خواطر

الوجه الآخر للأبوة (الوجه المظلم)

بقلم فتاة دمشقية

الأب هو السند، وهو الجدار الذي نتكئ عليه حين تشتد الحياة.
الأمان حين ترتجف القلوب، والظل حين تلفحنا شمس الأيام.

هذا هو الوجه الذي تسلط عليه الأضواء دائماً، لكن ثمة هناك وجه آخر للأبوة نغفل عنه.

وجهٌ لا تُروى حكاياته في كتب الطفولة، ولا يُغنى له في أناشيد البرّ.
وجهٌ غائب حاضرٌ في ذاكرة الكثيرين

وجهٌ يجلس على عرش مملكته، يطلب الطاعة دون محبة، والاحترام دون اقتراب

حاضراً بجسده، غائباً بروحه.
لا يسأل، لا يستمع، لا يبتسم، لا يطمئن، وكأن الأبوة عنده عبء ثقيل، لا رسالة سامية..

لا يعرف من الأبوة إلا اللقب، يرى أبناءه مجرد امتداد لسلطته، لا كياناً مستقلاً له مشاعر واحتياجات.

لا يسمعهم، لا يحتضنهم، لا يسأل عن أحلامهم أو مخاوفهم.

يظن أن تأمين الطعام والسقف كافٍ ليكون “أبًا

يعيش لنفسه، ويتعامل مع أسرته كخلفية هامشية في قصة بطولته الزائفة

في ظل هذا النوع من الآباء، يكبر الأطفال حاملين ندوبًاً خفية، لا يراها أحد. يفقدون الثقة بأنفسهم، يشكّكون في قيمتهم، ويقضون عمرهم باحثين عن تعويض، عن حنان لم يعرفوه، وعن سند افتقدوه.

وقد يتحول بعضهم إلى نسخة مشوهة من ذلك الأب، ويُعيدون الدورة من جديد.

الوجه الآخر للأبوة هو ذلك الظل الثقيل، الذي يُطفئ نور الطفولة، ويزرع في القلوب قلقًا لا يُمحى.
هو الوجه الذي يجب أن يُواجه، ويُنتقَد، ويُصلَح، حتى لا تتحوّل البيوت إلى سجون صامتة.

اقرأ أيضاً:  خواطر فتاة دمشقية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى