مصطلحات أدبية

تعريف الأدب العربي والغربي، وفروع الأدب

إنَّ للأدبِ قيمةً كبيرةً في اللُّغةِ العربيَّةِ؛ فهوَ واحدٌ مِنْ مصادرِ الفصحى الَّتي يُمكنُ بِهَا أنْ نَستدلَّ على فصاحةِ كلمةٍ أو تعبيرٍ أو مصطلحٍ. ويُستخدمُ هذا المصطلحُ كثيراً بينَ طلَّابِ العلمِ وغيرِهِمْ، ولهذا سنُعَرِّفُ في مقالتِنَا الأدبَ على مرِّ العصورِ.

الأدبُ في المعاجمِ

-وردَ في لسانِ العربِ: الأدبُ: هوَ الَّذي يَتأدَّبُ بِهِ الأديبُ مِنَ النَّاسِ؛ سُمِّيَ أدباً لأنَّهُ يَأْدِبُ (يدعو) النَّاسَ إلى المحامدِ ويَنهاهُمْ عنِ القبائحِ.

-جاءَ في تاجِ العروسِ نقلاً عنْ مشايخِ العربيَّةِ: الأدبُ مَلَكَةٌ تَعْصِمُ مَنْ قامَتْ بِهِ عمَّا يَشِينُهُ.

-وفي المصباحِ المنيرِ: هوَ تعلُّمُ رياضةِ النَّفسِ ومحاسنِ الأخلاقِ.

-وقالَ أبو زيدٍ الأنصاريُّ: الأدبُ يقعُ على كلِّ رياضةٍ محمودةٍ يتخرَّجُ بِهَا الإنسانُ في فضيلةٍ مِنَ الفضائلِ.

-وفي التَّوشيحِ للسُّيوطيِّ: الأدبُ استعمالُ ما يُحمَدُ قولاً وفعلاً أوِ الأخذُ أوِ الوقوفُ معَ المستحسناتِ أو تعظيمُ مَنْ فوقَكَ والرِّفقُ بمَنْ دونَكَ.

-وفي شرحِ أدبِ الكاتبِ للخفَّاجيِّ: قالَ الجواليقيُّ: الأدبُ في اللُّغةِ حُسْنُ الأخلاقِ وفِعْلُ المكارمِ، وإطلاقُهُ على علومُ العربيَّةِ مولَّدٌ حَدَثَ في عصرِ الإسلامِ.

-قالَ ابنُ فارسٍ: الأدبُ أنْ تجمعَ النَّاسَ إلى طعامِكَ، ومَنْ هذا القياسُ الأدبُ أيضاً؛ لأنَّهُ مُجْمَعٌ على استحسانِهِ.

تعريفُ الأدبِ باختلافِ العصورِ

اختُلِفَ في معنى الأدبِ عندَ العربِ باختلافِ عصورِهِمْ، نوردُهَا لَكُمْ فيمَا يلي:

١ –الأدبُ في العصرِ الجاهليِّ: إذا رجعْنَا إلى العصرِ الجاهليِّ فلنْ نجدَ هذهِ الكلمةَ تجري على ألسنةِ الشُّعراءِ، إنَّمَا نجدُ لفظةَ آدِبٍ بمعنى الدَّاعي إلى الطَّعامِ، قالَ طرفةُ بنُ العبدِ:

نَحْنُ فِي الْمَشْتَاةِ نَدْعُو الْجَفَلَى … لَا تَرَى الْآدِبَ فِينَا يَنْتَقِرْ

ومنْهَا المأدبةُ بمعنى الطَّعامِ الَّذي يُدعى إليهِ النَّاسُ.

٢ –الأدبُ في صدرِ الإسلامِ: هوَ التَّهذيبُ والخُلُقُ، ومِنْهُ قولُهُ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: «أَدَّبَنِي رَبِّي فَأَحْسَنَ تَأْدِيبِي».

ومِنْهُ عنْ عمرَ بنِ الخطَّابِ رضيَ اللَّهُ عنْهُ: «فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَأْخُذْنَ مِنْ أَدَبِ نِسَاءِ الْأَنْصَارِ».

٣ –الأدبُ في العصرِ الأمويِّ: هوَ التَّعليمُ والتَّهذيبُ معاً، ومْنْهُ اشتُقَّتْ صفةُ (المؤدِّبينَ) وهُمُ الَّذينَ كانُوا يُلَقِّنُونَ أولادَ الخلفاءِ الثَّقافةَ العربيَّةَ كالشِّعرِ والخُطبِ وأخبارِ العربِ وأنسابِهِمْ وأيَّامِهِمْ في الجاهليَّةِ والإسلامِ.

وأتاحَ هذا الاستخدامُ الجديدُ لكلمةِ الأدبِ أنْ تصبحَ مُقَابِلَةً لكلمةِ العِلْمِ الَّذي كانَ يُطلَقُ حينئذٍ على الشَّريعةِ الإسلاميَّةِ وما يتَّصلُ بِهَا منْ دراسةِ الفقهِ والحديثِ النَّبويِّ وتفسيرِ القرآنِ الكريمِ.

٤ –الأدبُ في العصرِ العبَّاسيِّ: أيضاً نجدُ في هذا العصرِ المَعْنَيينِ التَّهذيبيَّ والتَّعليميَّ، ومِنْهُ كتابُ ابنُ المقفَّعِ الأدبُ الكبيرُ والأدبُ الصَّغيرُ، الَّذي هوَ عبارةٌ عنْ رسالتينِ تتضمَّنانِ ضروباً مِنَ الحِكمِ والنَّصائحِ الخُلُقيَّةِ والسِّياسيَّةِ.

وبنفسِ هذا المعنى سَمَّى أبو تمَّامٍ (٢٣٢ هـ) البابَ الثَّالثَ مِنْ ديوانِ الحماسةِ الَّذي جمعَ فيهِ مختاراتٍ مِنْ طرائفِ الشِّعرِ باسمِ الأدبِ.

كمَا كانَتْ كلمةُ الأدبِ في القرنينِ الثَّاني والثَّالثِ للهجرةِ تُطلقُ على معرفةِ أشعارِ العربِ وأخبارِهِمْ. واتَّسعَ هذا المصطلحُ ليشملَ كلَّ المعارفِ غيرَ الدِّينيَّةِ الَّتي ترقى بالإنسانِ مِنْ جانبيهِ الاجتماعيِّ والثَّقافيِّ.

٥ –الأدبُ في العصرِ الأندلسيِّ: إضافةً إلى المعنيينِ التَّهذيبيِّ والتَّعليميِّ كانَ مِنْهُ الظَّرْفُ واللُّطْفُ، قالَ ابنُ عبدِ ربِّهِ:

أَدَبٌ كَمِثْلِ الْمَاءِ لَو أَفْرَغْتَهُ … يَوماً لَسَالَ كَمَا يَسِيلُ الْمَاءُ

٦ –في القرنِ الثَّالثِ للهجرةِ: عرَّفَهُ ابنُ قتيبةَ في أدبِ الكاتبِ: بأنَّهُ سُنَنُ السُّلوكِ الَّتي يجبُ أنْ تُراعى عندَ طبقةٍ مِنَ النَّاسِ.

٧ –في القرنِ الرَّابعِ للهجرةِ: عرَّفَهُ إخوانُ الصَّفا: بأنَّهُ كلُّ المعارفِ غيرِ الدِّينيَّةِ الَّتي ترقى بالإنسانِ اجتماعيّاً وثقافيّاً إلى جانبِ علومِ اللُّغةِ والبيانِ والتَّاريخِ والأخبارِ على علومِ السِّحرِ والكيمياءِ والحسابِ والمعاملاتِ والتِّجاراتِ.

٨ -ثُمَّ عرَّفَهُ ابنُ خلدونٍ (٨٠٨ هـ) بأنَّهُ جميعُ المعارفِ دينيَّةً وغيرَ دينيَّةٍ، قالَ: الأدبُ هوَ حِفْظُ أشعارِ العربِ وأخبارِهِمْ والأخذُ مِنْ كلِّ عِلْمٍ بطرفٍ.

٩ –في القرنِ التَّاسعَ عشرَ: كانَ المعنى العامُّ للأدبِ هوَ كلُّ ما يُنتجُهُ العقلُ والشُّعورُ.

١٠ –منذُ منتصفِ القرنِ التَّاسعَ عشرَ: كانَ المعنى الخاصُّ للأدبِ: هوَ الكلامُ الإنشائيُّ البليغُ الَّذي يُقْصَدُ بِهِ التَّأثيرُ في عواطفِ القُرَّاءِ والسَّامعينَ.

ويُقابلُ الأدبُ بهذا المعنى الأدبَ الوصفيَّ، وهوَ إحدى الدِّراساتِ الَّتي تدورُ حولَ الكلامِ واتِّجاهاتِهِ ونواحي الجودةِ فيهِ.

تعريفُ الأدبِ في الغربِ

كانَ الأدبُ في الغربِ يتضمَّنُ ما يلي:

١ –مجموعَ الآثارِ النَّثريَّةِ والشِّعريَّةِ الَّتي تتميَّزُ بسموِّ الأسلوبِ وخلودِ الفكرةِ الخاصَّةِ بلغةٍ ما أو بشعبٍ معيَّنٍ.

٢ –التُّراثَ المخطوطَ أوِ المطبوعَ الخاصَّ بشعبٍ ما أو بلغةٍ معيَّنةٍ.

٣ –كلَّ ما كُتِبَ في موضوعٍ معيَّنٍ كأدبِ الفَلَكِ أوِ الزِّراعةِ مثلاً.

٤ –كلَّ ما أنتجَهُ البشرُ مخطوطاً كانَ أو مطبوعاً.

تعريفُ الأدبِ في العصرِ الحديثِ

هوَ فنٌّ لغويٌّ جميلٌ يعبِّرُ شعراً أو نثراً عنْ تجربةٍ تتَّخذُ شكلاً مِنَ الأشكالِ المتعارَفِ عليهَا كالشِّعرِ والقصيدةِ والرِّوايةِ والمسرحيَّةِ وغيرِهَا.

والأدبُ هوَ كتاباتٌ فنِّيَّةٌ نثريَّةٌ وشعريَّةٌ تَحْكُمُهُ معاييرُ تميِّزُهُ عنِ الكلامِ العاديِّ.

عرَّفَهُ الدُّكتورُ شوقيٌّ ضيفٌ: هوَ الكلامُ الإنشائيُّ البليغُ الَّذي يُقْصَدُ بِهَ إلى التَّأثيرِ في عواطفِ القُرَّاءِ والسَّامعينَ، سواءً أكانَ شعراً أمْ نثراً.

فروع الأدب

الأدبُ هوَ فَنُّ استخدامِ الكلماتِ والعباراتِ استخداماً جميلاً؛ بهدفِ إيصالِ المعاني والأفكارِ والإرثِ الحضاريِّ. يُعَدُّ الأدبُ مِنْ أكثرِ الفنونِ تأثيراً في ذوقِ الإنسانِ؛ حيثُ يوفِّرُ قناةَ تَواصلٍ بينَ الأجيالِ ويُساهمُ في توطيدِ الرَّوابطِ الثَّقافيَّةِ والاجتماعيَّةِ بينَ الشُّعوبِ.

ينقسمُ الأدبُ إلى فروعٍ رئيسةٍ تتضمَّنُ:

الشِّعْرَ: وهوَ تعبيرٌ موسيقيٌّ عنِ المشاعرِ والأفكارِ والواقعِ بأسلوبٍ متناغمٍ ومبدعٍ. يتميَّز الشِّعرُ بتنظيمِ الكلماتِ والأفكارِ واستخدامِ أشكالٍ متنوِّعةٍ مِنَ القافيةِ والوزنِ، وبِحُسْنِ اختيارِ المفرداتِ للتَّعبيرِ عنِ المشاعرِ.

النَّثرُ: وهوَ تعبيرٌ أدبيٌّ يَتَّسِمُ بالوضوحِ والبساطةِ ويتناولُ موضوعاتٍ متنوِّعةً مثلَ الحياةِ اليوميَّةِ والأحداثِ التَّاريخيَّةِ والقضايا الاجتماعيَّةِ والفكريَّةِ. ينقسمُ النَّثرُ إلى نثرٍ علميٍّ ونثرٍ فنِّيٍّ على حسبِ طبيعةِ الموضوعاتِ المتناولةِ. وهوَ عبارةٌ عنْ أفكارٍ شعريَّةٍ منثورةٍ بطريقةٍ فنِّيةٍ بسيطةٍ.

القصَّةُ والرِّوايةُ: وهيَ أشكالٌ أدبيَّةٌ تتناولُ سردَ الأحداثِ والقصصِ بأسلوبٍ مبتكرٍ وجذَّابٍ. تتميَّزُ القصَّةُ بالاختصارِ والتَّركيزِ على حدثٍ معيَّنٍ، وفيهَا شخصياتٌ وأحداثٌ، بينَمَا تتَّسمُ الرِّوايةُ بالتَّفصيلِ وتطويرِ الشَّخصياتِ والأحداثِ تطويراً أعمقَ.

المسرحُ: وهوَ فنٌّ أدبيٌّ يتمثَّلُ في تشخيصِ المواقفِ والأحداثِ والتَّعبيرِ عنِ المشاعرِ والأفكارِ مِنْ خلالِ الحوارِ والأداءِ. يتضمَّنُ المسرحُ مجموعةً متنوِّعةً مِنَ الأنواعِ، مثلُ الكوميديا والتَّراجيديا والدِّراما والمأساةِ والملهاةِ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى