البلاغة

ما الفرق بين المجاز العقلي والمجاز المرسل؟

المجازُ العقليُّ

هوَ إسنادُ الفعلِ، أو ما في معناهُ (مِنْ اسمِ فاعلٍ، أو اسمِ مفعولٍ أو مصدرٍ) إلى غيرِ ما هوَ لَهُ في الظَّاهرِ، لعلاقةٍ معَ قرينةٍ تَمنعُ مِنْ أنْ يكونَ الإسنادُ إلى ما هوَ لَهُ.

نحوُ: أنبَتَ الرَّبيعُ البقلَ، فقدْ أسندَ الإنباتَ إلى الرَّبيعِ، وفاعلُ الإنباتِ الحقيقيُّ هوَ اللهُ سبحانَهُ وتعالى، والرَّبيعُ زمنُ للفعلِ؛ ففي إسنادِ الإنباتِ للرَّبيعِ إسنادٌ إلى غيرِ ما هوَ لَهُ، فهوَ مجازٌ عقليٌّ، والقرينةُ الَّتي تَصرفُ عنْ إرادةِ ظاهرِ الإسنادِ هيَ حالُ المتكلِّمِ نفسُهُ.

المجازُ المرسلُ

هوَ الكلمةُ المستعملةُ في غيرِ ما وُضِعَتْ لَهُ لعلاقةِ غيرِ المشابهةِ، معَ وجودِ قرينةٍ مانعةٍ مِنْ إرادةِ المعنى الوضعيِّ. قالَ الشَّاعرُ:

لهُ أيادٍ عليَّ سابغةٌ … أَعُدُّ منهَا ولا أُعَدِّدُهَا

أيادٍ: أي نِعَمٌ، وهيَ مجازٌ مرسلٌ علاقتُهُ السَّببيَّةُ، فقدْ سمَّى الشَّيءَ باسمِ سببِهِ (اليدِ)، والقرينةُ قولُهُ سابغةٌ أي شاملةٌ، وهيَ قرينةٌ مانعةٌ مِنْ إرادةِ المعنى الحقيقيِّ، لأنَّ الأيادي الحقيقيَّةِ لا تُوصفُ بالشُّمولِ.

كقولِهِ تعالى: {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ}. معلومٌ أنَّ إيتاءَ الأموالِ في مثلِ هذهِ الحالِ لا يكونُ إلَّا بعدَ البلوغِ، ولا يوجدُ يتيمٌ بعدَ البلوغِ.

فمعنى هذا أنَّ كلمةَ (اليتامى) تعني البالغينَ الَّذينَ يجوزُ إعطاؤُهُمْ أموالَهُمْ للتَّصرُّفِ بِهَا.

أي إنَّ استعمالَ كلمةِ (اليتيمِ) وهوَ مَنْ ماتَ أبوهُ صغيراً هوَ استعمالٌ لكلمةِ الشَّخصِ البالغِ، هوَ استعمالٌ مجازيٌّ، سوَّغَهُ علاقةٌ بينَ المعنى الحقيقيِّ لليتيمِ والمعنى المجازيِّ، وهيَ أنَّ البالغَ فيمَا مضى كانَ يتيماً.

والعلاقةُ في هذا المثالِ (اعتبارُ ما كانُوا عليهِ) أي إنَّ الَّذي سوَّغَ استعمالَ (اليتامى) في (البالغينَ) هوَ ما كانُوا عليهِ قبلَ اليُتْمِ. والقرينةُ الَّتي منعَتْ إرادةَ المعنى الوضعيِّ في الفعلِ آتُوا.

اقرأ أيضاً:  طرفا الكلام: المسند والمسند إليه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى