النحو

حذف فعل الشرط وجوابه أو أحدهما

تُعَدُّ ظاهرة حذف فعل الشرط وجوابه من الموضوعات النحويّة الشيّقة التي تبرز جمال ومرونة اللغة العربية. فهي تُظهر كيف يمكن للمعنى أن يُفهم ويُستدل عليه حتى مع غياب بعض العناصر الأساسية في الجملة، وذلك من خلال القرائن والسياق. في هذا المقال، سنتعمق في حالات حذف فعل الشرط وجواب الشرط أو أحدهما، ونستعرض الأنماط المختلفة لهذه الظاهرة مع أمثلة توضيحية من الشعر العربي والقرآن الكريم، مما يثري فهمنا لقواعد اللغة ويُبرز أهمية الكلمات المفتاحية مثل حذف فعل الشرط وحذف الفاء الرابطة لجواب الشرط.

حذف فعل الشرط

يكثر حذف فعل الشرط بعد (إنْ) الشرطية إذا جاءت بعدها (لا) النافية، ودلّ المعنى عليه، قال الأحوص:

فطلِّقْها فلست لها بكُفءٍ * وإلاّ يَعْلُ مَفْرِقَكَ الحُسامُ

والتقدير: وإلا تطلقها.

ويجوز أن يُحذف فعل الشرط إذا كررت (إن)، والمثال المشهور هو: (الناس مجزيون بأعمالهم إن خيراً فخيراً، وإن شراً فشرٌّ).

والتقدير: إن كان العمل خيراً فهو خير، وإن كان العمل شراً فهو شرٌّ. وقال هدبة بن الخشرم:

فإن تكُ في أموالنا لا نضيق بها * ذراعاً، وإنْ صبرٌ فنصبرُ للصّبرِ

والتقدير: وإن وقع صبرٌ نصبر. هنا تم حذف فعل الشرط، وبقي جواب الشرط.

وقال النعمان بن المنذر:

قد قيل ذلك إن حقاً وإن كذباً * فما اعتذاركَ من شيءٍ إذا قيلا؟

والتقدير: إن كان ذلك حقاً، وإن كان ذلك كذباً. هنا نجد حذف فعل الشرط مع وجود جواب الشرط.

حذف جواب الشرط

يجوز حذف جواب الشرط إذا دلّت عليه قرينة، تقول: إن استطعت أن تسافر معي، والتقدير: فسافر، فـ فعل الشرط دل على جواب الشرط؛ لأنّ الفعل “استطعت السفر” يدلّ على الجواب “سافر”.

ويجب حذف جواب الشرط إذا تقدم على أداة الشرط ما يدلّ عليه، ويُغْني عنه، تقول: إنك خاسر إن خالفتني، وأنت ناجح إن وافقتني. فقد أوضحنا سابقاً أن جواب الشرط لا يتقدم على أداة الشرط؛ لأن لأداة الشرط الصدارة، فلمّا تقدم عليها ما هو بمعنى جواب الشرط حذف جواب الشرط وجوباً.

اقرأ أيضاً:  الاسم الموصوف وما يلحق بالصفة

ويجب حذف جواب الشرط أيضاً إذا أغنى عنه جواب القسم، قال تعالى: {لئن لم تنتهوا لنرجُمنَّكم}. فجواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم (لنرجمنكم) عليه؛ لأن القسم تقدم على الشرط، فالجواب للقسم.

وقال النابغة:

لئن كنت قد بلّغتَ عنّي وشايةً * لمُبلِغُكَ الواشي أغشّ وأكذب

فقد أغنى جواب القسم (لمبلغك أغش) عن جواب الشرط، وجواب الشرط محذوف.

وإذا وجب حذف جواب الشرط لما تقدم، كان فعل الشرط ماضياً أو مضارعاً مسبوقاً بـ (لم).

حذف فعل الشرط وجوابه

يجوز حذفهما إذا بقي من جملتيهما ما يدل عليهما، تقول: من يتفوق فكافئه، ومن لا فلا، والتقدير: ومن لا يتفوق فلا تكافئه.

وواضح أنه قد تقدم على أسلوب الشرط جملة شرطية أخرى، وفعل الشرط وجواب الشرط المحذوفان هما فعل الشرط وجواب الشرط المذكوران في الجملة السابقة.

ويقولون: اقرأ هذا إمّا لا، والتقدير: إن كنت لا تقرأ غيره فاقرأه. فـ (ما) عوض عن فعل الشرط المحذوف (كنت)، وجواب الشرط قد تقدم معناه.

حذف الفاء الرابطة لجواب الشرط

لا تُحذف إلا في ضرورة الشعر، قال حسّان بن ثابت:

من يفعل الحسناتِ اللهُ يشكرها * والشرُّ بالشَّر عند الله مثلان

والتقدير: فالله يشكرها. وإعراب جملة “الله يشكرها”: جواب شرط جازم مقترن بـالفاء المحذوفة في محل جزم.

في هذا المثال، نلاحظ حذف الفاء الرابطة لجواب الشرط، وذلك لضرورة الشعر، وجواب الشرط هو “الله يشكرها”.

خاتمة

في الختام، يتبين لنا أن اللغة العربية تتميز بثرائها وقدرتها على التعبير بأدق التفاصيل حتى مع حذف بعض المكونات الأساسية كـفعل الشرط أو جواب الشرط. فهم هذه الظواهر النحويّة يُعزز من قدرتنا على استيعاب النصوص العربية بمختلف أشكالها، ويُبرز جمال التركيب اللغوي الذي يسمح بتنوع الأساليب والتعبيرات. إن التعمق في مثل هذه الموضوعات يُثري المعرفة اللغوية ويفتح آفاقاً جديدة للاستمتاع بجمالية اللغة وسحرها، ويؤكد على أهمية دراسة الكلمات المفتاحية وفهم دورها في بناء المعنى الكامل للجملة.

اقرأ أيضاً:  تعريف المفعول لأجله وشروط نصبه وحالاته

الأسئلة الشائعة

أ -ما هي الحالة التي يكثر فيها حذف فعل الشرط بعد “إن” الشرطية؟

يكثر حذف فعل الشرط بعد “إن” الشرطية إذا جاءت بعدها “لا” النافية ودلّ المعنى عليه. مثال ذلك قول الشاعر الأحوص:

فطلِّقْها فلست لها بكُفءٍ وإلاّ يَعْلُ مَفْرِقَكَ الحُسامُ

والتقدير: “وإن لا تطلِّقها يعلُ مفرقك الحسام”.

ب – هل يمكن حذف فعل الشرط عند تكرار “إن”؟

نعم، يجوز حذف فعل الشرط إذا كررت “إن”. والمثال المشهور هو: “الناس مجزيون بأعمالهم إن خيراً فخيراً، وإن شراً فشرٌّ“.

والتقدير: “إن كان العمل خيراً فهو خير، وإن كان العمل شراً فهو شرٌّ”.

ج -ما المقصود بحذف جواب الشرط إذا دلّت عليه قرينة؟

يجوز حذف جواب الشرط إذا دلّت عليه قرينة في الكلام. مثال: “إن استطعت أن تسافر معي”. والتقدير: “فسافر معي“. هنا فعل الشرط “استطعت” يدل على جواب الشرط المحذوف “سافر معي”.

د -متى يجب حذف جواب الشرط إذا تقدم ما يُغني عنه؟

يجب حذف جواب الشرط إذا تقدم على أداة الشرط ما يدلّ عليه ويُغْني عنه، مثل: “إنك خاسر إن خالفتني“، و”أنت ناجح إن وافقتني“. هنا، جواب الشرط محذوف لأن المعنى الذي يليه يُغني عنه.

هـ -كيف يُغني جواب القسم عن جواب الشرط؟

إذا تقدّم القسم على الشرط، يُغني جواب القسم عن جواب الشرط. مثال ذلك قول الله تعالى: {لَئِن لم تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ}. هنا، “لنرجمنَّكم” هو جواب القسم، وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه.

و -هل يمكن حذف فعل الشرط وجوابه معًا؟ وكيف ذلك؟

نعم، يجوز حذف فعل الشرط وجوابه إذا بقي من الجملة ما يدل عليهما. مثال: “من يتفوق فكافئه، ومن لا فلا“. والتقدير: “ومن لا يتفوق فلا تكافئه“. هنا، السياق يدل على الفعل المحذوف وجوابه.

اقرأ أيضاً:  المذكر والمؤنث: أنواعهما، وعلامات التأنيث

ز – ما دور “ما” في تعويض فعل الشرط المحذوف؟

تُستخدم “ما” كعوض عن فعل الشرط المحذوف في بعض التعبيرات. مثال: “اقرأ هذا إمّا لا“. والتقدير: “إن كنت لا تقرأ غيره فاقرأه“. هنا، “ما” عوض عن الفعل المحذوف “كنت”.

ح -متى تُحذف الفاء الرابطة لجواب الشرط؟

لا تُحذف الفاء الرابطة لجواب الشرط إلا في ضرورة الشعر. مثال ذلك قول حسّان بن ثابت:

من يفعل الحسناتِ اللهُ يشكرها والشرُّ بالشَّر عند الله مثلان

والتقدير: “فالله يشكرها“. حُذفت الفاء للضرورة الشعرية.

ط -ما إعراب جملة جواب الشرط عند حذف الفاء؟

تُعرب جملة “الله يشكرها” في المثال السابق على أنها جواب شرط جازم مقترن بـالفاء المحذوفة، وهي في محل جزم.

ي -لماذا يُشترط أن يكون فعل الشرط ماضياً أو مضارعاً مسبوقاً بـ “لم” عند حذف جواب الشرط؟

لأن حذف جواب الشرط في هذه الحالة يعتمد على وجود ما يدل عليه في السياق السابق. فإذا كان فعل الشرط ماضياً أو مضارعاً مسبوقاً بـ “لم”، يكون المعنى مكتملًا بدون الحاجة إلى ذكر جواب الشرط، كما في قولنا: “إنك ناجح إن اجتهدت”، حيث يُفهم المعنى دون ذكر الجواب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى