خواطر فتاة دمشقية

عندما يقرع جرس الإغلاق باب نومي
وبعد يومٍ متعب، يحين اللقاء بين رأسي ووسادتي، وتبدأ عيناي برن جرس الإغلاق.
فتستيقظ الأفكار – وتبدأ بإصدار ضجيجها آتية من هنا وهناك، وكأنَّ اجتماعهم قد بدأ – وتبدأ الثرثرة، كل فكرة تدلو بدلوها متحدثة عما جرى في النهار.
وكلما حاولت عيناي أن تسمح للنوم بالتسلل، تلمحها فكرة بطرف عينها فتفتح حديثاً جديداً
والعقل يستمع صابراً متصبراً
ويستمر الحال حتى يدخل النوم عنوة دون سابق إنذار معلناً النهاية.
ورقتك صديق مجهول
ثرثر على ورقتك، بح لها بحبك، بشوقك، بحزنك، بهمك، بكل صمت وهدوء.
شاركها مشاعرك، اسقها ماء دمعك، زينها بذكرياتك، أخبرها بأسرارك.
أجل، إنها لن تمسح دمعةً، ولن ترسم بسمة، ولن تزيل هماً، ولن تخفف ألماً، لكنها أيضاً لن تفشيَ سراً.
فإن فعلت، فيكفي أن تمزقها، وتقطعها إرباً إربا، وتنثرها في يوم عاصف.
إليك…. وإلا لن تخطَّ أناملي.
بيني وبينك بيْنٌ لا وصلَ له إلا بحروفٍ مبعثرةٍ لا يعرفُ ترتيبها إلا أنت.
وبكلماتٍ مبهمةٍ لا يعرفُ سرّها إلا أنت.
وسطورٍ لا يعرفُ ما وراءَها إلا أنت.
فيا أيُّها البعيدُ القريبُ.
إليك تخطُّ أناملي مشاعرَ فؤادي المرتجفة خلسةٍ عن أذني.
فالسَّامعُ والقارئُ لا يجبُ أن يكونَ إلا أنت.
أنت لا أحد سواك …
فإليكِ أبوحُ…
وإليك أقول…
إليك… وإلا لن تخطَّ أناملي
وبعد ثلاث عشرة سنة
كشف الغطاء، وانزاح الظلام، وبزغ الفجر،
وأشرقت الشمس وكأنها تشرق لأول مرة،
وغردت العصافير وكأنها تغرد لأول مرة،
وصدحت المآذن بالتكبير، وهللت القلوب،
وابتسمت الثغور، وتعانق الأصحاب، وانهمرت الدموع، فرحاً بالمولودة الجديدة.
فيا عيني جودااا ولا تجمداااا
ها قد صرخت الحرية صوتها الأول معلنة القدوم.