شهر المحرم: معنى الاسم وأسماؤه في الجاهلية
-قالَ ابنُ منظورٍ: أُضيفَ إِلَى اللَّهِ تعالى إِعظاماً لَهُ كَمَا قِيلَ للكعبةِ بَيْتُ اللَّهِ.
-قالَ النَّحَّاسُ: أُدخلَتِ الألفُ واللَّامُ في المحرَّمِ دونَ غيرِهِ مِنَ الشُّهورِ؛ لأنَّ الأشهرَ الحرمَ أربعةٌ، فلمَّا خُصَّ بهذا الاسمِ دونَهَا أُلزمَ الألفَ واللَّامَ ليكونَ عَلَماً بذلِكَ.
وأضافَ النَّحَّاسُ: وأرادَ الصَّحابةُ أنْ يجعلُوا أوَّلَ السَّنةِ شهرَ رمضانَ، ثُمَّ اتَّفقُوا على المحرَّمِ؛ لأنَّهُ مُنْصَرَفُ النَّاسِ مِنْ حجِّهِمْ، وهوَ شهرٌ حرامٌ.
أوَّلاً: معنى الاسمِ
سُمِّيَ المحرَّمُ بذلِكَ؛ لتحريمِ القتالِ فيهِ، ثُمَّ ارتفعَتِ الأسبابُ الَّتي وقعَتِ التَّسميةُ مِنْ أجلِهَا، وبقيَتِ الأسماءُ، قالَهُ قطربٌ والفرَّاءُ والنَّحَّاسُ وابنُ السَّيدِ البطليوسيُّ وغيرُهُمْ.
وقيلَ: سُمِّيَ بذلِكَ؛ لأنَّهُ مِنَ الأشهرِ الحُرُمِ، وهذا ليسَ بقويٍ.
ثانياً: المثنَّى والجمعُ
المثنَّى: المحرَّمانِ.
جمعُهُ: مَحاِرُمُ، ومَحارِيمُ، على (مفاعلُ ومفاعيلُ). وقدْ تجمَعُهُ العربُ: مُحَرَّماتٌ.
قالَ قطربٌ: إنْ صيَّرْتَهُ اسماً للشَّهرِ قلْتَ المُحَرَّماتُ، بالتَّاءِ. فإنْ قُلتَ: الشُّهورُ المُحَرَّمةُ، بالهاءِ، فجائزٌ إذا جعلْتَ المحرَّم صفةً مِنْ حُرِّمَ فيهِ القتالُ.
إنْ قُلتَ: الأَشْهُرُ المحارمُ والمحاريمُ، على أنْ تعوِّضَ الياءَ مِنَ التَّثقيلِ الَّذي في المُحَرَّمِ إذا أَرَدْتَ الاسمَ كمَا يُجْمَعُ مُحَمَّدٌ فيُقالُ: محامِدُ ومحاميدُ. وليسَ بالسَّهلِ أنْ تقولَ: محارمُ، فتكسرَ الاسمَ، وأنتَ تريدُ الفعلَ.
كمَا أنّكَ لو قُلْتَ في مُكَرَّمٍ ومُمَجَّدٍ: مكارِمُ ومماجِدُ، لمْ يكنْ بسهلٍ.
ثالثاً: اسمُهُ في الجاهليَّةِ
صفرٌ الأوَّلُ:
وسُمِّيَ المحرَّمُ محرَّماً في الإسلامِ، وكانَ في الجاهلِيَّةِ يُسمَّى أحدَ الصَّفرينِ؛ لأنَّهُمْ كانُوا يَنْسِئُونَهُ فيحرِّمونَهُ سنةً ويُحِلُّونَهُ سنةً.
قالَ ابنُ دريدٍ: لمْ يكنِ المحرَّمُ معروفاً في الجاهليَّةِ، وإنَّمَا كانَ يُقالُ لَهُ ولصفرٍ الصِّفَرَيْنِ، وكانَ أوَّلُ الصَّفرينِ مِنْ أشهرِ الحرمِ، فكانَتِ العربُ تارةً تحرِّمُهُ وتارةً تُقاتلُ فيهِ وتحرِّمُ صفراً الثَّاني مكانَهُ.
وصَفَرٌ: شَهرٌ بعدَ المُحَرَّمِ، فإذا جمعُوهَا باسمٍ واحدٍ قالُوا: الصَّفَرانِ.
رابعاً: أسماؤُهُ عندَ العربِ العاربةِ
العربُ العاربةُ هُمْ قومُ عادٍ وثمودً، وكانُوا يُسمُّونَ المحرَّمَ مُؤْتَمِراً.
-المُؤْتَمِرُ:
أوردَهُ قطربٌ والفرَّاءُ وابنُ دريدٍ والنَّحَّاسُ وغيرُهُمْ.
قالَ ابنُ الكلبيِّ: كانَتْ عادٌ تُسمِّي المحرَّمَ مؤتمراً.
قالَ الشَّاعرُ:
نَحْنُ أَجَرْنَا كُلَّ ذَيَّالٍ قَتِرْ …. فِي الْحَجِّ مِنْ قَبْلِ دَآدِيِ الْمُؤْتَمِرْ
وقالَ الشَّاعرُ:
لَولَا ايتِمَارِي بِكُمْ فِي الْمُؤْتَمِرْ … عَزَمْتُ أَمْرِي لِلْفِرَاقِ فَانْتَظَرْ
-معنى الاسمِ: فيهِ ثلاثةُ أقوالٍ:
١ -مِنْ أَمَرَ القومُ إذا كثُرُوا؛ فكأنَّهُمْ لمَّا حُرِمُوا القتالَ فيهِ زادُوا وكثرُوا، ومؤتمرٌ على النَّسبِ.
٢ -مشتقٌّ مِنَ الائتمارِ وهوَ الهمُّ بالشَّيءِ، أي: مؤتمرٌ فيهِ بتركِ الحربِ.
٣ -أنْ يأتمرَ النَّاسُ بكلِّ شيءٍ ممَّا تأتي بِهِ السَّنةُ مِنْ أقضيِتِهَا.
-التَّثنيةُ والجمعُ:
التَّثنيةُ: المُؤتمِرانِ.
وجمعُهُ مُؤْتَمِرَاتٌ، ومآمِيرُ، ومآمِرُ.
خامساً: أسماءٌ غيرُ مشهورةٍ
-مُوجِبٌ:
قالَ الدُّريديُّ: والمشهورُ أسماءٌ غيرُهَا بلغةِ العربِ العاربةِ، وهُمْ كانُوا يسمُّونَ (المحرَّمَ) مُوجِباً.
ونقلَ البيرونيُّ في كتابِهِ الآثارُ الباقيةُ عنِ القرونِ الخاليةِ: ذكرَ أبو محمَّدِ بنُ دريدٍ الأزديُّ في كتابِهِ الوشاحِ أنَّ ثمودَ كانُوا يسمُّونَ الشُّهورَ بأسماءٍ أُخَرَ، وهيَ هذهِ: مُوجِبٌ وهوَ المحرَّمُ.
-نَاتِقٌ: نقلَهُ المسعوديُّ.