ألفية ابن مالك

الكلامُ وما يتألَّفُ منهُ: شرح ألفية ابن مالك

شرح ألفية ابن مالك في النحو، شرح البيتين الثامن والتاسع وهي بداية الكلام عن قواعد النحو.

كَلَامُنَا لَفْظٌ مُفِيْدٌ كَاسْتَقِمْ … وَاسْمٌ وَفِعْلٌ ثُمَّ حَرْفٌ الْكَلِمْ

وَاحِدُهُ كَلِمَةٌ وَالْقَوْلُ عَمْ … وَكِلْمَةٌ بِهَا كَلَامٌ قَدْ يُؤَمْ

شرحُ مفرداتِ البيتينِ

كَلَامُنَا لَفْظٌ مُفِيْدٌ كَاسْتَقِمْ

-كلامُنَا: أي تعريفُ الكلامِ في اصطلاحِ النَّحْويِّينَ، و(نا) هنا يقصدُ بِهَا نفسَهُ والنَّحْويَّينَ.

-لفظٌ: اللَّفظُ الحروفُ الَّتي تخرجُ منَ الفمِ.

-مفيدٌ: أي لَهُ معنىً تامٌّ يحسنُ السُّكوتُ عليهِ.

فإنْ قلْتَ: (زيدٌ) فهذا لفظٌ ليسَ تامَّاً، أمَّا إنْ قلنَا: (زيدٌ يدرسُ) تمَّ المعنى، لأنَّهُ لفظٌ لَهٌ معنىً.

فاللَّفظُ المفيدُ لا يُسمَّى كلاماً عندَ النَّحويِّينَ إلَّا إذا نطقَهُ الفمُ وكانَ مفيداً.

-كاستقمْ: هنا ضَرَبَ مثالاً لِـمَا قالَهُ، أي: الكلامُ هوَ اللَّفظُ المفيدُ ومثالُهُ: استقمْ.

فإنْ قلْتَ: كيفَ أفادَ وهوَ كلمةٌ واحدةٌ؟

الجوابُ: لأنَّ فيهِ ضميراً مستتراً وجوباً تقديرُهُ: أنتَ.

وَاسْمٌ وَفِعْلٌ ثُمَّ حَرْفٌ الْكَلِمْ

هنا بَيَّنَ ما يتألَّفُ منهُ الكلامُ، أي: الكَلِمُ الَّذي يتألَّفُ منهُ الكلامُ، وهوَ اسمٌ وفعلٌ وحرفٌ.

وأوَّلُ منْ قسَّمَ الكَلِمَ إلى هذهَ القسمةِ وسمَّاها بهذهِ الأسماءِ أميرُ المؤمنينَ عليُّ بنُ أبي طالبٍ رضيَ اللَّهُ عنهُ.

-الكَلِمُ: جمعُ كلمةٍ. والكَلِمُ: اسمُ جنسٍ، والكلماتُ: جمعُ مؤنَّثٍ سالمٌ.

وَاحِدُهُ كِلْمَةٌ وَالْقَوْلُ عَمْ

-واحدُهُ كلمةٌ: أيْ مفردُ الكَلِمِ كلمةٌ.

-والقولُ عمْ: يعني أنَّ القولَ يُطلَقُ على الكَلِمِ والكلمةِ والكلامِ، فهوَ أعمُّ.

أي يعمُّ كلَّ ما سبقَ؛ لأنَّهُ لفظٌ دالٌّ على معنىً، والكلامُ يدخلُ في القولِ؛ لأنَّهُ لفظٌ مفيدٌ، والكلمُ يدخلُ في القولِ؛ لأنَّهُ لفظٌ ولَهُ معنىً، والكلمةُ مفردُ الكَلِمِ.

-وبينَ الكلامِ، والكَلِمِ عمومٌ منْ وجهٍ، وخصوصٌ منْ وجهٍ.

فالكلامُ أعمُّ منْ جهةِ أنَّهُ يتناولُ المركَّبَ منْ كلمتينِ فصاعداً، وأخصُّ منْ جهةِ أنَّهُ لا يتناولُ غيرَ المفيدِ.

والكَلِمُ أعمُّ منْ جهةِ أنَّهُ يتناولُ المفيدَ، وغيرَ المفيدِ، وأخصُّ منْ جهةِ أنَّهُ لا يتناولُ المركَّبَ منْ كلمتينِ؛ لأنَّ أقلَّ الجمعِ ثلاثةٌ.

وَكِلْمَةٌ بِهَا كَلَامٌ قَدْ يُؤَمْ

-يؤمُّ: يُقصدُ.

يعني أنَّهُ قدْ يُقْصَدُ بالكلمةِ ما يُقصدُ بالكلامِ: منَ اللَّفظِ الدَّالِ على معنىً يحسُنُ السُّكوتُ عليهِ، كقولِـهِمْ: (كلمةُ الشَّهادةِ) يريدونَ بها: (لا إلهَ إلَّا اللهُ محمَّدٌ رسولُ اللهِ)، وهوَ منْ بابِ تسميةِ الشَّيءِ باسمِ بعضِهِ.

معنى البيتينِ

-إنَّ الكلامَ عندَ النُّحَاةِ هوَ اللَّفظُ المفيدُ فائدةً تامَّةً، يصحُّ الاكتفاءُ بِهَا، مثلَ الفائدةِ الَّتي في قولِنَا (استقمْ)، والكَلِمُ على ثلاثةِ أقسامٍ: اسمٌ وفعلٌ وحرفٌ.

-وإنَّ مفردَ الكَلِمِ كلمةٌ، والقولُ يعمُّ كلَّ ما سبقَ، وقدْ يُقصدُ بالكلمةِ ما يُقصدُ بالكلامِ.

القاعدةُ المُستفادةُ

الكلامُ هوَ اللَّفظُ المفيدُ فائدةً يحسنُ السُّكوتُ عليها، نحوَ: حضرَ زيدٌ، أو استقمْ.

-تتألَّفُ الكلمةُ من اسمٍ وفعلٍ وحرفٍ، نحوَ: إنَّ زيداً ذهبَ.

فالاسمُ: كلُّ لفظٍ يسمَّى بِهِ إنسانٌ أو حيوانٌ أو نباتٌ أو جمادٌ وغيرِها، نحوَ: زيدٌ، حصانٌ، تفَّاحٌ، بيتٌ.

والفعلُ: كلُّ لفظٍ يدلُّ على حصولِ عملٍ في زمنٍ معيَّنٍ، نحوَ: كتبَ، أكلَ.

والحرفُ: كلُّ لفظٍ لا يظهرُ معناهُ كاملاً إلّا معَ غيرِهِ، مثلَ: حروفِ الجرِّ والعطفِ والاستفهامِ وغيرِها.

-قدْ يُقصدُ بالكلمةِ المعنى العامُّ للكلامِ، كقولِهِ تعالى: كلَّا إنَّها كلمةٌ هوَ قائلُهَا.

هنا جاءَتْ (كلمة) في الآيةِ الكريمةِ دالَّةً على معناها اللُّغويِّ؛ لأنَّهُ أُريدَ بها الكلامُ الَّذي قالَهُ القائلُ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى