ترجمة ابن المقفع، صفاته ومؤلفاته وأسلوبه، وهل كان زنديقاً
ابن المقفع: هو أحد المشهورين بالكتابة والبلاغة والبراعة والترسل، وواحد من البلغاء والفصحاء وهو رأسُ الكُتَّاب وأولي الإنشاء.
اسمه: عبد الله بن المقفع، أصله فارسي، وكان اسمه (روزبه) قبل أن يدخل الإسلام على يد عيسى بن علي عم السفاح وهو كهل ثم كتب له واختص به، وكنيته أبا عمرو، فلما أسلم سمي عبد الله، وكني بأبي محمد.
توفي ابن المقفع: سنة ١٤٢هـ حوالي ٧٥٩م.
لماذا سمي ابن المقفع؟
قيل إن الحجاج بن يوسف ولى أباه (داذويه) على خراج بلاد فارس، لكن أباه أخذ بعض أموال السلطان، فقام الحجاج بضربه على يديه حتى تقفعتا، ولذلك لقب الأب بالمقفع.
أخذ ابن المقفع أدبه وفصاحته وبلاغته من بني الأهتم، وكانوا أهل بلاغة فصاحة، فهو قد نشا عندهم وكان لهذا الأثر العظيم عليه، وهو ما أعطاه الدرجة الرفيعة من الأدب.
صفات ابن المقفع
اشتهر ابن المقفع بالذكاء والعلم الوافر، حتى قالوا عنه: «لم يكن في العجم أذكى منه». وكان ابن المقفع كريماً وافر المروءة، محباً للأصدقاء، وقد اشتهر بحادثته مع عبد الحميد بن يحيى، وهو كاتب مروان بن محمد الخليفة الأموي.
لكن حساده اتهموه بالزندقة بلا دليل.
وعن المهدي قال: ما وجدت كتاب زندقة إلا أوصله ابن المقفع.
وقيل: إن ابن المقفع كان ينال من متولي البصرة سفيان بن معاوية بن يزيد بن المهلب ويسميه ابن المغتلمة، فحنق عليه وقتله بإذن المنصور، ولكونه كتب في توثق عبد الله بن علي بن المنصور يقول: ومتى غدر بعمه فنساؤه طوالق، وعبيده أحرار، ودوابه حبس، والمسلمون في حل من بيعه. فلما وقف المنصور على ذلك عظم عليه وكتب إلى سفيان يأمره بقلته.
وقال المدائني: دخل ابن المقفع على سفيان، وقال: أتذكر ما كنت تقول في أمي؟ قال: أنشدك الله أيها الأمير في نفسي، فأمر له بتنور فسجر، ثم قطع أربعته ثم سائر أعضائه وألقاها في التنور، وهو ينظر، وقال: ليس عليَّ في المثلة بك حرج؛ لأنك زنديق قد أفسدت الناس.
ويقال إن ابن المقفع عاش ستاً وثلاثين سنة.
وحكى البلاذري أن سفيان ألقاه في بئر، وقيل: أدخله حماماً وأغلقه عليه.
قال الأصمعي: صنف ابن المقفع كتاب (الدرة اليتيمة) التي لم يُصَنَّفُ مثلها في فنها.
وقيل: كان ابن المقفع علمه أكثر من عقله.
مؤلفات ابن المقفع
لابن المقفع آثار أدبية كثيرة، جمع فيها أدب الفرس إلى أدب العرب، ومن أشهرها: كتاب كليلة ودمنة، وقد نقله عن الفارسية، وهو كتاب يرمي إلى إصلاح الأخلاق، وتهذيب العقول، وكتاب الأدب الكبير والأدب الصغير.
أسلوب ابن المقفع الإنشائي
كان أسلوب ابن المقفع يقوم على السهل الممتنع، وهو أسلوب خاص به، وكانت أفكاره متناسقة، ومنطقه قوي، وألفاظه فصيحة وسهلة ينتقيها بكل تأنٍ ومدلولها قوي على المعاني.
أما بلاغته فقد كانت من أرفع درجات الإتقان؛ لأنه كان يأمر الناس أن يبتعدوا عن الألفاظ الوحشية والمبتذلة بلا معنى، قال مخاطباً أحد الكتاب: «إياك والتتبع لوحشي الكلام؛ طمعاً في نيل البلاغة؛ فإن ذلك العي الأكبر».
وهذا الأسلوب الرفيع سار على نهجه أغلب الكتاب وبقي سائداً حتى ظهور أسلوب الجاحظ.
فضل ابن المقفع على الأدب العربي
كان لابن المقفع فضل كبير على الأدب العربي؛ فهو أول من أدخل إلى اللغة العربية الحكمة الفارسية، والهندية، والمنطق اليوناني، وعلم الأخلاق، وسياسة الاجتماع، وأول من عَرَّب وألف في كتبه النثر العربي ورفعه إلى أعلى درجات الجمال.
أقوال ابنُ المُقَفَّعِ
-بِالْأَدَبِ تَنْمَى الْعُقُولُ وَتَزْكُو. (الأدبُ الصَّغيرُ: ٢١).
-أَعْدَلُ السِّيَرِ أَنْ تَقِيسَ النَّاسَ بِنَفْسِكَ؛ فَلَا تَأْتِي إِلَيهِمْ إِلَّا مَا تَرْضَى أَنْ يُؤْتَى إِلَيكَ. (الأدبُ الصَّغيرُ: ٥١).
-فَضْلُ الْفِعْلِ عَلَى الْقَولِ زِينَةٌ، وَفَضْلُ الْقَولِ عَلَى الْفِعْلِ هُجْنَةٌ. (الأدبُ الكبيرُ: ٨٣).
-إِذَا حَاجَجْتَ فَلَا تَغْضَبْ، فَإِنَّ الْغَضَبَ يَدْفَعُ عَنْكَ الْحُجَّةَ وَيُظْهِرُ عَلَيكَ الْخَصْمَ. (التَّذكرةُ الحمدونيَّةُ لابنِ حمدونَ: ص: ٣٧٦).
-لَا تَلْتَمِسْ تَقْوِيمَ مَا لَا يَسْتَقِيمُ، وَلَا تُعَالِجْ تَأْدِيبَ مَنْ لَا يَتَأَدَّبُ. (كليلة ودمنة: ص: ١٤٥).
-أحقُّ النَّاسِ بالعِلمِ أحسنُهُمْ تأديباً. (الأدب الصغير: ١٠).
-لا يَكْمُلُ الرَّأيُ بغيرِ الأدبِ، ولا يَكْمُلُ الأدبُ إلَّا بالرَّأيِ. (الأدب الصغير: ٤٧).
-العُجْبُ آفةُ العقلِ. (الأدب الصغير: ٣٤).
-الدُّنيا دولٌ؛ فمَا كانَ لَكَ منهَا أتاكَ على ضعفِكَ، وما كانَ عليكَ لمْ تدفعْهُ بقوَّتِكَ. (الأدب الصغير: ٣٨).
-أصلُ التَّوفيقِ العملُ، وثمرتُهُ النَّجاحُ. (الأدب الصغير: ٥٧).
-أفضلُ ما يُوْرِثُ الآباءُ الأبناءَ: الثَّناءُ الحسنُ، والأدبُ النَّافعُ، والإخوانُ الصَّالحونَ. (الأدب الصغير: ٤٥).
-إِذَا هَمَمْتَ بِخَيرٍ فَبَادِرْ هَوَاكَ لَا يَغْلِبْكَ. (الأدب الصغير: ٤٦).
-التَّوْفِيقُ وَالاجْتِهَادُ زَوْجٌ: فَالاجْتِهَادُ سَبَبُ التَّوْفِيقِ، وَبِالتَّوْفِيقِ يَنْجَحُ الاجْتِهَادُ. (الأدب الصغير: ٥٩).
الأسئلة الشائعة
-من ابن المقفع؟
ابن المقفع هو أحد المشهورين بالكتابة والبلاغة والبراعة والترسل، وواحد من البلغاء والفصحاء وهو رأسُ للكُتَّاب وأصحاب الإنشاء. اسمه عبد الله بن المقفع، وأصله فارسي، وكان اسمه (روزبه) قبل أن يدخل الإسلام على يد عيسى بن علي عم السفاح، وكان كنية ابن المقفع أبا عمرو، فلما أسلم سُمِّيَ عبد الله، وكني بأبي محمد.
-متى ولماذا قُتِل ابن المقفع وبأمر من؟
قُتِل ابن المقفع سنة ١٤٢هـ حوالي ٧٥٩م بأمر من الخليفة المنصور؛ لأنه كان ينتقد حكام بني العباس ويكتب في توثق عبد الله بن علي بن المنصور. قيل إن سفيان بن معاوية بن يزيد بن المهلب، والي البصرة، قطع يديه ورجليه ثم سائر أعضائه وألقاها في التنور، وقيل إنه ألقاه في بئر أو حمام.
-ما سبب تسمية ابن المقفع بهذا الاسم؟
سُمِّي ابن المقفع بهذا الاسم؛ لأن أباه داذويه كان يستولي على أموال الخلافة فضرب الحجاج بن يوسف على يديه حتى تقفعتا، فلقَّب الأب بالمقفع.
ما صفات ابن المقفع وما هو مصدر علمه وأدبه؟
صفات ابن المقفع هي الذكاء والعلم الوافر والكرم والمروءة والحب للأصدقاء. مصدر علمه وأدبه هو بنو الأهتم، وكانوا أهل بلاغة فصاحة، فهو قد نشا عندهم وكان لذلك الأثر العظيم عليه.
-ما أشهر كتب ابن المقفع وما نوعها وغرضها؟
أشهر كتب ابن المقفع هي كتاب كليلة ودمنة، وقد نقله عن الفارسية، وهو كتاب يرمي إلى إصلاح الأخلاق، وتهذيب العقول. وكتاب الأدب الكبير والأدب الصغير. نوع كتبه هو الحكائية التعليمية.
-كيف كان أسلوب ابن المقفع في الإنشاء والبلاغة؟
أسلوب ابن المقفع في الإنشاء والبلاغة هو أسلوب سهل ممتنع، يستخدم فيه أفكاراً متناسقة، ومنطقاً قوياً، وألفاظاً فصيحة وسهلة. كان يجتنب التكلف والزخرفة في كلامه، ويراعي التطابق بين المعاني والأساليب.
-ما الذي قدمه ابن المقفع للأدب العربي والثقافة الإسلامية؟
فضل ابن المقفع على الأدب العربي والثقافة الإسلامية هو أنه أول من أدخل إلى اللغة العربية الحكمة الفارسية، والهندية، والمنطق اليوناني، وعلم الأخلاق، وسياسة الاجتماع. وأول من عرب وألف في كتبه النثر العربي ورفعه إلى أعلى درجات الجمال.