ما العامل النحوي؟ وما العوامل الأصلية والفرعية؟
الـعـامـل الـنـحـوي هـو الـذي يـعـمـل فـي غـيـره؛ فـيـؤثـر فـي حـركـة آخـره إن كان معرباً، وفي محله إن كان مبنياً، وقد جعل النحاة العوامل نوعين:
١ –العامل اللفظي
وهو العامل المذكور في الكلام؛ كالفعل الذي يرفع الفاعل وينصب المفعول به، والمشتقات العاملة عمل أفـعـالـهـا، والـحـروف الـمـخـتـصـة كـحـروف الـجـر الـمـخـتـصـة بـالأســــمـاء، والـنـواصـب والـجـوازم الـمـخـتـصـة بـالـفـعــل الـمـضـارع، والأحـرف الـمـشــــبـهـة بـالـفـعـل الـمـخـتـصـة بـالـجـمـلـة الاســــمـيـة.
وقد يكون العامل اللفظي غير مذكور في اللفظ، ولكنه بمثابة المذكور؛ لدلالة الكلام عليه مثل (رُبَّ) التي تحذف فتدل عليها الواو أو الفاء، و(أنْ) الناصبة للفعل المضارع التي تضمر فتدل عليها لام التعليل أو لام الجحود أو غيرهما.
وهـذه الـعـوامـل الـلـفـظـيـة لـيـســــت فـي مـرتـبـة واحـدة مـن الـقـوة والـقـدرة عـلـى الـعـمـل، بـل هـي فـي ذلـك عـلـى تـفـاوت جـعـل الـنـحـاة يـقـســـمـونـهـا قـسـمـيـن هـمـا:
العوامل الأصلية، والعوامل الفرعية
أ -العامل الأصلي: هو الذي يقوم بالعمل أصالة، كالفعل بمختلف أنواعه والأحرف المشبهة بالفعل، و(إن) الشرطية الجازمة.
ب –العامل الفرعي: هو الذي يعمل حملاً على غيره، كالمشتقات العاملة عمل الفعل مثل: (اسم الفاعل واسم المفعول وغيرهما)، وكاسم الفعل، و(ما، لا، لات، إن) النافيات العاملات عمل ليس، و(لا) النافية للجنس العاملة عمل (إنَّ).
ومن الأصول المقررة أن العامل الفرعي ينحط عن العامل الأصلي في قدرته على العمل، ولذا يشترط فيه ما لا يشترط في الأصلي.
٢ –الـعـامـل الـمـعـنـوي
وهـو عـامـل قـدره الـنـحـاة تـقـديـراً وافـتـرضـوه افـتـراضـاً؛ لأنـهـم جـعـلـوا لـكـل حـركـة ســـبـبـاً أو عـامــلاً أتـى بـهـا، ثـم وجـدوا أن الـمـبـتـدأ مـرفـوع فـقـالـوا: الـعـامـل فـيـه هـو الابـتـداء، وهـو الـتـجـرد مـن الـعـوامـل الـلـفـظـيـة، ووجـدوا كـذلـك أن الـفـعـل الـمـضـارع يـرفـع إذا تـجـرد عـن الـنـاصـب والـجـازم فـجـعـلـوا هـذا الـتـجـرد مـن العوامل اللفظية هو العامل في الفعل المضارع.
وقد أثارت فكرة العامل وفلسفة النحاة فيه جدلاً طويلاً بين الباحثين؛ فهاجمه كثير منهم في القديم والحديث، وحمَّلوه تبعة التعقيد الذي نشكو منه، ودعوا إلى نبذه والتخلي عن الاهتمام به وإعطائه هذه المنزلة الكبرى في العمل النحوي، وردواً تغير الحركات إلى المتكلم نفسه لا إلى العامل النحوي.
ونحن نعترف بان بعض النحاة قد أسرف في تمسكه بفكرة العامل وأصر على أن يذكر لكل معلول علة، ولك مسبب سبباً، فإن استعصى عليه إيجاد العامل اللفظي فزع إلى تقدير العامل العدمي. على ان هذا كله لا ينسينا أن جهد العلماء في هذا الميدان قد أوجد ثروة علمية غنية تدل على فكر عميق منظم، وإيمان وإخلاص شديدين، وأعان على بناء صرح علمي دقيق رائع ما زالت كل محاولات المجددين وحملات الهدامين تقف عاجزة أمامه، لا تقوى على النيل منه أو وضع بديل عنه يغني بعض غنائه.
وقد قرأنا كثيراً مما كتبه الباحثون في شأن تجديد النحو، وإحداث طرق عصرية فيه، وتسيير تعلمه وتعليمه، فرأينا معظم ذلك لا يأتي بأكثر من استبدال مصطلح بمصطلح، أو تغيير تعليل قديم بتعليل جديد، أو إلقاء نظرات جزئية هنا وهناك، ولو أنصفنا لقلنا: ما تركه الأجداد رائع وممتع، ويمكن الاستغناء عن القضايا التي اختلفوا فيها، والاقتصار على الكثير المطرد في كلامهم، ومن شاء من المختصين أن يتسع في ميدان البحث، ويتتبع تطور الفكر النحوي عبر الزمان، فالمراجع كثيرة وميسرة، والسبل ممهدة وغير معسرة.