد في كتاب الأغاني، إلى أن زهير كان ينال عطاءً وفيراً من هرم بن سنان، لكن الدلائل تؤكد أن هذا العطاء لم يكن هو الدافع الأساسي لشعره. كان العطاء تقديراً من هرم لفن زهير، وليس ثمناً للمدح. والدليل على ذلك أن زهيراً نفسه كان يستحي من كثرة ما يقبله، وأن مدحه كان يركز على الأفعال العامة ذات النفع الكبير وليس على طلب العطية. إن المدح عند زهير بن أبي سلمى كان مكافأة أدبية على عمل إنساني جليل، وما تبعه من مال كان نتيجة طبيعية لذلك التقدير المتبادل، وليس هدفاً مقصوداً لذاته.
٦. ما دلالة قول عمر بن الخطاب إن “الحلل التي كساها أبوك هرماً لم يبلها الدهر”؟
يحمل قول عمر بن الخطاب دلالة عميقة على القيمة الخالدة التي يمنحها الشعر الصادق. فبينما تبلى الثياب المادية (الحلل) مع مرور الزمن، فإن الثناء الصادق والشعر الرفيع الذي يخلد الفضائل هو بمثابة حلل معنوية لا يبليها الدهر ولا يطويها النسيان. في هذه المقارنة البليغة، يضع عمر بن الخطاب قيمة الفن الخالد فوق قيمة العطاء المادي الزائل، ويشهد بأن المدح عند زهير بن أبي سلمى قد منح هرماً مجداً أبدياً يفوق بكثير قيمة الأموال والملابس التي قدمها هرم للشاعر، وهي شهادة بأثر الكلمة الصادقة الباقي.
٧. كيف يتجلى مبدأ الصدق في بنية قصيدة المدح عند زهير بن أبي سلمى؟
يتجلى مبدأ الصدق في أن المدح عند زهير بن أبي سلمى لا يأتي كادعاءات مجردة، بل كتقرير لوقائع ملموسة. هو لا يقول “أنت كريم” بشكل مباشر، بل يصف مشاهد واقعية تدل على الكرم، مثل توافد المحتاجين حول بيوت ممدوحيه في سنوات القحط ونيلهم ما يريدون. كما أنه يبني مدحه على أفعال معروفة للجميع، مثل إطفاء نار الحرب، ويستخدم أسلوباً لغوياً واضحاً ومباشراً يتجنب فيه “حوشي الكلام” أو التعقيد اللفظي، مما يجعل شعره أقرب إلى الحقيقة والواقعية منه إلى الخيال والمبالغة.
٨. هل كان المدح عند زهير بن أبي سلمى موجهاً للفرد أم للجماعة؟
على الرغم من أن المدح عند زهير بن أبي سلمى كان موجهاً في ظاهره لأفراد محددين مثل هرم بن سنان والحارث بن عوف، إلا أن رسالته كانت موجهة للجماعة بأكملها. فهو من خلال مدح هؤلاء الأفراد، كان يقدم نموذجاً للسلوك القويم ويدعو القبائل الأخرى إلى الاقتداء به. كان هدفه هو نشر ثقافة السلام والتعقل والكرم والإيثار في مجتمع تمزقه الصراعات. وبذلك، تحول الممدوح في شعره من مجرد شخص إلى رمز للقيم العليا التي تحتاجها الجماعة، مما يجعل مدحه ذا بعد اجتماعي وتربوي شامل.
٩. كيف يمكن اعتبار المدح عند زهير بن أبي سلمى شكلاً من أشكال الإصلاح الاجتماعي؟
يمكن اعتباره كذلك لأنه استخدم الشعر كأداة فعالة للتأثير في الرأي العام وتوجيهه نحو الأفضل. ففي وقت كانت فيه القبائل تفتخر بالحروب والغارات، جاء زهير ليحتفي بصانعي السلام، وفي وقت كان فيه الطيش والاندفاع من شيم الفرسان، مجّد زهير الحلم والعقل. لقد عمل من خلال شعره على تغيير سلم القيم الاجتماعية، ووضع قيم الإصلاح والسلم في مرتبة أعلى من قيم الحرب والثأر، وبهذا كان شاعراً مصلحاً يسعى إلى توطيد الأمن والاستقرار في مجتمعه.
١٠. ما علاقة لقب “شاعر الحوليات” بجودة المدح عند زهير بن أبي سلمى؟
لقب “شاعر الحوليات” يشير إلى أن زهيراً كان ينظم قصيدته في أربعة أشهر، ويهذبها في أربعة، ويعرضها على خواصه في أربعة، ثم يخرجها للناس بعد عام كامل (حول). هذه المنهجية في التأليف والتنقيح الدقيق تدل على جديته وعنايته الفائقة بشعره. هذه العناية لم تكن في الصياغة اللغوية فقط، بل امتدت إلى المضمون أيضاً. فالتفكير الطويل والتمحيص كانا يضمنان أن مدحه نابع عن قناعة راسخة وتأمل عميق، وليس مجرد رد فعل عاطفي أو قصيدة مناسبات عابرة، مما أكسب المدح عند زهير بن أبي سلمى عمقاً ومصداقية وقوة فنية لا تضاهى.