ألفية ابن مالك

إعراب جمع المذكر السالم، شرح ألفية ابن مالك

قالَ ابنُ مالكٍ:

وَارْفَعْ بِوَاوٍ وَبِيَا اجْرُرْ وَانْصِبِ … سَالِمَ جَمْعِ عَامِرٍ وَمُذْنِبِ

وَشِبْهَ ذَيْنِ وَبِهِ عِشْرُونَا … وَبَابُهُ أُلْحِقَ وَالْأَهْلُونَا

أُولُو وَعاَلَمَونَ عِلِّيُّونَا … وَأَرَضُونَ شَذَّ وَالسِّنُونَا

وَبَابُهُ وَمِثْلَ حِينٍ قَدْ يَرِدْ … ذَا الْبَابُ وَهْوَ عِنْدَ قَوْمٍ يَطَّرِدْ

شرحُ مفرداتِ الأبياتِ

–وَارْفَعْ بِوَاوٍ وَبِيَا اجْرُرْ وَانْصِبِ … سَالِمَ جَمْعِ عَامِرٍ وَمُذْنِبِ

-وَارْفَعْ بِوَاوٍ: علامةُ رفعِ جمعِ المذكَّرِ السَّالمِ الواوُ نيابةً عنِ الضَّمَّةِ.

-وبِيَا اجْرُرْ وانْصِبِ: علامةُ جرِّ ونصبِ جمعِ المذكَّرِ السَّالمِ الياءُ نيابةً عنِ الكسرةِ والفتحةِ.

-سَالِمَ جَمْعِ عَامِرٍ ومُذْنِبِ: أيْ جمعَ المذكَّرِ السَّالمِ لكلٍّ مِنْ: عامرونَ ومذنبونَ، ويُسمَّى هذا الجمعُ جمعَ المذكَّرِ السَّالمِ؛ لسلامةِ بناءِ واحدِهِ.

وأشارَ بعامرٍ للعَلَمِ المذكِّرِ العاقلِ الخالي مِنَ التَّاءِ ومِنَ التَّركيبِ، وبمذنبٍ إلى الصِّفةِ الَّتي لمذكَّرٍ عاقلٍ، خاليةٍ مِنْ تاءِ التَّأنيثِ، وليسَتْ مِنْ بابِ أفعلَ فعلاءَ، ولا فعلانَ فعلى، ولا ممَّا يستوي فيهِ المذكَّرُ والمؤنَّثُ؛ فيقالُ: عامرونَ ومذنبونَ.

-وَشِبْهَ ذَيْنِ وَبِهِ عِشْرُونَا … وَبَابُهُ أُلْحِقَ وَالْأَهْلُونَا

-وَشِبْهَ ذَيْنِ: يعني شبهَ عامرٍ ومذنبٍ، والَّذي يشبهُ (عامراً) مِنَ الأعلامِ (زيدٌ، محمَّدٌ، خالدٌ)، والَّذي يشبهُ (مذنباً) مِنَ الصِّفاتَ (جالسٌ، قائمٌ، مسلمٌ) وغيرُ ذلِكَ.

-وَبِهِ عِشْرُونَا: وهذهِ مِنَ الألفاظِ الملحقةِ بجمعِ المذكَّرِ السَّالمِ؛ لأنَّهُ اسمُ جمعٍ لا مفردَ لَهُ مِنْ لفظِهِ.

-وَبَابُهُ: يعني ثلاثينَ إلى التِّسعينِ.

-أُلْحِقَ: يعني أُلحقَ بجمعِ المذكَّرِ السَّالمِ.

-وَالْأَهْلُونَا: الأهلونَ، ملحقٌ بجمعِ المذكَّرِ؛ لأنَّهُ جمعٌ غيرُ مستوفٍ الشُّروطَ؛ لأنَّهُ ليسَ بعَلَمٍ ولا صفةٍ.

-أُولُو وَعاَلَمَونَ عِلِّيُّونَا … وَأَرَضُونَ شَذَّ وَالسِّنُونَا

-أُولُو: اسمُ جمعٍ لـ ذو؛ لأنَّهُ لا مفردَ لَهُ مِنْ لفظِهِ.

-وَعاَلَمَونَ: وهوَ أيضاً اسمُ جمعٍ لا مفردَ لَهُ مِنْ لفظِهِ، وليسَ جمعاً لعالَمِ؛ لأنَّ عالماً أعمُّ.

-عِلِّيُّونَا: وعلِّيُّونَ اسمٌ لأعلى الجنَّةِ فهوَ مفردٌ في المعنى جمعٌ في اللَّفظِ.

-وَأَرَضُونَ: جمعُ أرضٍ.

-شَذَّ وَالسِّنُونَا: يعني (أَرَضُونَ) هوَ مَنْ شَذَّ، ووجهُ شُذوذِهِ أنَّهُ مِنْ بابِ (سنينَ) وبابُ (سنينَ) مطَّردٌ فيما حُذِفَ مِنْ مفردِهِ حرفٌ أصليٌّ وعُوِّضَ منْهُ تاءُ التَّأنيثِ كـ (سنةٍ) و(عِدةٍ)، ولمْ يُحذفْ مِنْ (أرضٍ) حرفٌ أصليٌّ فيُعوَّضُ منهُ بلْ حُذِفَ منهُ تاءُ التَّأنيثِ بدليلِ رجوعِهِا في التَّصغيرِ في قولِـهِمْ: (أُرَيْضَةٌ).

وَبَابُهُ وَمِثْلَ حِينٍ قَدْ يَرِدْ … ذَا الْبَابُ وَهْوَ عِنْدَ قَوْمٍ يَطَّرِدْ

-وَبَابُهُ: يعني كلَّ ما حُذفَ مِنْ مفردِهِ حرفٌ أصليٌّ وعُوِّضَ منهُ تاءُ التَّأنيثِ كـ (عِزِيْنَ وسِنِيْنَ ومِئِيْنَ).

-وَمِثْلَ حِينٍ قَدْ يَرِدْ … ذَا الْبَابُ: الإشارةُ بذلِكَ إلى سنينَ وبابِهِ، يعني أنَّهُ قدْ يُستعملُ بابُ سنينَ استعمالَ حينٍ فيلزمُ فيهِ الياءَ ويعربُ بالحركاتِ الثَّلاثِ في النُّونِ، أيْ: قدْ تعربُ (سنينُ) مثلَ إعرابِ (حينٍ) فترفعُ بالضَّمَّةِ، نحوُ: مضى حينٌ مِنَ الدَّهرِ، ومَضَتْ سنينٌ.

وتنصبُ بالفتحةِ، نحوُ: جئتُكَ حيناً، بقيْتُ عندَكَ سنيناً.

وتجرُّ بالكسرةِ، نحوُ: سأبقى معكَ إلى حينٍ، عشنا في سنينٍ صالحاتٍ.

أمَّا اللُّغةُ الأولى إذا أُلحقَتْ بجمعِ المذكَّرِ السَّالمِ فإنَّها ستكونُ كجمعِ المذكَّرِ بالواوِ، تقولُ: مضَتْ سنونَ، وبقيتُ سنينَ، وعشتُ في سنينَ.

-وَهْوَ عِنْدَ قَوْمٍ يَطَّرِدْ: يعني أنَّ إجراءَ سنينَ وبابِهِ مجرى حينَ يطَّردُ عندَ قومٍ مِنَ العربِ، وقدْ يستعملُهُ غيرهُمْ على وجهِ الشُّذوذِ كما في إحدى رواياتِ الحديثِ الصَّحيحِ عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «اللَّهمَّ اجعلْهَا عليهِمْ سنيناً كسنيِّ يُوسفَ».

ومنهُ قولُ الشَّاعرِ:

دَعَانِيَ مِنْ نَجْدٍ فإِنَّ سِنِينَهُ … لَعِبْنَ بِنَا شِيباً وَشَيّبْنَنَا مُرْدَا

حيثُ أُجري سنينَ مجرى حينَ في الإعرابِ بالحركاتِ والتزامِ النُّونِ معَ الإضافةِ، ولوْ لمْ يجعلِ الإعرابَ بالحركةِ على نونِ الجمعِ لحذفَ النُّونَ وقالَ: فإنَّ سنيهِ.

وهذهِ لغةُ بني عامرٍ، فإنَّهُمْ يُعربونَ المعتلَّ اللَّامِ بالحركاتِ في النُّونِ كما في غِسلينٍ، ويقولونَ: هذهِ سنينٌ، ورأيْتَ سنيناً، وأقمْتُ بسنينٍ، وعلى هذا ما جاءَ في قولِهِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: «اللَّهمَّ اجعلْهَا عليهِمْ سنيناً كسنينِ يُوسفَ».

وتميمٌ أيضاً يجعلونَ الإعرابَ في النُّونِ ولكنْ لا ينوِّنونَهَا، فيقولونَ: سنينُ وسنينَ وسنينِ، ولا تَسقطُ النُّونُ ههُنا ولوْ عندَ الإضافةِ؛ لأنَّهَا نزلَتْ منزلةَ نونِ مسكينٍ.

وإنَّما اختصَّ هذا النوعُ بهذهِ المعاملةِ لخلوِّهِ مِنْ شروطِ جمعِ التَّصحيحِ ولشبهِهِ بالتَّكسيرِ في عدمِ سلامةِ نظمِ واحدِهِ.

القاعدةُ المستنبطةُ

-علامةُ رفعِ جمعِ المذكَّرِ السَّالمِ الواوُ، وعلامةُ نصبِهِ وجرِّه الياءُ.

-يلحقُ بجمعِ المذَّكَّرِ السَّالمِ ألفاظُ العقودِ مِنْ عشرينَ إلى تسعينَ، وكذلِكَ أهلونَ وعالَمونَ وأُولو وعِلِّيُّونَ وأرضونَ وسِنونَ.

-الألفاظُ مثلُ (عزينَ وسنينَ ومئينَ) قدْ تُستعملُ استعمالَ (حينَ) فتعربُ بالحركاتِ، وهيَ لغةٌ ثانيةٌ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى