النحو

أسماء الإشارة: تعريفها وأقسامها وإعرابها

تعريف اسم الإشارة

هو أحد الألفاظ المبهمة التي لا تُعَيِّنُ مدلولها تعييناً مستقلاً، ولا بدَّ له من الاقتران بإشارة حِسِّيَّةٍ أو معنويَّةٍ. وهو أحد المبنيات التي لا تخضع لتأثير العوامل فيها، فلا تتغير حركتها بتغير موقعيته في الجملة.

ويُعرّف اسم الإشارة بأنه: (لفظ يُعَيِّنُ مدلوله مقروناً بإشارة حسية أو معنوية إليه). والمشار إليه يمكن أن يكون ذاتاً محسوسة، أو أمراً معنوياً. فمن ذلك أن تقول مثلاً: (هذا كتابي)، أو أن تقرأ قول الفرزدق:

أولئكَ آبائي فَجِئني بِمِثلهِم * إذا جمعتنا يا جرير المجامِعُ

فالتركيبان السابقان يتضمنان:

  • مشاراً إليه (كتابي ـ آبائي).
  • اسم إشارة (هذا ـ أولئك).

والمشار إليهما ذاتان محسوستان كما هو واضح.

ولكن إذا قرأنا قوله تعالى: {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عّبَّدْتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ}.

كان المشار إليه أمراً معنوياً يدرك ذهنياً ولا يحس بإحدى الحواس، وهو (النعمة)؛ كذلك إذا قلنا: (هذه قضيةٌ شائكةٌ) كان المشار إليه امراً معنوياً. وهو: (قضيَّة).

أقسام أسماء الإشارة

تقسم أسماء الإشارة إلى قسمين رئيسين:

أ -القسم الأول: بحسب دلالتها على:

  • العدد: (الإفراد، التثنية، الجمع).
  • الجنس: (التذكير، التأنيث، الجمع).

ب -القسم الثاني بحسب دلالتها على:

  • البعد.
  • التوسط.
  • القرب.

وفيما يأتي تفصيل كل ذلك.

أ -القسم الأول:

1 -للمفرد المذكَّر: (ذا)، وهو مشهور، والأقل شهرةً: ذاءِ، ذاتِه، ذاؤه؛ والثلاثة الأخيرة قليلة الاستعمال جداً، ومما جاء فيها قول الشاعر:

هذاؤه الدفترُ خيرُ دفترِ * في كفِّ قرمٍ ماجدٍ مُصّوِّرِ

والأحسن الاقتصار على ما شاع استعمالهن وهو (ذا).

2 -للمفردة المؤنثة: (ذِهْ، ذِهِ، تِهْ، تِهِ، ذاتُ، تي).

ذانِ: للمذكر مطلقاً، عاقلاً أم غير عاقل. وهذه الصورة في حال الرفع فيه. (ذانِ طالبان مجدانِ)، (ذانِ كتابان رائعان).

ذَيْن: للمذكر مطلقاًن عاقلاً أم غير عاقل. وهذه الصورة هي في حالي النصب :(إن ذَيَنِ من المتفوقين) -المشار إليه محسوس.

(إن ذَيْن الأمرين من الأمور المستعصية) -المشار إليه معنوي.

ذانَّ: للمثنى المذكر رفعاً.

ذَيَنّ: للمثنى المذكر (نصباً ـ جراً).

تانِ: للمؤنث مطلقاً في حال الرفع، نحو: تان متفوِّقتان.

تَين: للمؤنث مطلقاً في حالي النصب والجر، نحو: وقفت عند تَينِ المسألتين.

تانِّ: للمثنى المؤنث (رفعاً)، نحو: تانِّ فتاتان مجدَّتان.

تَينِّ: للمثنى المؤنث (نصباً ـ جراً)، نحو: رأيت تينِّ المدينتين، مررت بتيّن المدرستين.

اقرأ أيضاً:  الفرق بين الفعل الحقيقي والفعل اللفظي

أولاءِ: للجمع بكل أنواعه.

أُوْلَى: للجمع بكل أنواعه.

ومجيء (أولاءِ، أُوْلَى) لغير العاقل قليل، ومنه قول الشاعر:

ذُمَّ المنازلَ بعدَ منزلةِ اللّوى * والعيشَ بعد أولئك الأيّامِ

وقوله تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}.

فاسم الإشارة (أولئك) والمشار إليه (السمع + البصر+ الفؤاد) وهي أشياء غير عاقلة.

-هُنّا: للمكان خاصَّة.

-ثَمَّ: للمكان البعيد خاصة.

ب -القسم الثاني:

بحسب دلالة الإشارة على:

1 -القريب: يكون باستعمال اسم الإشارة مجرداً من اللام التي تعدُّ حرفاً يشير إلى البعد، فنقول: ذا، ذانِ، تي، تِهِ، أولاء، أولَى…. وهذه أسماء الإشارة كلها بلا استثناء، ما استعمل منها مفرداً أو مثنى أو مجموعاً لعاقل أو لغيره، بشرط تجرُّده من اللام المذكورة.

2 -التوسط في البعد: يكون ذلك بزيادة (الكاف) على آخر بعض أسماء الإشارة، وهذه (الكاف) حرف ولا تعرب ضميراً، وإنما هي حرف خطاب يشير إلى توسط المشار إليه في البعد. وحركة الكاف هذه بحسب ما تشير إليه من مذكّر أو مؤنث، وتلحقهما علامة التثنية وميم الجمع، ونون النسوة، وهذه هي اللغة العليا. وهي تلحق ما يأتي:

أ -اسم الإشارة للمفرد المذكر والمؤنث:

  • ذاكَ.
  • تيكِ – تاك – ذيكِ.
  • ذانك للمذكر.
  • تانك للمؤنث.                         

ب -اسم الإشارة للمثنى:

  • ذانّك للمثنى المذكر.
  • تانّك: للمثنى المؤنث.

ج -اسم الإشارة للجمع العاقل وغيره:

  • أولاء – أولائكَ.
  • أولى – أولاك.

د -اسم الإشارة الخاص بالمكان (هنا)، نحو: هناكَ.

3 -البعد: ويكون بتوسط لام البعد بين اسم الإشارة وكاف الخطاب وجوباً، ولا تستعمل لام البعد وحدها. وتزاد هذه اللام في أسماء الإشارة الآتي ذكرها:

أ -أسماء الإشارة الدالة على المفرد، وهي: ذا، نحو: ذلك.

ب -أسماء الإشارة الدالة على المفردة المؤنثة، وهي: )تي، تا، ذي)، نحو: تلْكَ.

ت -اسم الإشارة الدال على الجمع مطلقاً المقصور الآخر (الأُلَى)، نحو: أولالك، وحركة هذه اللام:

-الكسْرُ: إذا كان الحرف الذي قبلها ساكناً، نحو: ذَاْلِك، وتكتب: ذلك.

-السكونُ: إذا كان الحرف الذي قبلها متحركاً، نحو: تِلْك، تَلْك.

ث -اسم الإشارة الدال على المكان خاصة: هنا، نحو: هنالِك.

ويمكن إجمال هذه الحال بقولنا: يكون استعمال أسمال أسماء الإشارة الدالة على البعد بزيادة اللام أولاً، ثم الكاف ثانياً، فيما يصح فيه مجيء الكاف، فلا توجد اللام وحدها للدلالة على البعد.

اقرأ أيضاً:  تعريف المفعول معه وأحكامه وأحكام الاسم المصاحب للواو

وما ذكرنا من أسماء الإشارة قبيل دخول كاف الخطاب ولام البعد هي أسماء الإشارة. ولكن قد يسبقها حرف هو (ها) التنبيه التي تهدف إلى:

1 -تنبيه السامع الغافل إلى ما يليها، ويتم ذلك في مد الصوت في (الهاء).

2 -تنبيه السامع إلى أهمية ما يلي أسماء الإشارة وعلوِّ مكانته، فيقبل عليه ويهتم به، نحو: قوله تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ}.

وقوله أيضاً: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ}.

وقوله أيضاً: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}.

وقول الفرزدق:

هذا الذي تعرفُ البطحاءُ وطأتَهُ * والبيت يعرفُه والحِلُّ والحَرَمُ

وهذه الهاء أحوال:

-قد تسبق اسم الإشارة التي اتصلت به كاف الخطاب، فتقول: هَذَاك ـ هاتاك

إذا سبقت (هاء) التنبيه اسم الإشارة المقترن بكاف الخطاب يمتنع وجود لام البعد، فلا نقول: هذالك.

-لا يجوز اقتران اسم الإشارة بكاف الخطاب إذا فصل بين اسم الإشارة وها التنبيه أي فاصل، فلا نقول: هأنذاك، ولا نقول: ها أناذلك.

ويختص اسما الإشارة (هُنَا) و(ثَمَّ) بفتح الثاء بالدلالة على الظرفية ويشتركان في الدلالة على المكان، وليس لهما محل إلا النصب على الظرفية، ولكل منهما خصائصه المبيّنة فيما يأتي:

هُناْ: اسم إشارة للمكان القريب في الأصل.

-قد تلحقها كاف الخطاب للدلالة على التوسط في البعد: هناك.

-قد تلحقها لام البعد فتصبح دالة على المكان البعيد: هنالك.

-قد تسبقها ها التنبيه كما تسبق بقية أسماء الإشارة، ها هنا، ها هناك.

كقوله تعالى: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ}.

وقوله: {فَلَيسَ لَهُ الْيَومَ هَا هُنَا حَمِيمٌ}.

-يمتنع أن تسبق بـ (ها) التنبيه إذا اقترنت بلام البعد، لعدم اجتماع هذه اللام مع ها التنبيه.

-قد تدل على البعد من غير لحاق اللام الخاصة بذلك، ويكون ذلك عن طريق تغيير في بنيتها واللغات فيها، نحو: هَنَّا، هِنّا، هَنَّتْ، هِنَّتْ وعلى واحدة منها جاء قول أبي وجزة السعدي:

أتاكَ المجدُ منْ هَنَّا وهَنَّا      * وأنت له بمجتمع السيولِ

وهي لهجة بني سعد بن بكر بن هوازن.

-وقد تخرج عن الظرفية إلى شبه الظرفية فتجر بـ (مِنْ) أو (إلى) كما في الشاهد السابق، كقولنا: انتقلتُ مِنْ هُنا إلى هناك.

اقرأ أيضاً:  ما الفرق بين الفاعل اللغوي والفاعل النحوي؟

ثَمَّ: بفتح (الثاء) منها. وهي تشبه (هُنا) في الدلالة على الظرفية المكانية، وهي ظرف مكان غير متصرِّف، وتختلف عن (هنا) في:

1 -الدلالة على البعيد حصراً.

2 -لا تلحقها (كاف) الخطاب ولا (لام) البعد، لدلالتها على المكان البعيد أصلاً.

3 -لا تدخل عليها السابقة (ها) التنبيه، فلا يقال: هَا ثمَّ كما يقال: ههنا. كقوله تعالى: {وَلِلهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ}.

وقوله تعالى: {إِنَّهُ لَقَولُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ}.

4 -تختص بهذا الاسم لاحقة واحدة هي (تاء) التأنيث، فنقول: ثَمَّ، ثَمَّةَ.

وفي ذلك يقول ابن مالك في ألفيته:

وبِهُنَا أو هَهُنَا أشِرْ إلَى * دَانِى المكانِ وَبِهِ الكافَ صِلاَ

في البُعْدِ أو بِثَمَّ فُهْ أو هَنَّا * أو بِهُنَالِكَ انطِقَنْ أو هِنَّا

إعراب أسماء الإشارة

انتهينا في تقسيمنا أسماء الإشارة إلى اسمين منها يدلان على الظرفية، وهما (هنا) و (ثَمَّ) وهذان لا يتصرفان، ولا يقعلن مسنداً ولا مسنداً إليهما ولا مفعولاً بهما، فليس لهما محل من الإعراب إلا النصب على الظرفية المكانية، أو الجر بحرف الجر.

أما بقية أسماء الإشارة فتتغير موقعيَّتها في التركيب، ويتبع ذلك تغير في محلها الإعرابي، فتكون:

1 -فاعلاً، نحو: جاء هذا الطالب بما لم يأت به غيره.

2 -وتقع مبتدأً، كقوله تعالى: {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ}.

وتقع اسماً لـ (إنَّ) كقوله تعالى: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللهُ}.

3 -وتقع مجرورة، كقوله تعالى: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}.

4 -أسماء الإشارة كلها مبنية، إلا ما كان ملحقاً بالمثنى فهو معرب، وهما هذان، هاتان، هذين، هاتين.

5 -ما سبق هذه الأسماء أو يلحقها (لام البعد ـ كاف الخطاب) هي أحرف لا محل لها من الإعراب.

إعراب ما بعد اسم الإشارة

قلنا: إن أسماء الإشارة معدودة في المبهمات، ويراد بذلك أنها لا تُحدَّد مدلولها مما يفسر معناها ويوضحه، لذلك يأتي بعدها:

1 –النعتُ.

2 -عطف البيان.

3 –البدل.

-فإذا كان ما بعد اسم الإشارة مشتقاً، نحو: جاء هذا الفاضلُ، فإعرابه نعتاً هو الأفضل.

-وإذا كان جامداً، نحو: جاء هذا الرجلُ، فإعرابه على البدلية أو عطف البيان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى