تعريف الرواية وعناصرها وأنواعها
الرواية سرد قصصي نثري طويل، يصور شخصيات فردية من خلال سلسلة من الأحداث والأفعال والمشاهد.
أو هي فن من فنون النثر الأدبي قائم على الحكاية، ينتظم سلسلة من الأحداث الحقيقية أو المتخيلة تقوم بها شخصيات أو قوى معينة، وتستغرق وقتاً طويلاً من الزمن، وتجتمع فيها عناصر تختلف أهميتها بحسب نوع الرواية، ويربط ذلك كله حبكة ترتفع بها إلى التأزم الذي يصل مداه قبل النهاية فيأتي الحل إيجاباً أو سلباً، أو تكون النهاية مفتوحة لا تقدم حلاً؛ بل تدفع القارئ إلى المشاركة في الصراع والبحث عن حل للتأزم والعقدة.
والرواية شكل أدبي جديد لم تعرفه العصور الكلاسيكية والوسطى؛ نشأ مع المراحل الأولى لظهور الطبقة البورجوازية وما صحبها من تحرر الفرد من التبعيات الشخصية.
وتختلف الحبكة في الرواية عن الحبكة في الملحمة الكلاسيكية وملحمة عصر النهضة؛ فهي لم تعد مرتكزة على التاريخ الماضي أو الأساطير. وقد تُحاكي الرواية لأول مرة وبشكل كامل النزعة التقليدية التي تحكم على الأعمال الأدبية وفقاً لمعايير اللياقة الأدبية السائدة المستخلصة من النماذج البارزة في النوع الأدبي.
الرواية في المعاجم العربية
الرواية في أصل اللغة هي النقل والحمل، وهي كانت في الشعر والنثر والحديث وغيرها. والرجل الذي ينقلها يسمى راوٍ، وهو راوية للحديث والشعر أي كثير الرواية، والهاء للمبالغة.
الرواية في الغرب: نشأتها وتطورها
الرواية في الغرب أحد أكثر أشكال الأدب شهرة وتأثيراً، ولها تاريخ غني ومتنوع يمتد عبر الثقافات واللغات والأنواع.
الرواية التي نعرفها اليوم لها جذورها في التقاليد القديمة والعصور الوسطى لرواية القصص الشفهية والمكتوبة. بعض الأمثلة المبكرة للأعمال الشبيهة بالرواية تشمل الروايات اليونانية والرومانية، مثل الحمار الذهبي لأبوليوس (The Golden Ass by Apuleius)، ورومانسيات الفروسية في العصور الوسطى، مثل أغنية رولاند (The Song of Roland)، والكلاسيكيات الآسيوية، مثل حكاية جينجي بواسطة موراساكي شيكيبو (The Tale of Genji by Murasaki Shikibu). كانت هذه الأعمال في كثير من الأحيان عرضية، وخيالية، واستعارية، وتهدف إلى الترفيه وتوجيه جمهورها.
ظهرت الرواية الحديثة في القرن الثامن عشر، مع ظهور ثقافة الطباعة واتساع نطاق معرفة القراءة والكتابة والتعليم. وجَرَّبَ كُتَّابٌ مثل دانييل ديفو، وصامويل ريتشاردسون، وهنري فيلدنج أشكالاً جديدة من الخيال النثري الذي ركز على التصوير الواقعي والنفسي للشخصيات الفردية وتجاربهم في المجتمع المعاصر. غالباً ما كانت هذه الروايات تُكتب في شكل رسائل أو مذكرات أو مذكرات، وقد جذبت عدداً متزايداً ومتنوعاً من القراء.
شهد القرن التاسع عشر ازدهار الرواية كنوع أدبي مهيمن، مع ظهور أنواع فرعية مختلفة، مثل الرواية القوطية، والرواية التاريخية، والرواية الاجتماعية، ورواية التشكيل، والرواية البوليسية. ابتكر كتاب مثل جين أوستن، وتشارلز ديكنز، وفيكتور هوغو، وليو تولستوي، ومارك توين شخصيات معقدة لا تُنسى، واستكشفوا موضوعات الأخلاق، والعدالة الاجتماعية، والهوية، والثقافة، وجربوا تقنيات السرد، مثل السرد العليم، ووجهات النظر المتعددة، والرواة غير الموثوقين.
شهد القرنان العشرون والحادي والعشرون مزيداً من التنويع والابتكار في الرواية، مع تأثير الحداثة وما بعد الحداثة وغيرها من الحركات والنظريات الأدبية. تحدى كتاب مثل جيمس جويس، وفيرجينيا وولف، وفرانز كافكا، وغابرييل غارسيا ماركيز، ومارغريت أتوود أعراف الرواية وحدودها، واستكشفوا موضوعات مثل الوعي واللغة والوقت والذاكرة والتاريخ والواقع. كما قاموا بدمج عناصر من الأنواع والوسائط الأخرى، مثل الشعر والدراما والخيال العلمي والفانتازيا والروايات المصورة.
متى ظهرت الرواية العربية؟
ظهرت الرواية العربية في مطلع العصر الحديث بعد أن اتصلت الثقافة العربية بالثقافة الغربية عن طريق البعثات إلى أوربا، وبعد ترجمة بعض الأعمال الروائية إلى العربية. وقد كانت حركة الترجمة التي قام بها خريجو مدرسة الألسن في أواخر القرن الماضي ومطلع هذا القرن، ومن جاؤوا بعدهم من المترجمين إرهاصاً بدخول فنون جديدة إلى الأدب العربي لم تكن معروفة بالصورة التي انتقلت إليها بها، مثل فنون الرواية، والمسرحية.
وكانت (زينت) لمحمد حسين هيكل، و(الأجنحة المتكسرة) لجبران خليل جبران من بواكير الأعمال الروائية في الأدب العربي الحديث.
عناصر الرواية
ثمة العديد من العناصر التي تشكل الرواية، ولكن من أكثر العناصر شيوعاً ما يلي:
المكان: وهو الخلفية التي تجري فيها القصة. ويشمل جوانب مثل المكان والزمان والمناخ وأسلوب الحياة والجو.
الشخصيات: تشمل الأشخاص والحيوانات والجن والعفاريت وما إلى ذلك، الذين يشاركون في أحداث القصة. لديهم سمات ودوافع وأدوار مختلفة في المؤامرة.
الصراع: وهو الصراع بين القوى المتعارضة في القصة. هذا الصراع يوفر الاهتمام والتشويق. ويمكن أن يكون داخلياً أو خارجياً، ويشمل الطبيعة أو المجتمع أو شخصيات أخرى.
الحبكة: وهي الترتيب المرتب للأحداث في القصة. إنه ينشأ من الصراع ويصل إلى ذروته، حيث يُحَلُّ أو يُترك دون حل.
الموضوع: وهو الفكرة المركزية في الرواية. ويمكن التعبير عنه ببيان قصير عن طبيعة الإنسان أو الحياة أو الكون. إنه رسالة المؤلف وأحد الأسباب التي دفعت المؤلف إلى كتابة الرواية.
هذه بعض العناصر الرئيسة للرواية، ولكن ثمة عناصر أخرى، مثل المنظور والصوت والأسلوب والنوع.
أنواع الرواية
الرواية هي نوع من الخيال الذي يُكتب عادة بالنثر، وله طول وتعقيد كبيرين. توجد العديد من أنواع الروايات المختلفة، ولكل منها أسلوبها وموضوعها ونوعها. ومن أشهر أنواع الروايات:
الرواية التاريخية (Historical novel): وهي رواية تدور أحداثها في فترة تاريخية محددة، وغالباً ما تُصَوِّرُ أحداثاً أو شخصيات تاريخية حقيقية. على سبيل المثال، الحرب والسلام لليو تولستوي هي رواية تاريخية عن الحروب النابليونية في روسيا.
الرواية الشطارية أو التشردية (Picaresque novel): وهي رواية تتبع مغامرات بطل مارق أو وضيع يسافر عبر بيئات اجتماعية مختلفة. على سبيل المثال، رواية دون كيشوت للكاتب ميغيل دي سرفانتس هي رواية شطارية تدور أحداثها حول فارس موهوم ومرافقه.
الرواية العاطفية (Sentimental novel): رواية تركز على التطور العاطفي والأخلاقي للشخصية الرئيسة، وغالباً من خلال الحب والمعاناة. على سبيل المثال، رواية كبرياء وهوى لجين أوستن هي رواية عاطفية عن الرومانسية وأخلاق طبقة النبلاء البريطانية.
الرواية القوطية (Gothic novel): هي رواية تستخدم عناصر الرعب والغموض وما وراء الطبيعة لخلق جو مظلم وكئيب. على سبيل المثال، فرانكنشتاين لماري شيلي هي رواية قوطية عن عالم يخلق مخلوقاً وحشياً.
الرواية النفسية (Psychological novel): رواية تستكشف الأفكار والمشاعر والدوافع الداخلية للشخصية الرئيسة، وغالباً ما تستخدم تقنيات مثل تيار الوعي، وذكريات الماضي، والسرد غير الموثوق. على سبيل المثال، “الحارس في حقل الشوفان” بقلم جي دي سالينجر هي رواية نفسية عن مراهق مضطرب يتجول في مدينة نيويورك.
الرواية الأخلاقية (Novel of manners): رواية تصور العادات والقيم والسلوكيات الاجتماعية لفئة أو مجموعة معينة من الناس. على سبيل المثال، رواية غاتسبي العظيم للكاتب ف. سكوت فيتزجيرالد هي رواية عن الأخلاق تصور انحطاط وفساد الطبقة العليا الأمريكية في عشرينيات القرن العشرين.
الرواية الرسائلية (Epistolary novel): رواية مكونة من رسائل أو مذكرات أو وثائق أخرى كتبها شخصية أو أكثر. على سبيل المثال، دراكولا بقلم برام ستوكر هي رواية رسائلية تحكي قصة مصاص دماء من خلال مراسلات شخصيات مختلفة.
الرواية الرعوية (Pastoral novel): رواية تجعل حياة سكان الريف مثالية، وغالباً ما تكون على النقيض من الفساد والاصطناع في المجتمع الحضري. على سبيل المثال، مغامرات توم سوير بقلم مارك توين هي رواية رعوية تحتفل ببراءة وحرية الطفولة في وادي نهر المسيسيبي.
الرواية ذات المفتاح (Roman à clef): رواية مستوحاة من أشخاص وأحداث حقيقية، ولكنها مقنعة بأسماء وتفاصيل خيالية. على سبيل المثال، مزرعة الحيوان لجورج أورويل هي رواية ذات مفتاح ترمز إلى صعود وسقوط الاتحاد السوفييتي من خلال قصة مزرعة تحكمها الحيوانات.
الرواية المضادة (Antinovel): رواية ترفض العناصر التقليدية للحبكة والشخصية والمكان والموضوع، وتجرب الشكل واللغة والأسلوب. على سبيل المثال، رواية يوليسيس لجيمس جويس هي رواية مضادة تكسر قواعد النحو، وبناء الجملة، وعلامات الترقيم، وتحاكي الأنواع الأدبية المختلفة.
هذه ليست سوى بعض أنواع الروايات الموجودة، وثمة العديد من الأنواع الفرعية والاختلافات داخل كل نوع. يمكن للروايات أيضاً الجمع بين عناصر من أنواع مختلفة، وإنشاء أشكال هجينة مثل الخيال العلمي، والخيال، والرومانسية، والإثارة، والغرب، وما إلى ذلك. الرواية شكل أدبي غني ومتنوع يمكنه تقديم تجارب ووجهات نظر متنوعة للقارئ.