مصطلحات أدبية

تعريف القصة القصيرة أو الأقصوصة: خصائصها وروادها

القصة القصيرة هي قطعة من النثر الخيالي يمكن قراءتها عادةً في جلسة واحدة، وتركز على حادثة قائمة بذاتها أو سلسلة من الأحداث المترابطة، بهدف إثارة تأثير أو مزاج واحد.

أو هي سرد قصصي قصير نسبياً (يقل عن عشرة آلاف كلمة)، يهدف إلى إحداث تأثير مفرد مهيمن يمتلك عناصر الدراما. وفي أغلب الأحوال تركز القصة القصيرة على شخصية واحدة في موقف واحد في لحظة واحدة.

وحتى إذا تحققت هذه الشروط فلا بد أن تكون الوحدة هي المبدأ الموجه لها. وإن الكثير من القصص القصيرة يتكون من شخصية أو مجموعة من الشخصيات تُقَدَّمُ في مواجهةِ خلفيةٍ أو وضعٍ ما، وتنغمس خلال الفعل الذهني أو الفيزيائي في موقف ما، وهذا الصراع الدرامي هو اصطدام قوى متضادة ماثل في قلب الكثير من القصص القصيرة.

إذاً القصة القصيرة هي شكل من أشكال الأدب القصصي له طبيعته المستقلة عن الرواية، وقد ظهرت القصة القصيرة بمفهومها الحديث في النصف الأول من القرن التاسع عشر مصاحبة للصحافة التي ساعدت على انتشارها، ثم ازدهرت وبلغت الغاية في القرن العشرين.

خصائص القصة القصيرة

القصة القصيرة هي شكل مصنوع في حد ذاته. وتَستخدم القصصُ القصيرة الحبكةَ والرنينَ والمكونات الديناميكية الأخرى كما هو الحال في الرواية، ولكن بدرجة أقل عادةً. في حين أن القصة القصيرة تختلف إلى حد كبير عن الرواية أو الرواية القصيرة، إلا أن المؤلفين يستمدون عموماً من مجموعة مشتركة من التقنيات الأدبية.

ومن الخصائص المشتركة للقصة القصيرة ما يلي:

الطول: تتراوح القصة القصيرة عادة بين 1000 و10000 كلمة، ولكن يمكن أن يكون بعضها أطول أو أقصر حسب أسلوب المؤلف وتفضيلاته. ينبغي أن تكون القصة القصيرة قابلة للقراءة في جلسة واحدة، وهي أبرز نقطة في مقال إدغار آلان بو “فلسفة التأليف” “The Philosophy of Composition” عام 1846 ميلادي.

الحبكة: تحتوي القصة القصيرة عادةً على حبكة واحدة ومكان واحد وعدد صغير من الشخصيات. غالباً ما تكون الحبكة مدفوعة بصراع أو مشكلة يتعين على الشخصية الرئيسة مواجهتها وحلها. قد تحتوي الحبكة أيضاً على تطور أو نهاية مفاجئة تكشف شيئاً غير متوقع عن الشخصية أو الموقف.

الموضوع: عادة ما تنقل القصة القصيرة تأثيراً أو حالة مزاجية واحدة، مثل الرعب أو الفكاهة أو الحزن أو السخرية. والموضوع هو الرسالة أو الفكرة الأساسية التي يريد المؤلف إيصالها إلى القارئ. قد يكون الموضوع مضمناً أو صريحاً، وقد يكون مرتبطاً بقضايا أخلاقية أو اجتماعية أو نفسية أو فلسفية.

الأسلوب: قد تستخدم القصة القصيرة أدوات أدبية متنوعة، مثل الرمزية والصور والاستعارة والتشبيه والإشارة والتنبؤ والسخرية والحوار، لخلق صوت ونبرة مميزين. وقد يعكس النمط أيضاً النوع أو الفترة التاريخية أو الخلفية الثقافية أو التجربة الشخصية للمؤلف.

القصة القصيرة في الأدب العربي

معنى القصة في المعاجم العربية

جاءت القصة من الفعل قَصَّ عليه الخبرَ قَصّاً وقَصَصاً: أي أعلمه به وأخبره. والقاصُّ هو الذي يأتي بالقصة مثلما هي كأنه يتتبع معانيها وألفاظها، والقاص يقص القصص لإتباعه خبراً بعد خبر وسوق الكلام سوقاً.

أدب القصة القصيرة عند العرب

إن هذا الفن من الأدب هو جديد على الأدب العربي إذا نظرنا إليه بالمنظار الفني الاصطلاحي المعاصر، إلا أن القصصَ معروفٌ في تاريخ الحضارة العربية وآدابها منذ العصر الجاهلي مروراً بالعصر الإسلامي؛ فإلى جانب أيام العرب وأخبارهم والحكايات التي كانت تدور على ألسنتهم، جاء القرآن الكريم وقص علينا أخبار الأوائل والقبائل والأمم والأنبياء؛ فحفلت سور البقرة ويوسف ومريم والنمل والكهف وغيرها بقصص شائقة فيها العبر والدروس والأخلاق والدين والعقيدة.

اقرأ أيضاً:  عناصر القصة القصيرة

ثم ظهرت الكتب المفردة ذات الاتجاه القصص الوعظي التأملي أو النقدي التهجمي الساخر، من ذلك كتاب (كليلة ودمنة لابن المقفع) في القرن الثاني الهجري، وقد عَرَّبَهُ عن الفارسية التي نقلته بدورها عن الهندية، وكان أغلبه رمزياً على ألسنة الحيوانات.

وقرأنا للجاحظ (كتاب البخلاء)، وهو عبارة عن أقاصيص ونوادر عن أهل الجمع والمنع في القرن الثالث للهجرة، وكذلك الشأن مع بديع الزمان الهمذاني في القرن الرابع للهجرة في مقاماته الشهيرة، ومع أبي العلاء المعري في (رسالة الغفران) التي أملاها سنة 424 هجرية.

إلا أن العرب لم يعرفوا القصة ولا الرواية على النحو الذي يقصده النقاد المعاصرون اليوم؛ باعتبار القصة تتناول قطاعاً واسعاً من الحياة الإنسانية يمتد فيها الزمن وتتشعب الحوادث وتتعدد الأشخاص، ويعتني فيها الأديب بالتفاصيل والجزئيات؛ فيعطي صورة كاملة لبيئة من البيئات أو مجتمع من المجتمعات أو فرد من الأفراد.

وقد حدد عز الدين إسماعيل في كتاب (الأدب وفنونه) ماهية القصة القصيرة وشروطها وفقاً لما قال عنها (إدغار ألان بو) من أنها غالباً ما تتحقق فيها الوحدات الثلاث التي عرفتها المسرحية الفرنسية الكلاسيكية، وهي: الحدث الواحد، والوقت الواحد، والشخصية المفردة أو الحادثة المفردة أو العاطفة المفردة.

عرف أدبنا العربي فن القصة القصيرة مترجمة، وذلك في أواخر القرن التاسع عشر، وبدأ الكُتَّاب العرب في كتابتها منذ أوائل القرن العشرية، ثم بلغت مرحلة النضج على أيدي أدباء المدرسة الحديثة ومشاهير كتابها، أمثال: محمود تيمور، ومحمود طاهر لاشين، ويحيى حقي، وغيرهم.

ويمكن اعتبار أول قصة قصيرة عربية هي قصة (رمية من غير رامٍ) لسليم البستاني (1847 – 1884 ميلادي) نشرها في مجلة الجنان اللبنانية سنة 1870.

ثم ظهر رواد القصة الحقيقيون أمثال مصطفى لطفي المنفلوطي صاحب (النظرات)، و(العبرات) و(الفضيلة).

وكذلك جبران خليل جبران صاحب (الأرواح المتمردة)، و(الأجنحة المتكسرة)، و(عرائس الموج).

وميخائيل نعيمة في قصصه (كان يا ما كان)، وغيرها.

كما أن البداية الحقيقية لفن الأقصوصة في مصر كانت مع محمد تيمور في (ما تراه العيون).

القصة القصيرة في الأدب الغربي

تعد القصة القصيرة من أقدم أنواع الأدب في الغرب، وقد وُجِدت على شكل أساطير وحكايات أسطورية وحكايات شعبية وحكايات خرافية وحكايات طويلة وخرافات ونوادر في مختلف المجتمعات القديمة حول العالم. وكام ذكرنا تطورت القصة القصيرة الحديثة في أوائل القرن التاسع عشر.

إن القصة القصيرة في الأدب الغربي هي نتاج التأثيرات القديمة والحديثة، بالإضافة إلى السياقات والتقاليد المحددة لكل أمة أو منطقة أو ثقافة. بعض الموضوعات والأنواع الرئيسة للقصة القصيرة في الأدب الغربي تشمل:

الرومانسية: وهي قصص تصور الحب والعاطفة بين شخصيتين أو أكثر، وغالباً ما تتضمن عناصر المغامرة أو الخيال أو المأساة. أمثلة: “الديكاميرون The Decameron” لجيوفاني بوكاتشيو، “حكايات كانتربري  The Canterbury Tales” لجيفري تشوسر، “الليالي العربية The Arabian Nights” لعدد من المؤلفين، “سيدة الكاميليا The Lady of the Camellias” لألكسندر دوماس الابن، “هدية المجوس The Gift of the Magi” لأو. هنري.

اقرأ أيضاً:  تعريف الأدب العربي والغربي، وفروع الأدب

القوطية: وهي القصص التي تثير الرعب والخوف والتشويق، وغالباً ما تتضمن عناصر خارقة للطبيعة أو غامضة أو بشعة. أمثلة: “قلعة أوترانتو The Castle of Otranto” بقلم هوراس وولبول، “سقوط بيت آشر The Fall of the House of Usher” لإدغار آلان بو، “فرانكنشتاين Frankenstein” لماري شيلي، “دراكولا Dracula” لبرام ستوكر، “دورة المسمار The Turn of the Screw” لهنري جيمس.

الواقعية: وهي قصص تصور الحياة اليومية ومشاكل الأشخاص العاديين، وغالباً ما تكون مصحوبة بتعليقات نقدية أو اجتماعية. أمثلة: “المعطف The Overcoat” لنيكولاي غوغول، “مدام بوفاري Madame Bovary” لغوستاف فلوبير، “القلادة The Necklace” لغي دي موباسان، “موت إيفان إيليتش The Death of Ivan Ilyich” لليو تولستوي، “التحول The Metamorphosis” لفرانز كافكا.

الحداثة: وهي قصص تجرب أشكالاً وتقنيات ووجهات نظر جديدة، وغالباً ما تتحدى أعراف وتوقعات السرد التقليدي. أمثلة: “حديقة الطرق المتفرعة The Garden of Forking Paths” لخورخي لويس بورخيس، “الموتى The Dead” لجيمس جويس، “ثلوج كليمنجارو The Snows of Kilimanjaro” لإرنست همنغواي، “اليانصيب The Lottery” لشيرلي جاكسون، “ورق الحائط الأصفر The Yellow Wallpaper” لشارلوت بيركنز غيلمان.

الغربية: وهي قصص تصور حياة ومغامرات الحدود الأميركية، وغالباً ما تُظْهِر رعاة البقر والخارجين عن القانون والهنود والمستوطنين. أمثلة: “The Luck of Roaring Camp” بقلم بريت هارت، و”The Virginian” بقلم أوين ويستر، و”Riders of the Purple Sage” بقلم زين غراي، و”The Red Pony” بقلم جون ستاينبيك، و”Brokeback Mountain” بقلم آني برولكس.

من هو رائد القصة القصيرة في العصر الحديث؟

لا توجد إجابة قاطعة على هذا السؤال؛ إذ ساهم مختلف الكُتَّاب في تطوير القصة القصيرة وابتكارها في العصر الحديث. إلا أن بعض الأسماء التي يكثر ذكرها كرواد للقصة القصيرة الحديثة هي:

إدغار آلان بو (Edgar Allan Poe): يعد هذا الكاتب الأميركي على نطاق واسع مخترع القصة البوليسية وأستاذ الحكاية القوطية. كما صاغ نظرية القصة القصيرة كنوع أدبي يهدف إلى خلق تأثير أو انطباع واحد لدى القارئ.

أنطون تشيخوف (Anton Chekhov): وهو كاتب روسي يعد من أقوى كتاب القصة القصيرة على مر العصور. فقد أحدث ثورة في الشكل من خلال التركيز على الجوانب النفسية والعاطفية لشخصياته، بدلاً من التركيز على الحبكة أو الأخلاق. كما استخدم أسلوباً بسيطاً وسخرية خفية لنقل تعقيد الحياة وغموضها.

غي دو موباسان (Guy de Maupassant): كاتب فرنسي معروف بقصصه الواقعية والطبيعية التي تصور الحياة اليومية للطبقتين الدنيا والمتوسطة في فرنسا في القرن التاسع عشر. كما برع في خلق نهايات مفاجئة وتحولات تكشف سخرية أو مأساة الحالة الإنسانية.

أو هنري (O. Henry): يشتهر هذا الكاتب الأميركي بقصصه الفكاهية والبارعة التي غالباً ما تصور أشخاصاً عاديين في مواقف غير عادية. كما قام أيضاً بترويج استخدام “O Henry Twist”، وهو تطور ذكي وغير متوقع في الحبكة يغير معنى القصة أو نتيجتها.

أمثلة عن القصص القصيرة الغربية

ثمة العديد من الأمثلة عن القصص القصيرة التي حققت شهرة وشعبية أدبية.

اقرأ أيضاً:  أقسام الأدب، الشعر والنثر وفنونهما

بعض القصص القصيرة الكلاسيكية هي:

1 -هدية المجوس (The Gift of the Magi) بقلم أو. هنري: قصة مؤثرة لزوجين شابين يضحيان بأغلى ممتلكاتهما لشراء هدايا عيد الميلاد لبعضهما.

2 -القلادة (The Necklace) بقلم غي دو موباسان: قصة مأساوية لامرأة تستعير عقداً من الألماس من صديق وتفقده، لتكتشف بعد سنوات أنه مزيف.

-اليانصيب (The Lottery) بقلم شيرلي جاكسون: قصة صادمة لبلدة صغيرة تقيم طقوساً سنوية لسحب القرعة لاختيار ضحية لتضحية عنيفة.

-القلب الواشي (The Tell-Tale Heart) بقلم إدغار آلان بو: قصة رعب لرجل يقتل مالك منزله القديم ويطارده صوت قلبه النابض.

-ورق الحائط الأصفر (The Yellow Wallpaper) بقلم شارلوت بيركنز جيلمان: قصة نفسية لامرأة تعاني من اكتئاب ما بعد الولادة وتصبح مهووسة بنمط ورق الحائط في غرفتها.

كيفية كتابة قصة قصيرة

يمكن أن تكون كتابة قصة قصيرة تجربة مجزية ومليئة بالتحديات. إليك بعض النصائح التي تساعدك في كتابة قصة قصيرة:

1 -اقرأ الكثير من القصص القصيرة: إن قراءة القصص القصيرة يمكن أن تساعدك على التعلم من الأساتذة والحصول على الإلهام من الأساليب والأنواع والموضوعات المختلفة. يمكنك أيضاً تحليل كيفية استخدام المؤلفين لعناصر القصة القصيرة لإنشاء قصة فعالة وجذابة.

2 -اختيار موضوع ونوع القصة: يمكنك كتابة قصة قصيرة عن أي شيء يثير اهتمامك، سواء كان تجربة شخصية، أو حواراً خيالياً، أو حدثاً تاريخياً، أو قضية اجتماعية. يمكنك أيضاً اختيار النوع الذي يناسب ذوقك، مثل الرومانسية أو الغموض أو الخيال أو الخيال العلمي أو الرعب.

3 -حدد الخطوط العريضة للحبكة والشخصيات: قبل أن تبدأ الكتابة، يجب أن تكون لديك فكرة واضحة عن موضوع قصتك ومن هم الشخصيات الرئيسة. يمكنك استخدام رسم تخطيطي للحبكة لتخطيط العرض والحركة الصاعدة والذروة والحركة الهبوطية وحل قصتك. يمكنك أيضاً إنشاء ملفات تعريف شخصية لوصف مظهر شخصياتك وخلفيتها ودوافعها.

4 -اكتب المسودة الأولى: بمجرد حصولك على المخطط التفصيلي، يمكنك البدء في كتابة المسودة الأولى لقصتك. يجب أن تكتب بطريقة تجذب انتباه القارئ واهتمامه، باستخدام الأوصاف الحية والحوار الواقعي والأحداث المشوقة. يجب عليك أيضاً إظهار مشاعر وأفكار شخصياتك، وليس التعبير عنها، باستخدام التفاصيل الحسية واللغة المجازية.

5 -مراجعة قصتك وتعديلها: بعد الانتهاء من المسودة الأولى، يجب عليك مراجعة قصتك وتعديلها لتحسين جودتها ووضوحها. يجب عليك التحقق من الأخطاء الإملائية والنحوية وعلامات الترقيم والتنسيق، بالإضافة إلى ثغرات الحبكة والتناقضات ونقاط الضعف. يجب عليك أيضاً أن تطلب تعليقات من الآخرين، مثل الأصدقاء أو العائلة أو المعلمين أو الزملاء، وأن تدمج اقتراحاتهم في قصتك.

6 -انشر قصتك أو شاركها: عندما تكون راضياً عن المسودة النهائية، يمكنك نشر قصتك أو مشاركتها مع الجمهور المستهدف. يمكنك إرسال قصتك إلى مجلة أدبية، أو موقع ويب، أو مدونة، أو مسابقة، أو يمكنك نشرها بنفسك عبر الإنترنت أو مطبوعة. يمكنك أيضاً مشاركة قصتك مع أصدقائك أو عائلتك أو متابعيك على وسائل التواصل الاجتماعي، والاستمتاع بردود أفعالهم وتعليقاتهم.

يمكن أن تكون كتابة قصة قصيرة طريقة ممتعة ومبتكرة للتعبير عن نفسك ومشاركة أفكارك مع الآخرين. باتباع الخطوات والنصائح المذكورة أعلاه، يمكنك كتابة قصة قصيرة أصلية وآسرة وذات معنى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى