الفخر عند الأعشى: من الاعتداد بالذات إلى تمجيد الأمة

يحتل الشاعر مكانة محورية في نسيج المجتمع العربي الجاهلي، فهو لسان القبيلة وذاكرتها، وسجل أمجادها وأيامها. وفي هذا السياق، يبرز الأعشى الكبير، ميمون بن قيس، الملقب بـ “صناجة العرب”، كواحد من أبرز الأصوات الشعرية التي عكست قيم عصرها وأصالته. وبينما تتعدد الأغراض في ديوانه، يظل الفخر عند الأعشى موضوعاً محورياً يكشف عن تركيبة نفسية فريدة ورؤية عميقة للهوية. لا يقتصر الفخر في شعره على كونه مجرد تعداد للمناقب، بل هو نسيج فني مزدوج الأبعاد، ينتقل فيه الشاعر ببراعة بين تمجيد الذات والاحتفاء بالجماعة، ليقدم لنا لوحة متكاملة عن مفهوم الشرف والمكانة في الجزيرة العربية قبيل بزوغ فجر الإسلام. تستهدف هذه المقالة تحليل هذه الظاهرة الشعرية، والغوص في أعماق أبعادها الذاتية والقبلية، وصولاً إلى تجلياتها القومية.
الصلة بين الفخر والهجاء في شعر الأعشى
تتجلى وثاقة الصلة بين غرضي الهجاء والمدح في الشعر العربي، إلا أن هذه الصلة تكون أشد توثقاً مع غرض الفخر، إذ لا يجد الشاعر في معرض مهاجاته لخصومه منصرفاً عن المفاخرة بنفسه وقومه. ومن الطبيعي أن ينتقل الذهن البشري، عبر التداعي الفطري، من فكرة إلى نقيضها. ويكفي لاستيضاح هذه الظاهرة استعراض نقائض جرير والأخطل والفرزدق، حيث يمكن الوقوف على حقيقة أن لهذه النقائض وجهين متناقضين في الظاهر، لكنهما متكاملان في الحقيقة؛ أحدهما ينقش عليه الشاعر مثالب خصمه، والآخر ينقش عليه مناقب قومه.
ولما كان الأعشى من أصحاب القصائد الطوال، فقد اتسعت قصائده لتشمل غرضي الهجاء والفخر معاً. وقد جاء هذان الغرضان ممتزجين امتزاجاً متقناً، وبرز الفخر عند الأعشى في هذا السياق مزيجاً من فخرين: أحدهما ذاتي والآخر قبلي.
الفخر الذاتي: اعتداد الشاعر بنفسه ومكانته
ينطلق الفخر الذاتي في شعر الأعشى من إعجاب الشاعر بنفسه واعتداده بمكانته بين الناس، ويتجلى هذا النوع من الفخر في عدة مظاهر أساسية، منها:
- زهوه بالمنزلة الرفيعة التي تبوأها في قصور الملوك، ومجالسته لأمراء الغساسنة والمناذرة، الذين يصفهم بالبهاء والرواء كالسيف الصقيل، قائلاً:
وَصَحِبْنَا مِنْ آلِ جَفْنَةَ أَمْلا *** كاً كراماً بالشَّامِ ذَاتِ الرقيقة
وبني المنذر الأشـاهـب بالحيـ *** ـرةِ يَمْشُونَ عُدْوَة كالسيوف - إدلاله بقوته الشعرية القادرة على قمع عداوة الخصوم، إذ يرد شعره الملتهب أعداءه المغرورين عن غطرستهم، فيرتدعون عن انتقاصه ويخضعون له، حتى إنهم لا يجرؤون على النظر إليه إلا خلسة وبأعناق ذليلة، وهم ملتصقون بالأرض كالخنافس:
وَلَقَدْ أَمْنَحُ مَنْ عَادَيْتُهُ *** كُل ما يحسم مِنْ دَاءِ الكَشح
وقطعت ناظريه ظاهراً *** لا يكون مثل لطم وكمح
وترى الأعداء حولي شُزراً *** خاضعي الأَعْنَاقِ أَمْثَالَ الوَذَحْ - مفخرته بقدرته على السفر واحتمال المشقة في قطع الصحاري واجتياز الأراضي المقفرة دون خوف، وهو ما يعبر عنه بقوله:
فأيّة أَرْضِ لا أتيت سراتها *** وأية أرض لَمْ أَجَبْهَا بِمَرْحل - كرمه الذي يتخذه وسيلة لاستعطاف صاحبته حين تفكر في هجره، فهو يملأ الجفان للضيوف، فيلجأ إليه من يشعر بالبرد ليستدفئ، والجائع ليطعم، فتستقبل قدره هؤلاء كما تستقبل الأم الرؤوم أبناءها العائدين من سفر طويل:
فلا تصرمِيني، وَاسْأَلي ما خليقتي *** إذا رَدَّ عافي القِدْرِ مَنْ يَسْتَعِيرها
تري أَن قِدْرِي لَاتَزَالُ كَأَنها *** لذِي الفَروَةِ المقرُورِ أُمَّ يَزُورُها - أفضل فضائله المتمثلة في وقاره وحلمه وعفوه عمن يسيء إليه من أقاربه وأصحابه، وهي الصفات التي جعلت الناس ييأسون من استفزازه فيخضعون له بعد تمرد وعناد:
وإنّي لتراكُ الضَّعِينَةِ قَدْ أَرَى *** قَذَاها مِنَ المَولى، فلا أَسْتَشِيرُها
وقورٌ إذا ما الجَهْلُ أَعْجَبَ أَهْلَهُ *** وَمِنْ خَيْرِ أَخْلاقِ الرِّجَالِ وَقُورُها
وقد يئس الأَعْدَاءُ أَنْ يَسْتَفِزني *** قيام الأسودِ وَتْبُها وزيرها
الفخر القبلي والقومي: تمجيد مآثر القبيلة والأمة
يأخذ الفخر عند الأعشى بعداً أكثر عنفواناً وشرفاً حين ينتقل إلى الفخر القبلي، إذ يصبح أكثر حفاوة بالقيم، وأقدر على التنويه بالمثل العربية في آفاقها السامية. فقومه في نظره هم نبعة المجد ودوحة المآثر، وفيهم تتجسد أسمى الفضائل، حيث يصفهم قائلاً:
- فيهم من ينهض لدفع الأذى عن الناس.
- وفيهم من يكشف الهم عن المحزون.
- ومنهم أخو الحرب المتمرس بالقتال.
- ومنهم من يحتمل ديات القتلى عن غيره.
وبناءً على هذه المآثر، يتساءل الشاعر إن كان من ينتمي إلى مثل هؤلاء القوم لا يستحق أن يفوز بقلب المرأة التي تسأل عنه وعن حسبه:
فإن شِئْتِ أَنْ مُهدَى لِقَوْمِي فَاسْأَلي *** عن العز والإحسان أينَ مَصِيرُها
تري حامل الأثقال والدافِعَ الشّجا *** إذا غُصْةً ضَاقَتْ بِأَمْرِ صُدُورُها
بهم تمترى الحرب العَوانُ وَمِنْهُم *** تؤدّى الفُرُوضُ حُلُوهَا وَمَرِيرُها
ويتسع أفق الفخر عند الأعشى ليتجاوز حدود القبيلة، فيقترب من مفهوم الفخر القومي، حيث يتغنى ببني بكر لتمكنهم من رد خطر الفرس عن جزيرة العرب، والفوز بشرف الدنيا. يصف الشاعر مشهد المعركة، حيث أقبل جند الفرس، وهم من أبناء الملوك المترفين، يحملون قسيهم وسهامهم لينالوا من العرب، ففاجأتهم جيوش ضخمة من بكر عند الفجر، وأعملت في رقابهم السيوف، حتى انتصف النهار وكان الفرس قد انهزموا ودُحروا:
وَجُندُ كِسْرَى غَدَاةَ الحِنْوِ صَبْحَهُمْ *** منا كَتَائِبُ تُزْجِي المَوْتَ، فَانْصَرَفُوا
جَحَاجِحَ وَبَنُو مُلْكَ غطَارِفَةً *** من الأعاجم في آذانِها النُّطْفُ
إذا أمالوا إلى النشاب أَيْدِيَهُمْ *** ملنا يبيض، فظل الهام يُختَطَفُ
وَخَيْلُ بَكْرٍ فَا تَنْفَكَ تَطْعَهُمْ *** حَتَّى تَوَلَّوا، وكادَ اليَوْمُ يَنتَصِف
وفي ذروة توهج هذه المشاعر القومية، يدعو الأعشى قبائل العرب كافة إلى مائدة الشرف هذه، ويحثهم على مشاركة قومه في قتال الفرس لينالوا نصيبهم من المجد الخالد، فيقول:
لَوْ أَن كُلَّ مَعَدّ كَانَ شَارَكَنا *** في يَوْمِ ذِي قَارَ ما أَعْطَاهُمُ الشرف
خاتمة
في ختام هذا التحليل، يتضح أن الفخر عند الأعشى لم يكن غرضاً شعرياً أحادي البعد، بل كان مرآة عاكسة لتجربته الحياتية ورؤيته للعالم. لقد استطاع الأعشى أن يصوغ من فخره الذاتي، النابع من إيمانه المطلق بموهبته ومكانته، أساساً متيناً انطلق منه نحو فضاء أرحب هو فخر القبيلة والأمة. فمن خلال تفاخره بكرمه وحلمه وقوة تأثير شعره، كان يؤسس لنموذج الفرد المؤثر في جماعته. وحين انتقل إلى تمجيد قومه في مواجهة الخصوم، وبخاصة في يوم ذي قار، تحول فخره إلى صوت قومي يعبر عن وعي جمعي بالهوية والمصير المشترك. وبهذا، يظل شعر الفخر عند الأعشى سجلاً خالداً لا يوثق لمآثر شخصية وقبلية فحسب، بل يقدم وثيقة أدبية وتاريخية رفيعة عن قيم المجتمع العربي وتطلعاته في مرحلة مفصلية من تاريخه.
سؤال وجواب
١- ما هي الأبعاد الرئيسية لمفهوم الفخر عند الأعشى؟
يتخذ مفهوم الفخر عند الأعشى بعدين رئيسيين متكاملين: البعد الأول هو الفخر الذاتي، الذي يتركز حول الشاعر نفسه، ويستمد مقوماته من إحساسه العميق بقيمة موهبته الشعرية، ومكانته الرفيعة لدى الملوك والأمراء، وقدرته على التأثير في الأحداث ورفع شأن من يمدح وخفض من يهجو. كما يشمل هذا البعد قيمه الشخصية مثل الكرم المفرط، والحلم، والوقار، والقدرة على تحمل مشاق الأسفار. أما البعد الثاني فهو الفخر القبلي، والذي يتسع ليشمل الاعتزاز بمآثر قبيلته “بكر بن وائل”، وقيمها الجماعية كالشجاعة، وإغاثة الملهوف، وحمل الديات، والسيادة في الحرب. وقد تطور هذا البعد في مراحل متقدمة ليكتسب طابعاً قومياً، خاصة في قصائده التي تصف يوم ذي قار، حيث جعل من انتصار قبيلته انتصاراً للعرب كافة.
٢- كيف يختلف الفخر الذاتي عند الأعشى عن غيره من الشعراء؟
يتميز الفخر الذاتي عند الأعشى بأنه لا يقتصر على الشجاعة والفروسية كما هو شائع عند كثير من شعراء عصره، بل يتأسس بشكل كبير على قوة “الكلمة” وسلطة “الشعر”. كان الأعشى يدرك أن شاعريته هي مصدر قوته الحقيقي، فهي التي تفتح له أبواب قصور الملوك، وتجعل الأعداء يهابونه، وتسمح له بالتدخل في شؤون القبائل. فخره بنفسه هو فخر الصانع الماهر بصنعته، والمؤثر القادر على تغيير موازين القوى بشعره. هذا التركيز على السلطة المعنوية والثقافية للشاعر يمنح فخره الذاتي عمقاً فريداً، ويجعله متجاوزاً للمفاخر التقليدية المتمحورة حول القوة الجسدية فحسب.
٣- ما العلاقة بين الفخر والهجاء في شعر الأعشى؟
العلاقة بين الفخر والهجاء في شعر الأعشى هي علاقة عضوية وتكاملية، فهما وجهان لعملة واحدة. عندما يهجو الأعشى خصومه، فإنه لا يكتفي بتعداد مثالبهم، بل يقابل ذلك بتعداد مناقبه ومناقب قومه، مما يجعل الهجاء مدخلاً ضرورياً للفخر. فالنيل من الخصم لا يكتمل إلا بإثبات التفوق عليه، وهذا التفوق يتجلى عبر المفاخرة. هذه البنية، التي تظهر بوضوح في فن النقائض لاحقاً، كان الأعشى من روادها، حيث يمتزج الغرضان في قصائده الطوال بسلاسة، فينتقل من إذلال العدو إلى تمجيد الذات والجماعة في سياق شعري واحد، مما يعزز الأثر الدرامي والنفسي للقصيدة.
٤- ما أبرز القيم التي يستند إليها الأعشى في فخره القبلي؟
يستند الفخر القبلي عند الأعشى إلى مجموعة من القيم العربية الأصيلة التي تمثل قوام الشرف والمجد في المجتمع الجاهلي. من أبرز هذه القيم: السيادة والمنعة، والقدرة على حماية الجار ودفع الأذى عن الناس. كما يركز على قيمة “حمل الأثقال”، أي تحمل الديات والمسؤوليات الكبرى عن الآخرين، وهي من أرقى صور الكرم والتضحية. بالإضافة إلى ذلك، يفخر بكون قومه أهل حرب متمرسين، لا يهابون القتال ويحسمون المعارك لصالحهم، وفي الوقت نفسه هم أهل حكمة ورأي. هذه القيم مجتمعة ترسم صورة للقبيلة المثالية التي تجمع بين البأس والكرم والحكمة.
٥- كيف تطور الفخر عند الأعشى من النطاق القبلي إلى القومي؟
يمثل انتصار قبائل بكر وحلفائها على الفرس في معركة “يوم ذي قار” نقطة تحول محورية في شعر الأعشى، حيث ارتقى بفخره من الإطار القبلي الضيق إلى الأفق القومي العربي الأوسع. لم يعد الأعشى ينظر إلى هذا النصر باعتباره مجداً خاصاً بقبيلته “بكر” وحدها، بل صوره كانتصار للعرب جميعاً على القوة العظمى في ذلك الزمان. ويتجلى هذا التطور في دعوته الصريحة لبقية قبائل “معد” إلى المشاركة في هذا الشرف، معتبراً أن هذا اليوم هو يوم عز للعرب كافة. هذا الوعي القومي المبكر يعد من أبرز سمات فخر الأعشى، ويميزه عن كثير من معاصريه الذين ظل فخرهم محصوراً في الدائرة القبلية.
٦- ما أهمية يوم ذي قار في تجسيد الفخر القومي لدى الأعشى؟
تكمن أهمية يوم ذي قار في كونه الحدث التاريخي الأبرز الذي سمح للأعشى ببلورة وعيه القومي. كانت المعركة تمثل تحدياً وجودياً للعرب في مواجهة الإمبراطورية الفارسية، وكان الانتصار فيها بمثابة إثبات للذات والهوية العربية. استثمر الأعشى هذا الحدث شعرياً ليخلد بطولة قومه، ولكنه تجاوز ذلك ليجعله رمزاً لقدرة العرب على الاتحاد وصد العدوان الخارجي. في قصائده عن المعركة، لم يعد يفخر بصفات قبلية مجردة، بل أصبح يفخر بفعل تاريخي عظيم غيّر موازين القوى وأعطى العرب شعوراً بالسيادة والاستحقاق، وهو ما يعد ذروة تجليات الفخر عند الأعشى.
٧- ما هي الأدوات الفنية التي استخدمها الأعشى لإبراز فخره؟
استخدم الأعشى مجموعة من الأدوات الفنية البارعة لإبراز فخره. على صعيد الصورة الشعرية، لجأ إلى رسم لوحات حسية حية، كوصفه لأعدائه وهم ينظرون إليه بمؤخرة أعينهم كالحشرات الذليلة، أو وصفه لقدره وهي تستقبل الضيوف كالأم الحنون. كما اعتمد على أسلوب المبالغة المقبولة فنياً للتأكيد على كرمه أو قوة تأثيره. وعلى المستوى اللغوي، استخدم ألفاظاً قوية وجزالة تتناسب مع مقام الفخر، واعتمد على التكرار والتضاد لإبراز المفارقة بين حاله وحال خصومه. كما أن بناءه للقصيدة الطويلة سمح له بالاستطراد وتفصيل مفاخره بسرد قصصي مؤثر.
٨- هل اقتصر فخر الأعشى الذاتي على شاعريته ومكانته فقط؟
لا، لم يقتصر فخره الذاتي على شاعريته ومكانته الاجتماعية فحسب، بل امتد ليشمل منظومة من القيم الأخلاقية الرفيعة التي كان يعتز بالتحلي بها. من أبرز هذه القيم “الوقار” و”الحلم” و”العفو عند المقدرة”، خاصة مع الأقارب والأصحاب. يصور نفسه كشخص رصين لا يستفزه الجهل، ويتغاضى عن الإساءات الصغيرة، وهذه الصفات كانت تعتبر من أرقى أخلاق السادة في عصره. هذا الجانب من فخره يظهره ليس فقط كشاعر عظيم، بل كرجل ذي مبادئ وأخلاق سامية، مما يضيف بعداً إنسانياً عميقاً إلى صورته الذاتية.
٩- لماذا يعتبر الفخر عند الأعشى نموذجاً مهماً في دراسة الشعر الجاهلي؟
يعتبر الفخر عند الأعشى نموذجاً مهماً لأنه يقدم رؤية شاملة ومتعددة الأوجه لهذا الغرض الشعري. فهو يجمع بين الفخر الفردي القائم على الموهبة والقيم الشخصية، والفخر الجماعي الذي يمثل صوت القبيلة ويعبر عن قيمها. والأهم من ذلك، أنه يقدم حالة نادرة من الارتقاء بهذا الفخر إلى مستوى الوعي القومي، وهو ما يجعله وثيقة تاريخية وأدبية لدراسة بواكير تشكل الهوية العربية الجامعة. إن دراسة الفخر في شعره تتيح فهم آليات بناء المكانة الاجتماعية والثقافية للشاعر، وتكشف عن التفاعل الديناميكي بين الفرد والجماعة في المجتمع الجاهلي.
١٠- بماذا يتميز فخر الأعشى مقارنة بفخر شعراء المعلقات الآخرين؟
يتميز فخر الأعشى عن شعراء المعلقات الآخرين، مثل عنترة الذي تركز فخره على الفروسية والقوة الجسدية، أو طرفة بن العبد الذي تمحور فخره حول إشباع اللذات والبطولة الفردية، بكونه أكثر شمولية وارتباطاً بالسلطة السياسية والثقافية. فخر الأعشى هو فخر “الشاعر المحترف” الذي يجالس الملوك ويؤثر في سياساتهم، وهو فخر “المؤرخ” الذي يسجل انتصارات أمته. بينما كان فخر الآخرين يعبر غالباً عن بطولة بدوية فردية أو قبلية، كان فخر الأعشى يحمل أبعاداً “دبلوماسية” وقومية أكثر وضوحاً، مما يجعله صوتاً فريداً يعكس مرحلة انتقالية في تاريخ العرب.




