أسلوب الاختصاص وصوره وإعراب الاسم المنصوب على الاختصاص
أولاً: تعريفُ الاختصاصِ
الاختصاصُ نصبُ الاسمِ بفعلٍ محذوفٍ وجوباً تقديرُهُ: أخصُّ أو أعني، بعدَ ضميرٍ؛ لبيانِ المرادِ مِنْهُ وقصرِ الحُكْمِ الَّذي للضَّميرِ عليهِ.
مثالٌ: قولُهُ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: «إِنَّا مَعْشَرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْتُ بَعْدَ مَئُونَةِ عَامِلِي، وَنَفَقَةِ نِسَائِي، صَدَقَةٌ». مسندُ أحمدَ: الحديثُ رقْمُ: ٩٩٧٢.
فهُنَا (إنَّا) ويُروى (نحنُ) صالحٌ لكلِّ المتكلِّمينَ، ولكنَّهُ خُصِّصَ بقولِهِ: (معاشرَ الأنبياءِ)، فظهرَ المرادُ منهُ، بقصرِ الحكمِ أي (عدمِ الإرثِ) الَّذي للضَّميرِ على هذا الاسمِ المنصوبِ، فعدمُ التَّوريثِ مقصورٌ على الأنبياءِ دونَ سواهُمْ.
-والأصلُ في الضَّميرِ أنْ يكونَ للمتكلِّمِ مفرداً أو مجموعاً، وقدْ يأتي للمخاطبِ، نحوُ: بِكَ اللَّهَ أستعينَ.
ولا يأتي ضميرَ غائبٍ.
ثانياً: شروطُ الاسمِ المنصوبِ على الاختصاصِ
يُشترطُ في الاسمِ المنصوبِ على الاختصاصِ أنْ يكونَ:
١ –محلّىً بـ ال، نحوُ: نحنُ العُربَ أَقرى النَّاسِ لضيفٍ.
٢ –مضافاً إلى محلّىً بـ ال، نحوُ: نحنُ معاشرَ الأنبياءِ لا نُورَثُ.
٣ –عَلماً، كقولِ رؤبةَ بنِ العجَّاجِ:
بِنَا تَمِيماً يُكْشَفُ الضَّبَابُ
وهوَ قليلٌ، وأكثرُ منهُ أنْ يأتي مضافاً إلى عَلمٍ، كقولِ الأعرجِ المعنيِّ:
إِنَّا بَنِي ضَبَّةَ أَصْحَابُ الْجَمَلْ … الْمَوتُ أَحْلَى عِنْدَنَا مِنَ الْعَسَلْ
ثالثاً: صورُ الاختصاصِ
١ -الاختصاصُ بالفعلِ أخصُّ:
ويتكوَّنُ مِنْ ضميرٍ، وهوَ المبتدأُ ومخصوصٍ وجملةِ الاختصاصِ الخبريَّةِ، نحوُ: نَحْنُ مَعْشَرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ.
٢ -الاختصاصُ بـ أيُّهَا وأيَّتُهَا:
وقدْ يأتي الاختصاصُ بلفظِ (أيُّهَا) للمذكَّرِ، و(أيَّتُهَا) للمؤنَّثِ، وبعدَهَا اسمٌ محلّىً بـ ال مرفوعٌ وجوباً على أنَّهُ صفةٌ أو بدلٌ مِنْ (أيُّ) تَبِعَهَا في اللَّفظِ، كقولِ الشَّاعرِ:
جُدْ بِعَفْوٍ فَإِنَّنِي أَيُّهَا الْعَبْـ … ــدُ إِلَى الْعَفْوِ يَا إِلَهِي فَقِيرُ
والتَّقديرُ:
إنَّنِي مخصوصاً مِنَ العبيدِ فقيرٌ إلى العفوِ.
أيُّهَا: أيُّ مفعولٌ بِهِ منصوبٌ على الاختصاصِ، مبنيٌّ على الضَّمِّ، في محلِّ نصبٍ، وهَا للتَّنبيهِ.
العبدُ: صفةٌ أو بدلٌ مِنْ أيُّ، مرفوعٌ مثلُهُ، وعلامةُ رفعِهِ الضَّمَّةُ الظَّاهرةُ على آخرِهِ.
(أيَّهَا العبدُ): جملةٌ اسميَّةٌ، في محلِّ نصبٍ، حالٌ.
رابعاً: مقاصدُ الاختصاصِ
١ –إزالةُ إبهامِ الضَّميرِ المبدوءِ وتوضيحُهُ؛ لأنَّ الضَّميرَ يدلُّ على العمومِ.
٢ –التَّفصيلُ: لأنَّ الضَّميرَ قدْ يندرجُ تحتَهُ أنواعٌ أو عددٌ أو أجناسٌ، فبَيَّنَ المخصوصُ هذا النَّوعَ المقصودَ وحدَّدَهُ.
٣ –الفخرُ، ومنهُ قولُ الشَّاعرِ:
لَنَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ مَجْدٌ مُؤَثَّلُ … بِإِرْضَائِنَا خَيرَ الْبَرِيَّةِ أَحْمَدَ
٤ –التَّواضعُ: نحوُ قولِنَا: أنا الكثيرُ القراءةِ أَعُدُّ نفسي مقصِّراً في الدِّراسةِ.
٥ -وقدْ يُرادُ مِنَ الاختصاصِ المدحُ والذَّمُّ أوِ التَّرحُّمُ ومثالُهُ:
أ –المدحُ، كقولِنَا: الحمدُ للَّهِ الحميدَ، أي أمدحُ الحميدَ.
ب –الذَّمُّ، نحوُ: جاءَ عمروٌ الخبيثَ الفاسقَ، أي أذمُّ الخبيثَ.
ومثالُهُ أيضاً قولُهُ تعالى: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} بنصبِ (حمَّالةَ) على معنى الذَّمِّ والشَّتمِ.
انظرْ أوجهَ إعرابِ {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} هُنَا.
خامساً: إعرابُ الاسمِ المنصوبِ على الاختصاصِ:
يُعربُ المنصوبُ: مفعولاً بِهِ منصوباً على الاختصاصِ بفعلٍ محذوفٍ وجوباً، تقديرُهُ: أخصُّ أو أعني.
والجملةُ في محلِّ نصبٍ على الحالِ أوِ اعتراضيَّةٌ، لا محلَّ لَهَا مِنَ الإعرابِ.
أمثلةٌ معربةٌ
-أنا القدسَ موطنُ الإسراءِ:
أنا: ضميرُ رفعٍ منفصلٌ، مبنيٌّ على السُّكونِ، في محلِّ رفعٍ، مبتدأٌ.
القدسَ: مفعولٌ بِهِ منصوبٌ على الاختصاصِ بفعلٍ محذوفٍ تقديرُهُ: أعني أو أخصُّ، وعلامةُ نصبِهِ الفتحةُ الظَّاهرةُ على آخرِهِ.
موطنُ: خبرٌ مرفوعٌ، وعلامةُ رفعِهِ الضَّمَّةُ الظَّاهرةُ على آخرِهِ، وهوَ مضافٌ.
الإسراءِ: مضافٌ إليهِ مجرورٌ، وعلامةُ جرِّهِ الكسرةُ الظَّاهرةُ على آخرِهِ.
(القدسَ): جملةٌ اسميَّةٌ اعتراضيَّةٌ، لا محلَّ لَهَا مِنَ الإعرابِ، ويجوزُ إعرابُهَا حاليَّةٌ.
-بِنَا تَمِيماً يُكْشَفُ الضَّبَابُ
بِنَا: الباءُ حرفُ جرٍّ، ونا ضميرٌ متَّصلٌ مبنيٌّ على السُّكونِ، في محلِّ جرٍّ بحرفِ الجرِّ الباءِ، والجارُّ والمجرورُ متعلِّقانِ بالفعلِ يُكشفُ.
تميماً: مفعولٌ بِهِ، منصوبٌ على الاختصاصِ بفعلٍ محذوفٍ تقديرُهُ أخصُّ تميماً، وعلامةُ نصبِهِ الفتحةُ الظَّاهرةُ على آخرِهِ.
يُكشفُ: فعلٌ مضارعٌ مبنيٌّ للمجهولِ، مرفوعٌ وعلامةُ رفعِهِ الضَّمَّةُ الظَّاهرةُ على آخرِهِ.
الضَّبابُ: نائبُ فاعلٍ مرفوعٌ، وعلامةُ رفعِهِ الضَّمَّةُ الظَّاهرةُ على آخرِهِ.
(بِنَا يُكشفُ الضَّبابُ): جملةٌ اسميَّةٌ ابتدائيَّةٌ، لا محلَّ لَهَا مِنَ الإعرابِ.
(تميماً): جملةٌ اسميَّةٌ اعتراضيَّةٌ، لا محلَّ لَهَا مِنَ الإعرابِ.
-نَحْنُ بَنَاتِ طَارِقْ … نَمْشِي عَلَى النَّمَارِقْ
نحنُ: ضميرُ رفعٍ منفصلٌ، مبنيٌّ على الضَّمِّ، في محلِّ رفعٍ، مبتدأٌ.
بناتِ: مفعولٌ بِهِ منصوبٌ على الاختصاصِ بفعلٍ محذوفٍ تقديرُهُ أعني أو أخصُّ، وعلامةُ نصبِهِ الكسرةُ نيابةً عنِ الفتحةِ؛ لأنَّهُ جمعُ مؤنَّثٍ سالمٌ، وهوَ مضافٌ.
طارقْ: مضافٌ إليهِ مجرورٌ، وعلامةُ جرِّهِ الكسرةُ الظَّاهرةُ على آخرِهِ، وسُكِّنَ لضرورةِ الشِّعرِ.
(بناتِ طارقْ): جملةٌ اسميَّةٌ اعتراضيَّةٌ، لا محلَّ لَهَا مِنَ الإعرابِ.
(نمشي): جملةٌ فعليَّةٌ، في محلِّ رفعٍ، خبرٌ.