الفرق بين إذاً وإذن
للعلماءِ فيهَا ثلاثةُ مذاهبَ نوردُهَا بالتَّفصيلِ:
المذهب الأول: تكتب بالنون مطلقاً
أوَّلاً: ذهبَ الكوفيُّونَ والأكثرونَ مِنَ النُّحَاةِ إلى أنَّهَا تُكتبُ بالنُّونِ عَمِلَتْ، أي نصبَتِ الفعلَ بعدَهَا، أمْ لمْ تعملْ، والسَّببُ في ذلِكَ:
١ -للتَّفريقِ بينَهَا وبينَ (إذا) الظَّرفيَّةِ والفجائيَّةِ، لئلَّا يقعَ اللَّبْسُ.
٢ –لأنَّ الوقفَ عليهَا بالنُّونِ؛ لأنَّهَا حرفٌ مثلُ أنْ ولنْ، ولا يدخلُ التَّنوينُ في الحروفِ.
والَّذي عليهِ المعاصرونَ كتابتُهَا بالنُّونِ مطلقاً.
المذهب الثاني: تكتب بالألف مطلقاً
ذهبَ البصريُّونَ وابنُ مالكٍ إلى أنَّهَا تُكْتَبُ بالألفِ مُرَاعاةً للوقوفِ عليهَا، سواءً كانَتْ عاملةً أو لا.
المذهب الثالث
أمَّا المذهبُ الثَّالثُ الَّذي فَرَّقَ بينَهُمَا فهُمُ الفرَّاءُ والجوهريُّ وغيرُهُمَا:
قالَ الفرَّاءُ: إنْ أُلغِيَتْ كُتِبَتْ بالألِفِ لضعفِهَا، وإنْ أُعْمِلَتْ كُتبَتْ بالنُّونِ لقوَّتِهَا، وفي هذا تفصيلٌ:
١ -إذا نصبَتِ الفعلَ المضارعَ بعدَهَا كُتبَتْ بالنُّونِ لقوَّتِهَا، نحُو: يُقَالُ آتِيكَ، فَتَقولُ إِذنْ أُكْرِمَكَ.
٢ -إذا بقيَ المضارعُ بعدَهَا مرفوعاً كُتبَتْ بالألفِ لضعفِهَا، نحوُ: يُقَالُ آتِيكَ، فَتَقولُ إِذاً أُكْرِمُكَ.
٣ –إذا قالَ لَكَ قائلٌ: اللَّيلةَ أَزورُكَ، قلْتَ: إذنْ أُكْرِمَكَ، وإنْ أخَّرتَهَا؛ أي وقفْتَ عليهَا أَلغيتَ فقلْتَ: أُكْرِمُكَ إذاً.
٤ –إنْ وسَّطْتَهَا وجعلْتَ الفعلَ بعدَهَا معتمداً على ما قبلَهَا أَلْغَيْتَ أَيضاً، كقولِكَ: أنا إذاً أكرمُكَ.
٥ –إنْ أدخلْتَ عليهَا حرفَ عطفٍ كالواوِ والفاءِ فأنتَ بالخيارِ، إنْ شئْتَ كتبْتَ بالنُّونِ وإنْ شئْتَ كتبْتَ بالألفِ، نحوُ قولِهِ تعالى: {وَإِذاً لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلاً}، وقولِهِ عزَّ وجلَّ: {فَإِذاً لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً}.
والَّذي نراهُ نحنُ أنْ تُكتبَ بالألفِ دائماً، كمَا جاءَ في القرآنِ الكريمِ.
ولَكَ الخيارُ في تبنِّي أيِّ رأيٍ مِنْ هذهِ الآراءِ فكلُّهَا صحيحةٌ.
واللَّهُ تعالى أعلمُ.